خلال الأيام الماضية حرصت على متابعة المواقع الإخبارية (الجنوبية) والصفحات الشخصية لشباب الحراك الجنوبي في مواقع التواصل الاجتماعي، غداة تنظيم الاعتصام المفتوح في حي خور مكسر، ودخلت مع بعض الشباب في مناقشات مفتوحة تعرضت خلالها لشتائم سوقية تدل على ولادة ثقافة سياسية منحطة وعنصرية، كان أقلها بذاءة (أنت مستوطن دحباشي من أتباع عبدالفتاح إسماعيل، لا يجوز لك ولأمثالك التدخل في الشؤون الداخلية للجنوبيين)!! وخلال الأيام الثلاثة الماضية، لاحظت أن صفحات شباب الحراك الجنوبي على مواقع التواصل الاجتماعي تركت كل القضايا والهموم والتحديات التي تواجه الوطن شمالا وجنوبا، وانشغلت بشكل متزامن وبصورة تثير الريبة بالحديث عن غزو مفترض يستعد له جيش (أنصار الله) العرمرم باتجاه الجنوب!!. والحال أن انشغال شباب الحراك الجنوبي بمناقشة ما يسمى خطر (الغزو المحتمل للجنوب من قبل أنصار الله في الشمال) يتزامن مع تداول معلومات عن مخطط يجري الإعداد له من قبل دواعش حزب التجمع اليمني للإصلاح، وبقايا مراكز القوى التي تساقطت قلاعها ومعاقلها وأنفاقها وسجونها وقصورها في صنعاء يوم 21 سبتمبر التاريخي، ثم قررت (الهجرة) إلى الجنوب، تمهيدا لإقامة دويلات إسلامية في ثلاث مناطق، وإعلان انضمامها لاحقا إلى دولة الخلافة الإسلامية، وصولا إلى مبايعة أبي بكر البغدادي الحسيني القرشي الداعشي خليفة للمسلمين!! لا يجوز تعميم مقدمة هذا المقال على جميع شباب الحراك الجنوبي السلمي، لأن ثمة شباباً يتحلى بالموضوعية وعفة اللسان ويستحق الاحترام والتقدير، ومن بين هؤلاء المهندس والصحفي الشاب باسم محمد الشعيبي الذي ناقشته مساء أمس الأول الجمعة في صفحته الشخصية على (فيس بوك)، علما بأن المذكور ليس مهندساً يمارس الصحافة كما هو حال المهندس الزراعي عبدالله صعتر الذي ترك مهنة الهندسة الزراعية، وانتقل لممارسة الغواية والشعوذة وركوب الحمير، بل هو خريج جامعي يحمل شهادتي بكالوريوس في الهندسة والصحافة، ويمارس المهنتين معاً. قلت لباسم الشعيبي: لا تأكلوا الطعم بسهولة، لأنهم يمارسون معكم الخداع الاستراتيجي بنشر أنباء تزعم أن (أنصار الله) يخططون للزحف المسلح إلى عدن حتى يغضوا الأنظار عن مخططاتهم الخطيرة، ويشغلوا أبناء الجنوب بالحديث عن غزو مفترض سيقوم به (أنصار الله) للجنوب، فيما يسرفون في ممارسة التضليل والخداع، بهدف تحويل اهتمامات اللواء محمود الصبيحي قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، من ملاحقة الإرهاب في الجنوب، إلى محاربة (جيوش أنصار الله المجنزرة التي تزحف على تعز وباب المندب)!! مع الأسف الشديد لا يناقش شباب الحراك الجنوبي خطر تواجد وتحركات دواعش القاعدة في العديد من المناطق الجنوبية. ولا أحد تحليلا معمقا من قبل الحراك الجنوبي لظاهرة (هجرة) فروع حزب الإصلاح ودواعشه في الجنوب إلى القضية الجنوبية، ومزاحمة الحراك الجنوبي في رفع راياتها وتبني مطالبها، والدعوة لاستعادة دولة الجنوب، غير عبارة (كلنا جنوبيون) و(ليس من حقكم أيها الدحابشة التدخل في شؤوننا الداخلية)!! لم يعد سراً تزايد تجمعات وثكنات دواعش القاعدة في سيئون وشبام والقطن والشحر وعزان والمحفد وجبال المراقشة وبيت عياض والوهط والعماد وإنماء وأبو حربة وخور مكسر والممدارة والحسوة، بعد أن ألحق أنصار الله ورجال القبائل المناصرة لهم الهزيمة بمقاتلي (القاعدة) ودواعشها في بعض مناطق عمران و الجوف والبيضاء وإب. ومما له دلالة أن تتجه فلول الدواعش نحو الجنوب على إثر انسحابها من الجوف وأرحب والمناسح وقيفة ورداع ويريم والرضمة والسياني. لا شك في أن العالم لن يسمح باستيلاء الدواعش على عدن ومدن وقرى ساحلية في الجنوب، مقابل نجاح أنصار الله في دحر الدواعش من الشمال، بعد أن عجز الجيش الذي تم تفكيكه واختراقه عن ذلك، بسبب وجود جيش موازٍ يرعى الإرهاب بقيادة الجنرال الهارب علي محسن الأحمر.. ولم يتمكن أحد من الاقتراب من ثكنات هذا الجنرال / وملاحقة الدواعش غير (أنصار الله)، وهذه الحقيقة أدركها الأميركيون بصرف النظر عن شعار الصرخة الذي يهتف بالموت لأميركا!! قلت للمهندس والصحفي بسام الشعيبي: لن يسمح العالم بسقوط مدينة عدن وبقية مدن حضرموت ومدن الجنوب في أيدي الدواعش.. لكنهم لن يكرروا في الجنوب تجربة التحالف الدولي الفاشلة في محاربة الدواعش في سوريا والعراق!! في هذه الحالة فقط يمكن أن يدخل (أنصار الله) مختلف مناطق الجنوب لتحريره من الدواعش، بالتنسيق مع قوى شعبية وحراكية وقبلية جنوبية، وسيحظون بمساندة السكان الجنوبيين الذين سيوفرون لهم بيئة اجتماعية حاضنة يفتقدونها في الجنوب، بعد أن يكون المواطنون الجنوبيون قد ذاقوا الويلات من دولة داعش التي يجري التخطيط لإقامتها في ما يسمى (الجنوب السني)!!! تأسيسا على ما تقدم يتوجب على شباب الحراك الجنوبي تركيز الاهتمام على خطر سقوط الحنوب بيد (القاعدة) ودواعشها، لا بيد حركة (أنصار الله)، وعليهم أن يتأملوا دلالات انكشاف الحبل السري الذي كان يربط القاعدة والأطراف التالية : 1/ الفرقة الأولى المدرعة 2/ قيادات ومشايخ حزب التجمع اليمني للإصلاح. 3/ مالك بنك سبأ الإسلامي الشيخ المليادير حميد الأحمر. 4 /القادة العسكريون الجنوبيون المشاركون في حرب 1994، والذين أشرفوا بعد الحرب على توطين المتطرفين في أبين وشبوة ولحج. 5 / بقايا مراكز القوى التي سقطت يوم 21 سبتمبر 2014. وبعد ذلك أرجو أن يجيب شباب الحراك الجنوبي عن السؤال الحيوي التالي : ما ذا يعني الانضمام الجماعي والمفاجئ لفروع حزب التجمع اليمني للإصلاح في مختلف المحافظات الجنوبية إلى الحراك الجنوبي وتبني مطالبه ورفع العلم الجنوبي، والدعوة إلى استعادة الدولة بعد 21 سبتمبر وليس قبله؟ أرجوا عند الإجابة، أن لا يفترض أحد أنني من الناس الذين لديهم القابلية لإلغاء عقولهم تحت وهم شعار (كلنا جنوبيون)! أرجو أيضا أن لا يكون الرد على هذا السؤال امتداداً لما فعله البعض معي، عندما اتهموني بأني (مستوطن دحباشي) لا يحق لي الاهتمام بمصير عدن.. مسقط وتاج رأسي.. ولا يحق لي أيضا الاهتمام بمصير أهلنا في الجنوب!!