اليوم كنت في باص في شارع الخمسين.. كان أمامي شخص يمني في الخمسينيات من عمره تبدو عليه النظافة والهندام وكان حاملاً في يده صورة لاصقة للسفير أحمد علي عبدالله صالح.. جرّني الفضول أتكلم معه، فسألته: من أين جبت هذه الصورة يا عم؟ -من تحت الجسر يا بني! -يوزعوها وإلا اشتريتها؟ -اشتريتها الحبه بخمسين ريالا. -طيب ليش اشتريتها؟ التفت نحوي بنظرة ريبة وقال: هكذا بنحبه! ضحكت وقلت له: قصدي ايش تسوي بها؟! -باعلقها عندي في الديوان. حينها رغبت في استفزازه.. قلتله: ما قد فعل لك يا حج..؟! الناس يطرحوا صور رئيس جمهورية وأنت جيت بهذا..عاده سفير!!!! رد عليّ: أنت من حق ساحة الجامعة "مِه" صورتك منهم؟! رديت عليه: أيوووووه ونشتيكم تصلحوا الحال مش ترجعوا صور أحمد علي!! نظر لي بحسرة وقال: خربتم البلاد الله لا وفقكم. حرام اننا بنحب علي عبدالله صالح مثل أبونا وهذا "مشيراً بسبابته للصورة " رئيس من بعده..خربتوا البلاد يا جن!!.. فقلت له : وأنت ما فيش معك أولاد أو أولاد ساروا الساحة؟ -ما بش كلهم رجال.. معاهم واحد ابن عمهم إصلاحي كان معاه باص وسار الساحة وخدعوه جماعة حميد سار يحارب في "عمران" وقطعت رجله والآن راقد في البيت.. متنهداً "خيرة الله " - طيب يا حاج تبيع لي هذه الصورة بخمسمائة ريال؟ - أيش تسوي بها؟!! - أقطعها.. احنا ثوار ضد التوريث. - حرام لو اديت مليوووووووون ريال ما أبيعها لك.. أنتم علقوا صور "حميد الأزرق ".. وعندها صاح "عندك على جنب يا سوااااااااق هذا شغلنا!" المهم خرج الرجل من الباص وكان هناك شخص آخر إلى جواره واضح من الهيئة أنه إصلاحي كان يلعب بالتلفون ويستمع إلى حديثنا ساكت، وفور ما دفع الرجل حسابه وتحرك الباص قال لي بازدراء: هؤلاء هم سبب تخلف البلاد؟! عفافيش الله يقبحهم.. والله لنعمل ثورة ثانية ونوريهم!!! أدهشتني نبرة تعاليه الممزقة بين وعيده المشحون بالكراهية وتحديه المتعامي عن لوم الناس والواقع، فسألته: أنت من حق صور "حميد الأزرق"؟! قصدي من شباب الساحة؟ قال: أيوووووووه. قلت له: أخررررررس.. كنت تتكلم والرجال موجود يا "ثائر".!! على جنب يا سواق.. أنا نازل أدور الجسر واشتري صورة لأحمد علي وأعلقها في الديوان.. ثم تركت صاحبنا الساكت يعمل ثورة ثانية داخل الدباب لوحده. وفكرت بأن أنقل في مقال صورة لما حدث بنبض الناس ومن الباص، فنبض الناس دائماً يحمل الثقافة العامة التي تتشكل مع الأيام والأحداث وتشكل معها توجهات المستقبل.. فمهما كان وعي الناس قاصراً إلا أن إدراكهم يخبرهم بالكثير ويحدد مفاضلاتهم ومواقفهم بآلية متسقة معها، باستثناء أولئك الذين سلموا عقولهم لألسنة الكراهية والفتن وصموا أذانهم عن النصح ولوم الناس مغمضي أعينهم في غيبوبة الأنا والعزة بالإثم وهكذا دواليك في ثرثرة لا تعرف التعقل!.