حين تسمع كلمة "كوكبان" لن تمر هذه الكلمة دون أن تحتشد في ذهنك أسماء كثيرة لأعلام الفن وأرباب الشعر الذين جاءوا من كوكبان فأثرَوا وأثَّروا، ورفعوا من ذائقة الناس الفنية بما كتبوه وما شدَوا به. كوكبان، مدينة قريبة من السماء، ترى الغيم فيها يمشي بمحاذاتك كما لو أنه صديقك.. مدينة تكاد تكون أسطورة لشدَّة حقيقتها، ولما قيل عنها في كتب التاريخ. من كوكبان جاء الشاعر أحمد بن حسين شرف الدين الحسني الكوكباني، الشهير ب"القارة".. ومن كوكبان بزغ الشاعر محمد بن عبدالله شرف الدين يحيى الكوكباني، صاحب القصيدة الشهيرة "عليك سمُّوني وسمسموني".. ومن كوكبان جاء الفنان محمد حمود الحارثي، والفنان محمد قاسم الأخفش، وفي كوكبان كان ميلاد الفنان محمد سعد عبدالله. كوكبان، هذه المدينة الساحرة التي يفتنُك فيها كل شيء.. كانت محمية من محميات الفن، وموئلاً لنغمات الوتر، ووجهة لخيالات الشعراء.. يحكون عن كوكبان أنها كانت واحداً من ينابيع الفن، فحين يدخل أحدهم إلى مقيل كوكباني وفي يده عود، لن يندهش حين يرى أن كل المتواجدين في هذا المقيل يتداولون العود ويعزفون عليه، صغاراً وكباراً. أذهب إلى كوكبان، باستمرار، كلَّما احتجتُ أن أملأ رئتيَّ بهواء جديد، وأعبِّئ روحي بذكريات أعرفها، رغم أنني لم أعشها.. قبل شهرين ذهبتُ في زيارة لكوكبان.. توقفتُ على مدخل الحصن، تلفَّتُّ يميناً وشمالاً أبحث عن كوكبان التي قرأت عنها فلم أجدها. أين ذهبت كوكبان!! كأنها تعرَّضت لإبادة جماعية، فحلَّ فيها أناس لا يحملون جينات الفن، أو كأنها أصيبت بفيروس التغريب الذي يقضي على كل شيء جميل!!