في أول رد على المبادرة الأمريكية أعلن المجلس السياسي الأعلى استعداده للتعامل الإيجابي مع أية مبادرة تقوم على أساس الحل الشامل غير المجزأ، فيما أكد السفير الأمريكي لدى بلادنا ماثيو تولر أن مبادرة بلاده مدعومة من دول مجلس التعاون الخليجي بما تتضمنه من قناعة بأن الحل سياسي يبدأ بالشق السياسي أولاً من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية، الأمر الذي يتماهى مع رؤية الوفد الوطني في مشاورات الكويت. وقال المجلس السياسي الأعلى خلال اجتماعه الأسبوعي أمس في القصر الجمهوري بالعاصمة صنعاء برئاسة صالح الصماد، إنه سيتعامل بإيجابية مع أية مبادرات تقوم على أساس الوقف الشامل للعدوان ورفع الحصار الجائر على الشعب اليمني وتحقيق السلام المنشود. وأعلن وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، عقب اجتماعه مع وزراء خارجية التعاون الخليجي في جدة، الخميس، ما أسماها (خارطة طريق لحل الأزمة اليمنية) مصحوبة بتهديد للجانب اليمني. وبالرغم أن المبادرة لا تزال غامضة كون تفاصيلها لم تعلن بعد، إلا أن (كيري) ميّز مبادرته عن مبادرة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بتقديم الشق السياسي على الأمني، والإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأن يكون تسليم السلاح الثقيل لطرف ثالث. من جانبه جدد السفير الأمريكي لدى بلادنا ماثيو تولر في حوار مع صحيفة الشرق الأوسط، قناعة بلاده في أن الحل العسكري في اليمن غير ممكن، وأنه لا بد من تشكيل حكومة وحدة وطنية كخطوة أولى لا بد منها للحل.. وفي رد على سؤال الصحيفة عن وجود فيتو أمريكي، أمام قوات (الشرعية) –حسب توصيف الصحيفة- على دخول واقتحام العاصمة صنعاء، قال تولر: "ليس هناك حل عسكري للصراع اليمني سوى التسوية السياسية التي تتوافق بشأنها جميع الأطراف والتي يمكنها أن تحقق السلام والاستقرار". وحول الإعلان عن المجلس السياسي الأعلى في صنعاء وما إذا كان أتى نتيجة لضوء أخضر من دول معينة قال السفير الأمريكي: "حتماً لم يكن هناك ضوء أخضر من الولاياتالمتحدة، ومن شركائنا في مجموعة ال18 لأن بياننا ضد تشكيل اللجنة السياسية العليا كان واضحاً". وعن إمكانية التدخل الروسي قال إن روسيا عضو في مجموعة ال18 وبياناتها تدعم الحل السلمي للصراع في اليمن، ولم نر أي علامات لتدخل عسكري روسي في اليمن. وفي سؤال آخر عن خيارات المجتمع الدولي فيما إذا استمر الحوثيون وصالح –حسب توصيف الصحيفة- في رفضهم للانسحاب من المدن أو تسليم الأسلحة الثقيلة، كرر تولر نفس الإجابة عن السؤال الأول ولكن بوضوح أكثر، مؤكداً أن الحل يبدأ بتشكيل الحكومة أولاً.. قائلاً: "الوسيلة الوحيدة لإنهاء الصراع هي عبر المفاوضات التي تنهي القتال، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وينتج من ذلك انسحاب المليشيات من المدن الرئيسية وتسليم الأسلحة الثقيلة، ولدينا خريطة طريق بموجب مقترح المبعوث الأممي الخاص للأمم المتحدة مدعومة من دول مجلس التعاون الخليجي بتاريخ 25 أغسطس". وعن خطر القاعدة في اليمن قال تولر "تبقى القاعدة في شبه الجزيرة العربية تشكل تهديداً على المواطنين اليمنيين العاديين" وفي رده على سؤال حول حساسية جنوباليمن وكيف يمكن للغرب أن يضمن وحدة اليمن قال السفير الأمريكي: "الولاياتالمتحدة، مع شركائها في مجموعة ال18، ملتزمة بقوة بمساعدة اليمنيين في إنهاء الصراع عبر المفاوضات الهادفة إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل أقاليم اليمن كافة بما في ذلك الجنوب، وإننا نؤمن بقوة باليمن الموحد كأفضل ضمان للسلام، والازدهار للشعب اليمني". وبالنظر في النص الكامل للحوار مع السفير الأمريكي الذي نشرته السفارة الأمريكية على موقعها يتضح حذف صحيفة الشرق الأوسط سؤالين يخصان المجلس السياسي الأعلى ومستقبل الزعيم علي عبدالله صالح والوحدة اليمنية، وعلى النحو التالي: السؤال الأول: البعض يعتبر اللجنة العسكرية العليا التي شكلها الحوثيون وصالح بمثابة الإعلان عن الانفصال، هل تتوقعون انقسام البلاد. السفير الأمريكي: إننا نعتقد بأنه إذا عمل اليمنيون معاً في العملية التي اقترحتها الأممالمتحدة فإنه بالإمكان إيجاد حل شامل ومستقر يلبي مطالب كل اليمنيين، ونتوقع أن يبقى اليمن موحداً. السؤال الثاني: هل لدى علي عبدالله صالح مستقبل في اليمن؟ السفير الأمريكي: هذا أمر يقرره الشعب اليمني. وفيما يرى سياسيون أن مبادرة (كيري) تخص (إنقاذ المملكة) وإخراجها من مستنقع اليمن، بعد أن تمددت النار إلى عقر دارها، وأن ثمة محاذير كثيرة تكتنف التعاطي مع هذه المبادرة المسنودة خليجياً وأممياً، إلا أن هذا التحرك الأمريكي- البريطاني، ينم في مجمله عن قناعة تشكلت لدى المجتمع الدولي بخصوص رؤية الوفد الوطني المطروحة على طاولة مشاورات الكويت المتمسك ب(الحل الشامل) والذي يبدأ بتشكيل سلطة تنفيذية بشقيها الرئاسي والحكومي تتولى الإشراف على بقية الإجراءات الأمنية والعسكرية بما فيها تسليم السلاح وانسحاب كافة المليشيات من المدن. وأكد السياسي اليمني الدكتور صالح باصرة أن خطة (كيري) تحمل جوانب إيجابية، منها تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع وتقديمه الخيار السياسي على الخيار العسكري واستلام الأسلحة. وقال باصرة في تصريحات ل»السياسة» الكويتية في عددها الصادر أمس إنه «مع ذلك كان يفترض على خطة كيري أن تشدد على احترام السيادة من الطرفين اليمني والسعودي معاً وليس من الطرف اليمني فقط لتحقيق سلام دائم بين البلدين، على اعتبار أن أمن السعودية وأمن اليمن هو خير لهما واليمن عمق استراتيجي للسعودية والعكس صحيح». كما أن عليه –كيري- أن يضع التوصيف الحقيقي لأطراف الحرب؛ أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام وحلفائهم، من جهة والقوات الموالية لعبدربه منصور هادي وحلفائه من جهة أخرى، لا أن يحصرها بين الحوثيين وهادي، وكأنها حرب طائفية. واعتبر أن خطة كيري تمثل مخرجاً لجميع الأطراف من هذه الحرب، كما أنها تمثل مخرجاً للأزمة التي وصلت إليها العلاقات اليمنية – السعودية، معتبراً استمرار الحرب وتمددها إلى الحدود بين اليمن والسعودية يعد بمثابة تهديد لاتفاقية الحدود الموقعة بين البلدين في العام 2000. وأشار إلى أن أي اتفاقية حدود إذا لم تكن محمية بسلام مشترك بين الطرفين فستكون مهددة بالسقوط في أي لحظة، خاصة أن جماعة الحوثي صارت تتحدث عما تسميه ب»تحرير الأرض» وليس عن اشتباكات على الحدود. وشدد باصرة على ضرورة نزع السلاح من جميع الأطراف وليس من طرف واحد كما جاء في خطة كيري، متسائلاً «لا أدري هل الأميركيون يريدون مساعدة اليمن فعلا وإعادة بنائه وبناء جيشه من جديد أم يريدون يمناً منزوع السلاح من دون جيش؟ فلا يمكن ليمني أياً كان أن يقبل بدولة من دون سلاح». اجتماع المجلس السياسي الأعلى تطرق أيضاً إلى الإجراءات اللازمة لتشكيل الحكومة في القريب العاجل، كما استعرض التقرير السياسي المتعلق بالتطورات السياسية المحلية والإقليمية والدولية وانعكاساتها على القضية اليمنية ومسار العدوان والحصار على اليمن. وناقش المجلس عدداً من القضايا المطروحة على جدول أعماله وتقرير الحالة العسكرية والأمنية وتطورات العدوان والمجازر المرتكبة بحق المدنيين واستهداف البنية التحتية في مختلف محافظات الجمهورية. واستمع المجلس من اللجنة المكلفة من عضوي المجلس جابر عبد الله الوهباني ومحمد صالح النعيمي بالتنسيق مع مجلس النواب إلى تقرير عن نتائج حضورهما جلسة رؤساء الكتل البرلمانية للأحزاب والتنظيمات السياسية الممثلة في مجلس النواب، ولقائهما بأعضاء المجلس وهيئة رئاسة المجلس لتعزيز التنسيق والتشاور بين المجلس السياسي الأعلى ومجلس النواب في القضايا الوطنية الملحة ومواجهة العدوان على كافة المستويات. كما وقف المجلس أمام برنامج عمل اللجنة المكلفة بالتنسيق مع مجلس الشورى وأقرّه، واطلع على تقرير اللجنة المشكلة بشأن إعداد مهام وآليات عمل اللجان المتخصصة في المجلس وناقش المجلس التقرير الخاص بوضع أُسر الشهداء والجرحى والمعالجات المقترحة بشأنهم وأقر استمرار مناقشته في الجلسات القادمة، كما استعرض التقرير الخاص بالقرارات الصادرة عن المجلس والتقارير المعروضة على المجلس من مكتب رئاسة الجمهورية والمحالة من عدد من الجهات الرسمية. وقدم مدير مكتب رئاسة الجمهورية محمود الجنيد في الاجتماع خلاصة التقرير الاقتصادي وتقييم الحالة الاقتصادية وما اتخذ من تدابير في مواجهة العدوان الاقتصادي والآثار المترتبة عنه.