بضع دقائق هي عمر الزيارة الخاطفة التي قام بها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ الساعة الرابعة عصر أمس إلى الصالة الكبرى في العاصمة صنعاء للاطلاع على آثار المجزرة التي ارتكبها العدوان السعودي بقصفه مجلس عزاء آل الرويشان والتي نتج عنها استشهاد أكثر من 140 وإصابة نحو 700 مواطن. ولد الشيخ الذي بدا أنه في عجلة من أمره قام بالدخول إلى فناء القاعة الكبرى محاطاً بكوكبة مرافقيه، وكان في استقباله عضوا الوفد الوطني الدكتور عبدالله أبو حورية والمهندس عايش الشميري، اللذان قدما معلومات كاملة حول استهداف طيران العدوان السعودي للقاعة وهي مكتظة بالمعزين عصر السبت الموافق 8 أكتوبر الجاري. وأمام المشهد المروع للدمار والخراب الحاصل في القاعة والذي يعكس مدى الجرم الكبير الذي ارتكبه طيران تحالف العدوان، وقف ولد الشيخ في أطراف الدور الأول للصالة قرابة الدقيقتين دون أن يسمح لقدمه بالولوج بضعة سنتيمترات إلى داخل المبنى، رغم طلب مستقبليه منه ذلك، إلا أنه قال: "نبدأ بالدور الثاني". في الدور الثاني تقدم المبعوث الأممي مدخل المكان الذي استهدفته صواريخ العدوان ووقف للحظات يشاهد آثار الدمار الذي خلفه القصف الجوي، ثم التفت مولياً دبره، فيما أصوات مستقبليه والصحفيين والإعلاميين تطالبه بالتقدم إلى مكان الفتحات التي أحدثتها صواريخ العدوان من الدور الثاني إلى الدول الأول، غير أنه لم يبال بأي من تلك الأصوات، ومضى مسرعاً نحو سيارته والموكب الذي ينتظره رافضاً الحديث بأي كلمة مع الصحفيين والإعلاميين، حتى أن بعض الصحفيين وقفوا أمام سيارته مطالبين الإدلاء بتصريح إعلامي حول الزيارة، إلا أن مرافقيه تكفلوا بإبعادهم وإفساح الطريق له للمغادرة. ولم تمر سوى لحظات وفيما كان غبار وفد المبعوث الأممي لا يزال محلقاً في السماء، كانت طائرات العدوان السعودي تمر فوق المكان. يذكر بأن ولد الشيخ الذي وصل إلى العاصمة صنعاء، أمس الأول، لم يصدر عنه أي بيان إدانة حول مجزرة القاعة الكبرى منذ ارتكاب العدوان لها، وفوق ذلك عمل على عرقلة تشكيل لجنة تحقيق دولية في هذه المجزرة، من خلال مطالبته دول العدوان بسرعة إظهار نتائج التحقيقات من لجنة تحقيق دول تحالف العدوان ، في محاولة منه لإضفاء صفة شرعية لتلك اللجنة. من جانبه قال عضو الوفد الوطني الدكتور عبدالله أبو حورية في تصريح ل"اليمن اليوم" ووسائل الإعلام الأخرى: "إن زيارة المبعوث الأممي للصالة التي شهدت جريمة كبرى بكل ما تعنيه الكلمة جاءت بهدف أن يرى حجم الجرم وحجم الاستهداف للإنسان اليمني، وحجم المأساة التي ارتكبها العدوان السعودي وحلفاؤه، باستهدافه مواطنين عزل وقصفه لمجلس عزاء معلن في مكان معلن يضم الأطفال والشيوخ والشباب، كما يتواجد فيه عدد كبير من الشخصيات الاجتماعية الذين قدموا لتعزية آل الرويشان واستهدفهم الطيران عدواناً ليس لمرة واحدة بل استهدفهم للمرة الثانية والثالثة والرابعة وهذا يخالف كل الأعراف والقوانين الدولية". وأضاف أبو حورية: "نعلم أن الأممالمتحدة تعرف حجم الجرائم ونتمنى أن يكون لها موقف قوي بعد هذه الزيارة"، لافتاً إلى أن ولد الشيخ قال خلال الزيارة " إن الكلام لا يستطيع أن يعبر عن حجم الجريمة التي رآها بأم عينيه". وأشار عضو الوفد الوطني الدكتور أبو حورية، إلى أن هذه الجريمة البشرية التي استهدفت الإنسان اليمني، هي عنوان لعشرات الجرائم والمجازر الجماعية التي حصلت في الحديدة وتعز وصعدة وحجة وفي ذمار وغيرها من محافظات الجمهورية. لافتاً إلى أن جريمة الصالة الكبرى لأنها طفت على السطح لم يستطع العدوان أن يغطي عين الشمس عليها ولكن كل الجرائم مشهودة وموثقة، واليوم وصول مبعوث الأممالمتحدة كإدانة لهذا الجانب"، مختتما تصريحه بالقول: "ثقتنا ليست في أحد قبل أن تكون في شعبنا وجيشنا ولجاننا الشعبية، نحن مع الصمود ومع مزيد من التلاحم الوطني والشعبي أمام هذا العدوان، وصمودنا في الميدان هو ما يقوي الوفد التفاوضي على طاولة المفاوضات، لكننا نريد أن نوصل للعالم صلف وعنجهية هذا العدوان المتغطرس". وفي السياق أكدت عضو الوفد الوطني الأستاذة فائقة السيد، التي وصلت لحظة مغادرته أن زيارة إسماعيل ولد الشيخ إلى الصالة الكبرى خطوة إيجابية وتعبير منه عن تضامنه مع أُسر الشهداء والجرحى، متمنية على الأممالمتحدة اتخاذ موقف قوي بعد هذه الزيارة. في إطار نفذوا وقفة احتجاجية أمام مقر إقامته أهالي ضحايا الصالة الكبرى يحمّلون المبعوث الأممي رسالة عاجلة لمجلس الأمن والأممالمتحدة وكان عشرات المواطنين من أهالي وأقارب ضحايا مجزرة القاعة الكبرى نفذوا صباح أمس وقفة احتجاجية أمام مقر إقامة المبعوث إسماعيل ولد الشيخ أحمد في شيراتون. وطالبت الوقفة من المبعوث الأممي حمل رسالتهم وإيصالها إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي، والتي أكدوا من خلالها أن العدوان السعودي استغل صمت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية للقيام بارتكاب أبشع الجرائم منتهكا بذلك كل التشريعات والمعاهدات وميثاق الأممالمتحدة والقانون الإنساني الدولي. وأكدت الرسالة أن جسامة الجرائم التي يرتكبها الكيان السعودي وحلفاؤه منذ بدء عدوانه على بلادنا أرضا وإنسانا لا تخفى على المنظمات الدولية، وأن جريمة الصالة الكبرى لم تراع حرمات وحياة المدنيين الأبرياء. وأوضحت أن استهداف العدوان للصالة الكبرى أسفر عن سقوط أكثر من 140 شهيدا بعضهم تفحمت جثثهم ولم يتم التعرف على عدد منها، وآخرون لم يتبق من أجسادهم إلا الأشلاء ويحتاج التعرف عليهم إلى إجراء فحص الحمض النووي غير المتوافر في اليمن، فيما ينازع نحو 700 جريح بين الحياة والموت ولم يسعف منهم إلا عدد قليل إلى سلطنة عمان. وأكد أهالي الضحايا رفضهم المطلق ورفض الشعب اليمني بكامله أن تتولى المملكة السعودية علاج أي جريح يمني أصيب بصواريخ عدوانها الغاشم، وأن اليمنيين قادرون على علاج جرحاهم في حال رفعت الأممالمتحدة الحظر المفروض على مطار صنعاء الدولي. وطالبت الرسالة الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي برفع الحصار وفتح الأجواء اليمنية والمطارات والموانئ من أجل سرعة نقل الجرحى للعلاج في الخارج، وإصدار قرار بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في جريمة الصالة الكبرى وغيرها من جرائم العدوان التي استهدفت المآتم والأعراس في العديد من المحافظاتاليمنية، وإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بإحالة هذه الجريمة وجميع جرائم العدوان السعودي وحلفائه إلى محكمة الجنايات الدولية أو تشكيل محكمة جنائية خاصة. وفي تصريح ل"اليمن اليوم" أكد المحامي محمد المسوري مطالبة الرسالة المرفوعة للأمم المتحدة ومجلس الأمن عبر المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد، مجلس الأمن سرعة إصدار قرار فوري يوقف العدوان على اليمن ويرفع الحصار البري والبحري والجوي وتقديم التعاون اللازم لإجراء فحص الحمض النووي "DNA" للجثث المتفحمة المجهولة والأشلاء الخاصة بالمفقودين ليتمكن ذووهم من تحديد هوياتهم. وأعرب عن أمل أهالي الضحايا والجرحى بأن تجد مطالبهم هذه من يستجيب لها خاصة وأنها تستند إلى مبادئ ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي بكافة فروعه وتعد من الطلبات الواجب تنفيذها خاصة وأن ذلك سيؤدي إلى حقن الدماء وتفادي مالا يحمد عقباه.