ارتسمت علامة الاستغراب على وجه ابني وهو يقول لي: تحدثني يا أبي عن الزعيم فيدل كاسترو وكأنكما أصدقاء؛ ابتسمت وقلت له: لو كنت قرأت رواية "داغستان بلدي" للشاعر والروائي الكبير (رسول حمزاتوف) لوجدت فيها أنه قال: "الشُعراء أصدقاء، وإن لم يتعارفوا"، قال: "وهل كان كاسترو شاعراً؟ قلت له إن كاسترو والزعيم الأممي الراحل ماوتسي تونغ من الشعراء الذين وجهوا مسار التاريخ، وجمعوا بين الكلمة وبندقية النضال.. كاسترو كان شاعراً وحفَّاظة، فقط حفظ من صغره الكثير من التراث الشعري الكوبي والأمريكي اللاتيني، وهذا ما ساعده على إثراء لغته وأن يكون الخطيب الأول في العالم، لقد دخل موسوعة غينيس مرتين، عندما ألقى خطاباً أمام أنصاره استمر سبع ساعات، وعندما ألقى خطاباً في الأممالمتحدة استمر أربع ساعات، وكان كاتباً بارعاً، وقد ترك في أرشيفه الخاص ما لا يُحصى من المذكرات الصغيرة المكتوبة بخطه، حيث كان يمارس الكتابة حتى وهو على سيارته.. كان كاسترو يريد أن يكون كاتباً محترفاً، فهو القائل: "إنني أود -في حياتي الأخرى- أن أصبح كاتباً".. وبعد وقفة قصيرة قلت له: سأهديك يا ابني كتاباً قرأته وأنا تلميذ في المدرسة الإعدادية اسمه (ثورة كوبا) يحوي أهم خطابات كاسترو.. وستعرف كاسترو الخطيب والثائر والمثقف.. وقبل أن يسألني بادرته بسؤال يقول: ماذا تعرف عن خليج الخنازير؟ فأجاب قرأت في النت أنها معركة وقعت في ذلك الخليج عام 1961م عندما غزت أمريكاكوبا، وكان النصر لكوبا كاسترو؛ قلت له هل تعلم أن مملكة بني سعود كان بإمكانها أن تستفيد من تلك الغزوة الأمريكية والاعتداء على كوبا، في عدوانها الحالي على اليمن؟.. قال باستغراب كيف؟!! قلت له: بعد فرار الرئيس الكوبي (باتيستا) إلى سيدته أمريكا بعد أن أسقطته الثورة الكوبية بقيادة كاسترو في العام 1959م، تبعه عدد كبير من أذنابه وعملاء أمريكا، بعد ذلك قام هؤلاء العملاء بإيهام أمريكا أن باستطاعتهم إسقاط ثورة ونظام كاسترو خلال أسابيع إذا ما ساعدتهم في غزو كوبا من البحر، وأن لهم جماهير وأتباعا سيتحركون من الداخل لمناصرتهم، فاستحسن الأمريكيون ذلك وقاموا بتجنيد المئات من العملاء الكوبيين الفارين وتدريبهم وتسليحهم (1400) ورأى الأمريكيون أن لا ضير من تلك الغزوة التي إن نجحت كان بها، وإن فشلت كان معظم قتلاها من المرتزقة والعملاء الكوبيين، وتم تنفيذ العملية إلَّا أن الهزيمة كانت في انتظار أمريكا، كما كان الهلاك في انتظار عملائها، فتراجع الأمريكيون من خليج الخنازير -بمن بقي من خنازيرهم- ولم يعاودوا غزو كوبا مرة أخرى.. فهل أنت معي يا بني، إنه كان من الأحرى ببني سعود أن يستفيدوا من سيدتهم أمريكا، بعد أن صدقوا عملاءهم ومرتزقتهم أن عدوانها على اليمن ما هو إلَّا لأسابيع وتسقط صنعاء، وكذلك عندما صوروا لها أن غزو اليمن من ساحل ميدي أو المخا أسهل من طريق الجبال، فما جنوا إلَّا الهزائم والهلاك، لماذا لا يتعظون من سيدتهم فيسحبون ما تبقى من خنازيرهم، يبدو أن حقد بني سعود على اليمن وثورته أكثر من حقد أمريكا على كوبا وثورتها، ويبدو أيضاً أن أمريكا أكثر حرصاً على عملائها عكس السعودية التي تدفع بعملائها إلى الهلاك المحقق حتى ينقرضوا.