تناقض حوثي مفضوح حول مصير قحطان    لم يتم العثور عليه حتى الآن.. أنباء عن سماع دوي انفجار ودخان في موقع حادث مروحية الرئيس الإيراني وتركيا تتدخل    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    بعد قلق وتريث .. اول ردود الحوثيين على حادثة سقوط طائرة الرئيس الإيراني ورفاقه    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    الوزير الزعوري يتفقد سير العمل بمشروع إعادة تأهيل شوارع ومداخل مستشفى المعاقين ومركز العلاج الطبيعي عدن    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    - البرلماني حاشد يتحدث عن قطع جوازه في نصف ساعة وحرارة استقبال النائب العزي وسيارة الوزير هشام    قيادات الدولة تُعزي رئيس برلمانية الإصلاح النائب عبدالرزاق الهجري في وفاة والده    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وفاة وإصابة عشرة أشخاص من أسرة واحدة بحادث مروري بمأرب    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رددي أيتها الدنيا نشيدي!!
نشر في يمن فويس يوم 13 - 10 - 2015

بنبرة تباهٍ يتذكر مهدي عبدالملك العديني تفاصيل حفلة غنائية أحياها الفنان الكبير أيوب طارش مع بداية ثماننيات القرن المنصرم في الاستاد الرياضي لمدينة الدمام السعودية، حضرها معظم المغتربين اليمنيين هناك، وكانت أنشودة «رددي أيتها الدنيا نشيدي» مطلباً ملحاً لجماهير الحفل، وعلى الرغم من تحججه بأن ذلك النشيد يحتاج لفرقة متكاملة إلا أن الإصرار على سماعه لم يتوقف، غنى حينها أيوب النشيد مقترحاً تفاعل الجميع، مهدي لم يخف تأثره، ولم يتمالك نفسه، هب واقفاً مردداً كلمات ذلك النشيد بحماس، وكذلك فعل الآخرون.
صاغ شاعر اليمن الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان «الفضول» كلماته منتصف سبعينيات القرن الفائت، فيما أيوب ضالته غائب عنه في قاهرة المعز يدرس الموسيقى، لا يحمل معه من مآثر شاعره غير «طير مالك والبكاء خلي البكاء لي»، وهي الفترة التي سرب فيها «الفضول» نصوصاً من بعض أشعاره الغنائية لأكثر من فنان، ليعوض غياب أيوب، ولكن دون فائدة، فأيوب معجزة فنية لا تتكرر.
عاد أيوب «1977»، وفي مقيل حضره بصنعاء بمنزل نائب الرئيس أحمد الغشمي، وجد ولأول مرة نص القصيدة، فقد سبق وأن سلمها «الفضول» لقيادة المظلات قبل حوالي عامين من ذلك اللقاء، ليتولوا بدورهم التواصل مع أي فنان يختارونه ليلحنها ويقدمها في العيد المقبل لثورة سبتمبر، وحسب حديث ل «أيوب» فإن القصيدة سلمت له في ذلك المقيل، ومن أول كلمة تفاعل معها، وباشر في تلحينها، مسابقاً الزمن ومواصلاً الليل بالنهار، وما هي إلا أيام قلائل حتى توصل إلى ذلك اللحن المُعجزة.
وثمة حكاية فريدة حصلت أثناء مراسم التلحين، يرددها أيوب كثيراً، ففي ليلة حالمة وجد صعوبة في تلحين مقطع «في خطى الواثق تمشي قدمي»، فسياق كلماته أكبر من سياق باقي مقاطع القصيدة، أنهكه التعب ونام؛ ومع أحلامه وخياله الموسيقي استمر يدندن إلى أن وصل إلى مبتغاه، استيقظ لتسجيل لحن ذلك المقطع، وبذلك أكتمل لحن ذلك النشيد.
يقول أيوب: القصيدة كانت تتكلم عن نفسها، وأروع ما في قصائد «الفضول» أنها تبدأ بالقمة وتنتهي بالقمة، وحينما أؤديها أشعر أنها تمدني بشيء روحي، فالقصيدة عبارة عن بناء مركب متماسك، ليس فيها أي تكلف أو حشر للمعاني، و«الفضول» كان يشدني إلى الطابع اليمني الأصيل، لقد صنع مني رحمه الله فناناً يعرف ماذا ومتى يُغني.
كانت هناك عديد محاولات لتلحين قصيدة «رددي» لأكثر من فنان، ك «أحمد قاسم، محمد عطروش، أحمد السنيدار» الأخير هو الأبرز، فقد سلمت له القصيدة من قيادة المظلات قبل أيوب، لكنه تأخر في تلحينها، ومع بدء العد التنازلي للحفل السبتمبري، فاجأ السنيدار المعنيين بتلحينها، واعتبر أنه الأحق والأولى بتقديمها، غير أن «الفضول» حسم الخلاف، مفضلاً لحن أيوب المميز بإيقاعاته السريعة، المنسجمة وسياق الكلمات.
ولإرضاء السنيدار وحتى لا يذهب لحنه سُدى، تدخل صديقه الشاعر حسن اللوزي وكتب على سياق قصيدة «رددي» قصيدة أخرى، ركب السنيدار لحنه عليها، فكانت أنشودة «أسعدي يا أرض بلقيس الجميلة».
أما الموسيقار أحمد قاسم فقد وضع للقصيدة لحن «أوركسترالي»، وهو الآخر لم يُعجب «الفضول»، ولهذا السبب لم يرى النور، وما زال بعض عشاق الموسيقار الراحل يحتفظون بتسجيل نادر له.
صدح أيوب بذلك النشيد لأول مرة في قاعة «المنتزه» بمدينة تعز، في حفلٍ حضره الرئيس الحمدي الذي أعجب به أيما إعجاب، لتتوقف إذاعة صنعاء عن بثه عبر أثيرها، بطلب من السفارة السعودية؛ التي ربما أزعجتها كلمتي «أمميا ووصيا»، وربما لمآرب سياسية أخرى؛ فكان ذلك المنع دعاية مجانية، جعلت «رددي» مطلباً مُلحاً لجماهير الحفلات الأيوبية العريضة داخل الوطن وخارجه.
مات الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان «1982» وأيوب يغني في تلفزيون عدن، ونشيد «رددي»، كان ضمن مجموعة أغانٍ وأناشيد سجلها حينها بمشاركة الفرقة الموسيقية هناك، لتعلن القيادة السياسية في الجنوب الحداد أربعين يوماً على فقيد اليمن، المُستعصي على أوهام الشطرية حياً وميتاً.
قبل موت «الفضول» بأيام زار الرئيس علي ناصر محمد مبنى التلفزيون، وأيوب والفرقة الموسيقية منهمكون على بروفات النشيد، وقتها أبدى ناصر إعجابه الشديد بالنشيد كلمات ولحناً، وطلب من أيوب أن يختار منه سلاماً وطنياً مدته دقيقة واحدة، ونشيداً وطنياً مدته عشر دقائق كاشفاً في الوقت ذاته إعطاء أيوب مقابل ذلك ما يريد.
يقول أيوب: أجبته حينذاك «لا أريد شيئاً، يكفي أنه سيكون نشيداً وطنياً يذكرني به الجميع»، وفعلاً قمت بما طلب مني، وبدأنا باختيار السلام الوطني والنشيد الوطني، وتم تسجيل ذلك، وبدأ يُعزف رسمياً كنشيد وطني خلال فترة الحداد على الشاعر «الفضول»، فكان أروع تخليد.
فيما أيوب يصدح بذلك النشيد كانت الوحدة حلماً بعيداً يتخطفه القدر، ومن خلاله حفر وبقوة مراسيم تحقيق ذلك الحلم، يقول أيوب: لقد كان نشيداً مكتوباً من أعماق روح شاعره «الفضول»، لقد قال كلاماً فيه أحلامه وأحلام كل اليمنيين، فأتى هادراً بكل جميل في هذا الوطن، كان نشيداً وحدوياً، حين قرأته أول مرة لم أتمالك نفسي لتلحينه، فقد وجدته يشمل كل شيء نتمنى أن يتحقق، وعملت جهدي لأن يكون اللحن على قدر ذلك الحب الذي احتواه.
نشيد «رددي» لم يكن محل إجماع قيادة الشطرين في كل اللقاءات التشاورية التي سبقت إعلان الوحدة فقط، بل حسم أمره في جلسة واحدة وقبلت به القيادة السياسية مباشرة ودون تردد، بل ان اتفاقية الكويت «1979» نصت أيضاً على اختياره، والاجماع الأخير ربما جاء امتداد لتلك الاتفاقية.
تم حذف أكثر من ثلث القصيدة، ولا لوم على اللجنة المكلفة حيال ذلك، كونها جزئية فرضها الواقع، ونحن في عصر السرعة والسهولة مطلوبة كي يحفظ النشيد وتردده الأجيال، واللوم الذي وقع واستمر لأكثر من عشر سنوات بعد الوحدة، تركز حول استبدال كلمة «أممياً» ب «سرمدياً»، وكان ذلك إخلالاً بالتدرج السلمي للقصيدة: «أنا إنسان، أنا عربي، أنا يمني»، هذا أولاً، والثاني تركز حول عدم ذكر الفنان أيوب طارش كملحن للنص، إلا أن ذلك اللوم تبدد بفعل القرار الجمهوري الذي صدر فيما بعد، وأعاد كل شيء إلى مكانه الصحيح.
أيوب الذي أحب الوحدة كثيراً، بكى يوم إعلانها من شدة الفرح، لكنه تلقى خبر اختيار لحنه نشيداً وطنياً لكل اليمنيين كغيره من المواطنين، فالقائمين على الحذف والاستبدال وصياغة القرارات لم يكلفوا أنفسهم التواصل معه وسؤاله «ايش رأيك؟»؛ الصغار كعادتهم لا يفقهون شيئاً فيما يخص التعامل مع القامات الكبيرة.
ارتاح أيوب كثيراً عندما سمع قرار إعادة كلمة «أممياً»، واعتبر ذلك تكريماً للشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان في قبره.
وصلت أنشودة «رددي» إلى أيوب ففصّل لها أجمل الألحان، وبعث فيها الحياة، فصارت نشيد الوطن الأوحد، ممثلة علامة فارقة في تاريخنا النضالي والفني معاً، صحيح أن الكلمات جميلة وقوية، لكن صوت أيوب جعلها أقوى وأجمل.
# أيوب قصة وطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.