احتجاجات واسعة في مقديشو تنديدًا باعتراف العدو الصهيوني بإقليم أرض الصومال    المنتخبات المتأهلة إلى ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية 2025    لسنا بنادق للإيجار.. كاتب جنوبي يؤكد الشراكة مع التحالف ويحذر من استهداف قضية الجنوب    عاجل: مصرع القيادي الإرهابي رويس الرويمي وخمسة من عناصر القاعدة في عملية أمنية بحضرموت    الشرعية حين تتحول من مبدأ قانوني إلى أداة تعطيل    أكد موقف اليمن الثابت مع الصومال ضد العدو الاسرائيلي .. قائد الثورة: أي تواجد إسرائيلي في إقليم أرض الصومال سيكون هدفاً عسكرياً لقواتنا المسلحة    نائب وزير العدل يتفقد تجهيز مقرات المحاكم الابتدائية المنشأة حديثًا بأمانة العاصمة    وزارة الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    حمداً لله على السلامة    الإفراج عن 108 سجناء من الحديدة بمناسبة جمعة رجب    خلال تدشينه مشروع التحول الإلكتروني لصندوق التقاعد الأمني .. اللواء المرتضى: المتقاعدون يستحقون الاهتمام فقد أفنوا سنوات طويلة في خدمة الوطن    صحيفة بريطانية: توترات حضرموت تنذر بانفجار صراع جديد يهدد مسار التهدئة في اليمن    المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام ينفذ عمليات واسعة لإتلاف مخلفات العدوان بمحافظة الجوف    هل يهزم ابن زايد بن سلمان ويتسبب بقسمة تركة الرجل المريض؟    إيمان الهوية وهوية الإيمان    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    الدكتور هادي دلول أستاذ العلاقات الدولية والمستشار في الفيزياء النووية في طهران:نبارك اتفاق إطلاق الأسرى في اليمن وتنفيذه متوقف على مصداقية الطرف الآخر والتزامه    الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    فلسطين الوطن البشارة    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    العليمي يشن الحروب على الجنوب لحماية سرقاته لنفط شبوة وحضرموت    العرادة يدشن حزمة مشاريع خدمية وتنموية لتعزيز البنية التحتية في مأرب    الشؤون الخارجية بالانتقالي تبحث التعاون مع المفوضية السامية وتؤكد احترام المجلس لحقوق الإنسان    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على سقطرى والسواحل والمرتفعات المحاذية    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة غدا لبحث الاعتراف الإسرائيلي ب"أرض الصومال"    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    بيان مليونية سيئون يجدد التفويض للرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب العربي    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    هروب    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأولاد يأكلون ثورتهم
نشر في عدن الغد يوم 29 - 04 - 2012

لا أحد يعلم على وجه الدقة، عدد الضحايا الذين سقطوا خلال المواجهات بين الليبيين، والتي انتهت بزوال نظام حكم العقيد الراحل القذافي. بيد أن التكهنات تقول إن العدد يصل إلى ثلاثين ألفا. وهو رقم كبير بالنسبة لعدد السكان. ومهما يكن الرقم، فالليبيون استطاعوا التخلص، بمساعدة حلف شمال الأطلسي، من نظام مستبد ظالم، كانوا يتمنون زواله من منتصف سبعينات القرن الماضي، وازداد هذا التمني حدة، بعد شروع القذافي في تطبيق أفكار كتابه الأخضر في عام 1977، بالقوة على الشعب الليبي. بيد أن ذلك لم يكن تمنيا فقط، بل كانت هناك عشرات المحاولات والانقلابات الجادة والمخطط لها لقلب ذاك النظام.
ومن هذه المحاولات كانت معركة باب العزيزية عام 1984، الذي على أثرها جن جنون النظام، وأرغى وأزبد، وأقام المشانق وأعدم المشاركين في هذه الانتفاضة، وبث أحداث الشنق على الهواء مباشرة. ثم كانت هناك محاولة اكتوبر (تشرين الأول) عام 1993، التي اعتبرت من أخطر المحاولات التي تعرض لها النظام، وكان قادتها ضباطا كبارا في الجيش الليبي، منهم العقيد مفتاح قروم والمقدم محمد الهمالي والرواد: عبد السلام الواعر، ورمضان العيهوري وخليل الجدك وضو الصالحين وغيرهم. إلا أن أحد الضباط الذي انضم في ما بعد لهذه الحركة أخبر الاستخبارات العسكرية، فقبض على هؤلاء الضباط جميعا ونفذ فيهم حكم الإعدام عام 1997، لكن الواعر وضابطين آخرين تمكنوا من الفرار، قبل أقل من ساعة من إقفال الحدود. وعلى أثر هذه الحركة، بدأ القذافي في تفكيك الجيش، واستبدل الكتائب الشعبية به، وسماه في ما بعد «الشعب المسلح».
لكن وبعد هذه التضحيات والعذابات، تمكنت انتفاضة فبراير (شباط) من العام الماضي، وبمساعدة دولية من تحقيق هذا الحلم. فهل انتهى كل شيء بزوال هذا النظام الغاشم، ورت إلى ليبيا روحها؟! الجواب أن الروح قد ردت إليها فعلا، لكن أكسجين الحياة لم يسر في عروقها كلها بعد. فالمنتفضون لم يتمكنوا حتى الآن من أن ينقلوا البلاد إلى حالة الاستقرار والسكينة والأمن، بل أعادوا فكرة الحواجز الأمنية التي كان النظام السابق يرعب بها الناس بين الفينة والأخرى. وأعادوا فكرة «الشرعية الثورية».. التي كانت عصا غليظة من عصي القذافي المتعددة. فهل شرع المنتفضون في تبني أفكار القذافي من جديد، أم أنهم شعروا ببذخ السلطة وكراسيها الوتيرة فتشبثوا بها، وتركوا البلاد في حيص بيص؟! أم ماذا يا ترى يحدث في هذا البلد؟
الوقائع تقول إن الأولاد بدأوا يأكلون انتفاضتهم، ويقضون عليها. فهل بلع المنتفضون ثورتهم حقا؟!
دائما القاعدة تشذ في هذه المنطقة الممتدة من الأطلسي غربا، وحتى الخليج العربي شرقا. فالأمر المعروف أو المتعارف عليه، هو أن الثورة هي التي تأكل أولادها على غرار الهرّة أو السنور. ولكن تشاء الظروف أن يقلب بعض العرب هذا المفهوم عمليا – فيصير هكذا: الأولاد يأكلون ثورتهم.
فكيف حدث هذا، ومتى أكل الأبناء ثورتهم في ليبيا مثلا؟
كان معظم الناس في ليبيا يتوقون لليوم الذين يتخلصون فيه من النظام الاستبدادي الفردي، الذي خطف ليبيا من دائرة التقدم والرقي، ورمى بها في أتون التخلف والدمار. لكن الليبيين استطاعوا انتشال ليبيا من تلك الهوة، بالقضاء على ذلك النظام. إلا أن هذا البلد ما زال على شفا تلك الهوة التي أخرج منها، والتي ان سقط في أعماقها ثانية، فلن تقوم له قائمة بعدها.. البلد ينقاد إلى الدائرة نفسها التي جُرّ أو سِيق إليها، وظل فيها أربعين سنة من التيه الكامل.
كان أعضاء ما كان يسمى «مجلس قيادة الثورة» في ليبيا يحكمون البلد باسم «الشرعية الثورية»، إلى أن انفرد العقيد الراحل بهذا الأمر وحده. فغدا هو الوحيد صاحب «الشرعية الثورية». وأوهم القذافي الليبيين بأنه ليس حاكما أو رئيسا، ولكنه ظل يمارس سلطات مطلقة لا يمارسها إلا الأباطرة.
*من عبدالجليل الساعدي
ليبيا اليوم تريد أن تشرع دستورا جديدا وقوانين جديدة، لا مكان فيها للمركزية أو الاستبداد أو لأشخاص اعتباريين، أو مفضلين، فأول الأسباب التي من أجلها حدثت الانتفاضة هو الغبن.
هذا الكلام يأتي بعد مطالبة المنتفضين الثوريين بإعادة إحياء هلوسة «الشرعية الثورية» التي خُدر بها الليبيون طويلا في السابق. هل يريد الثائرون أن يقول لهم الناس:
القادة قدموا.. افسحوا لهم في المجالس والطرقات والسلطات.. اهتفوا وصفقوا لهم.. هم الذين حرروكم من الظلم والضيم.. ارفعوا صورهم.. افرشوا البساط الأحمر لهم..
أما يعلم هؤلاء الثائرون أنهم بهذا السلوك الذين يطالبون بفرضه، إنما يفعلون الشيء نفسه الذي كان أس النظام السابق يفعله؟
اليوم في هذا البلد المتداعي هناك أنظمة متعددة، وعربدات وولاءات متعددة.. ولاءات ليس للوطن، ولكنها لقوى خارجية. ميليشيات تسيطر على المصرف المركزي وأخرى على مطار معيتيقة، وثالثة على طريق المطار، بل على المطار نفسه. وهناك ميليشيات تسيطر على شوارع كاملة في العاصمة طرابلس. وثمة أخرى تسجن وتضرب وتفتك وتصادر.
هل يريد هؤلاء أن تقسم البلد إلى مقاطعات وأقاليم؟ هل يودون أن تفتك القبائل ببعضها بعضا؟
مظاهر الظلم والاستبداد ينبغي أن تنتهي سريعا. وينبغي على كل الجهات أن تعرف حدودها، وتنزع الميليشيات أسلحتها على الفور، لأن الإحساس بالجبروت والسلطة بدأ يعتمل ويحرك بعض النفوس المريضة، ويغريها بأوهام السلطة والفرص المتاحة. وإذا لم تحسم هذه الأمور سريعا، فإن البلاد مقبلة على تناطح قبلي قد يكون مدمرا هذه المرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.