ادرت راسي جهة الحديقة اثناء الانعطاف لا شاهد من بعيد يجثوا تمثال البرونز الشهير يتوسد الحديقة على ارتفاع كاف ليرى .. انه تمثال الملكة البريطانية الشهيرة اليزبت !!! بني في فترة كانت المدينة تحت الهيمنة البريطانية تابعة للتاج البريطاني ..اجل مرت بريطانيا العظمى من هنا... كما مر البرتقاليون! والاحباش! فأقامت 129عام الا انها رحلت رغم ذلك وهي تذرف الدمع حبا لعدن حاولت ان تلتصق بالمدينة التصاق الجسد الواحد دون فائدة بقيت غريبة رغم عن ذلك . اغرت سكانها بكل صنوف التقرب ,الوكالات التجارية ,المباني الجميلة العلاقات السياسية . وفي كل مرة تعلن عدن رفع الكرت الاحمر ,الا ان سكانها قدروا الطراز الحضاري الذي تداخل مع عروبتهم الخالصة وامتزج امتزاج حضاري فريد فلم يشاؤوا ان يشوهوا من اثر للنظام الهندسي الجميل والنظام الاداري المحكم البناء حتى ان هذا التمثال لم يخدش من بعد استقلال المدينة ولم يتحدث احد من الساسة الذين ناصبوا العداء للبريطانيين في ما بعد واعلنوا رحيلها بقوة السلاح عن طمس معالم الاثر البريطاني لقناعتهم ان أي اضافه للتاريخ الانساني وحضارته يأتي في قمة الرقي والتفتح العقلي ويلهم الاجيال الى مسابقة الزمن للارتقاء والتقدم واللحاق بركب الامم المتحضرة . ليس غريب في الامر اوانه ادعاء باطل ولكن اهلها يرون ذلك ويعتقدونه اعتقادا لإيمانهم ان من يكره تاريخ الاخرون لا تاريخ له وان صغر مشربه وطفوا جذوره يجعل منه نافرا من الجمال والتحضر ... خلال زمن الاحتلال البغيض واجهت المدينة باصطفاف لامثيل له حملة كانت ترمي لإزالة هذا التمثال البرونزي واجتثاثه من جذوره ونفوس اهلها العصماء.. الا انها فشلت امام صلف وعنفوان وهيجان الشارع العدني .. والكل يجزم ان الدافع للإزالة ليس كره البريطانيون فالاحتلال اثبت عمالته لكل الأنظمة مقابل ان تمده بسبل البقاء, ولا الدين والاعتقاد التديني كان سببا فالدين بالنسبة لهم كان حصان طروادة وضف لغزو المدينة والتنكيل باهلها ووائد تاريخها الديني الصحيح وسببا لإثارة النعرات بل ان السبب ربما يتطابق مع نهج التحول الوحدوي الى التسلط الغازي المتفيد الناهب والحاقد النازي المدمر لجمال الحضارة وتفردها . كانت النية بيع التمثال لتجار الخردة بالمزاد ,هكذا هو حال كثير من الدور التراثية والمتنفسات الجميلة والشواطئ التي لا يضاهيها مكان في العالم بيعت وشوهت وحشرت بالمباني الخراسانية التي اصبح موقعها عارا على المدينة .