(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ، بل أحياء عند ربهم يرزقون) صدق الله العظيم نعم أيها النجم المسافر في الوجع المشرئب ، انت حي عند رب العرش العظيم تنعم في جنة الخلد بإذنه مع الحبيب المصطفى كما تمنيت في حياتك
وها انا بعد عام من رحيلك اجد ان الكلمات مازالت ثقيلة على اللسان , وثقيل على الأقلام الحزينة مداد الكتابة في رثاء رجل يتحلى بصفاتك ونبل اخلاقك , ويحمل نفس قيمك في الحكمة والقيادة .
في الحقيقة. لم تكن معرفتي بالشهيد العقلة طويلة بل كانت لسنوات قصيره ,تعود بدايتها الى ثورة فبراير2011م وماطرا عنها من تحول دراماتيكي في مستجدات احداثها , دفعتنا ان نشيح بأوجهنا عنها في اليمن لنيمم نحو ثورتنا في عدن .. ورغم حداثة اللقاءات التي جمعتنا بالشهيد على هامش الوضع الجديد , الا ان الانسان يشعر بأن الرجل كان مألوفاً وقريب مننا , بفكره ووجدانه ,بتواضعه وبساطته ويحمل اخلاق عظيمة ومبادئ ذات قيمه , تحمل كل هموم ومطالب شعبنا في الجنوب.
منذ اول لقاء بالشهيد زالت بيننا كل الحواجز وسكنت نفوسنا مشاعر كلها ود والفه لا لشي ، فقط لما سبق القول عنه من صفات ولان اسمه كان شائعاً ونشاطه الثوري ضد ظلم واستبداد النظام القائم حينها ذائعاً ,ولأنه كان من اولائك القادة الذين نالوا من القمع والسجن والاعتقال مالم ينله الكثير من امثاله وممن عرف بصلابة مواقفه وعدم ضعفه امام اغراءات السلطة لتغيير موقفه من قضية شعبه وثورته .
جمعتنا بالشهيد رفقه نضال متعددة من أجل الوطن , فوجدته انسان وثائراً وقائدا وحكيماً أحبه كل من عاش معه, وكان محل إعجاب ودهشة الكثير ,لكفاءته وبساطته وتواضعه ,أحب التسامح والألفة ,ونبذ العنف والتطرف والتعصب والمناطقية, ولغة الحقد والكراهية.
عمل بصمت وبصدق ونزاهة وتميز, بصبره وإصراره على أنجاز مهامه وواجباته وتقدير مسئولياته الوطنية والمجتمعية .
لذألك استطاع العقلة ان يلعب ادواراً متعددة فكان قائداً للثورة في الميدان ,ومدافعاً عن الثوار في أروقة المحاكم وأجهزة العدالة, وناشطاً حقوقيا لرصد وتوثيق كل انتهاكات وجرائم النظام, واعلامياً بارزاً اوصل للثورة اكثر من رساله للراي العام , كما كان شيخاً ومصلحاً اجتماعيا استطاع ان يغطي بعض الفراغ الناتج عن غياب الدولة وأجهزة السلطة.
لهذا كان الشهيد إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى , أستطاع أن يكسب ثقة واحترام وتقدير كل من حوله وأن يسمو بشخصه لينال المكانة التي يستحقها ، فترك بصمات لا يستهان بها أثناء عمله الذي لم اتطرق اليه ولا لفترة نضاله السابقة وانا على ثقه بأنها مسطوره بإنجازات عظيمه لا تقل عن عظمته ,ويكفي هنا ان اشير الى بعض المواقف التي عايشتها مع الشهيد خلال هذه الفترة القصيرة المليئة بالأحداث العظيمة كشهاده ليس له لأنه بغنى عنها بل للتاريخ وانصافاً للحقيقة والخصها بالاتي :-
1- رفضه التام لأي تدخل خارجي يهدف الى وضع الحراك تحت الوصاية او احتوائه وتجييره لخدمة قوى داخليه او اجندات خارجيه لها علاقه بالحرب الدائرة اليوم في اليمن ونترك تفاصيلها للأيام .
2- التمسك بوضعه القيادي والتنظيمي في إطار المجلس الوطني الأعلى للتحرير والاستقلال رغم الجور الذي اتخذه بحقه بعض رفاقه لأقصائه من هذا المكون الذي كان احد قياداته ومؤسسيه رداً على مواقفه المعارضة لبعض القيادات الجنوبية في الخارج التي يرى ان استمرار وجودها لا يخدم ثورة الجنوب ووحدة الصف وعلى راسها السيد/ علي سالم البيض .
3-تشكيل المجلس القبلي للضالع لتمثيل مصالح الناس والدفاع عنها ومليء الفراغ السياسي الناتج عن غياب السلطة بسبب احداث ثورة فبراير في اليمن .
4- توثيق جرائم الهبه التي ارتكبها المجرم ضبعان أواخر عام 2013م بحق أبناء الضالع والتواصل من موقعه كقائد في ثورة الجنوب وناشط حقوقي وشخصيه اجتماعية تمثل الضالع ومجلس القبيلة , لوقف مجازر هذا العدوان على الأبرياء من المدنيين, وانهاء حصار بعض المناطق والسماح لهم بنقل المصابين وعلاجهم وقد حقق حينها جزء كبير من تلك المطالب . 5- لعب دوراً إيجابيا في تقريب وجهات النظر وحل بعض الخلاف بين بعض المكونات الجنوبية على مستوى الضالع والجنوب
6- ساهم بجهد كبير في محاولة إنجاح اعمال اللجنة التحضيرية لعقد المؤتمر الجامع للثورة الجنوبية قوى التحرير والاستقلال الذي لم ينعقد حتى الان .
7- تبنى مع اخرين او بمبادرة ذاتية منه حل الكثير من القضايا التي حدثت في الضالع بين الأعوام 2011-2015 م كقضايا التقطع والخطف والقتل والنهب فجنبنا وجنب الضالع وأهلها الكثير من الفتن والصراعات والثارات القبلية داخل الضالع وخارجها .
8- لعب دوراً محورياً مع المجلس القبلي وعدد من الشخصيات الاجتماعية والسياسية في وقف نزيف الدم بالضالع خلال 2014م و حقق بعض الهدن المؤقتة التي مكنت اللجنة الرئاسية الأولى والثانية من الاطلاع على جريمة مجزرة سناح وغيرها , واطلاق الكثير من المخطوفين والاسرى وعلاج بعض الجرحى علاوةً على عقد اتفاق شامل لوقف الحرب وتسوية الصراع القائم مع وحدات الجيش , إعاقة السلطة لاحقا تنفيذها.
9-المشاركة بفعالية في الاعداد والتحضير لتنفيذ العديد من مليونيات وفعاليات الثورة الجنوبية في محافظة الضالع والعاصمة عدن.
10- المساهمة مع اللواء /عيدروس الزبيدي محافظ محافظة عدن الحالي في تشكيل اللجان الشعبية بمحافظة الضالع أوائل 2015م والذي كان لنا الشرف في تدشين اولى اعمالها حينذاك
11- مواجهة قادة السلطة بجرائم النظام التي ترتكب في الضالع ومطالبته المستمرة والصريحة بوقف عدوان الوحدات العسكرية على الضالع وأهلها ومحاكمة قادتها وكان اخر تلك المواجهات خلال لقاء هادي بممثلين الضالع في اوخر فبراير 2015م بالعاصمة عدن .
12- مغادرة عدن الى الضالع للمشاركة في صد العدوان بعد بدء اجتياحها في 24 مارس 2015م وتشكيل وحده مسلحه قادها بعقيدة المجاهد وحكمة القائد وامكانياته الشخصية خلال اكثر من شهرين في مختلف جبهات القتال مدافعا عن ارضه ودينه وعرضه حتى لاقى ربه شهيدا يوم 31مايو 2015م في عملية اقتحام جريئة قادها على موقع الشوتري بجبهة اكمة صلاح المنار على الطريق العام الرابط بين الضالع قعطبه.
وعلاوة على ما سبق هناك الكثير من المأثر التي سطرها شهيدنا القائد في مختلف جوانب الحياه السياسية والاجتماعية والإنسانية وغيرها ليس لتحقيق ذاته او لكي نخلع عليه لقب او صفه من الصفات ,بقدر ما كان هدفه من سطرها هو تحرير الانسان في الجنوب من ظلم واستبداد نظام الحكم في اليمن واستعادة حريته واقامت دولته المدنية العادلة .
ختاماً أقول ...لن نبكيك او نرثيك أبا معتصم لا نك علمتنا ان من رحم الموت قد تكون الولادة، ومع الشدة يخرج الفرج و لا نكم اسقيتم شجرة الحرية بدماكم ,فجعلتم من قبركم معلم وشهاده ،اسقطتم بها كل أقنعة الزيف وصنعتم لنا النصر بعد ان .. امنيتموهم بالهزيمة المعتادة
ولاكن مشكلتنا اننا مهما حدثنا عنك لن نفيك حقك لا بالكلام ولا الكتابة لذلك لا يسعنا في الأخير الا ان نقول لك وداعا ايها القائد الحكيم ، وداعا ايها الأخ والصديق الوفي بعد ان أكرمك الله بالشهادة التي كنت تواقا لها. ولكل أهلك وأصدقائك وإخوتك وزملاءك وعشيرتك وللضالع والوطن والمقاومين والصامدين والمعتصمين من بعدك الصبر والسلوان والثبات والصبر والصمود، ولفيض روحك الطاهرة جنات النعيم التي وعدها الله للشهداء والأنبياء والصديقين، فنم بعد شوح الجهاد الطويل قرير النفس معهم في العليين. ونعدك بأننا على عهدك باقين ,وعلى دربك ماضين , حتى تحقيق كل الأهداف والقيم التي ضحية بعرقك ودمك من اجل نصرتها.