بكثير من التوجس والريب والحذر في أقصى درجاته نتلقى تلك الإشارات بين الحين والآخر الصادرة من قاعة مؤتمرات قصر معاشيق الصادرة عن وزراء حكومة الشرعية فور وصولهم عدن وما أن ينعقون بتلك التصريحات حتى يعودون أدراج طائرة الترانزيت عدن الرياض! وكثيرة هي تلك التصريحات والتي ترقى إلى وصف التصريحات المعادية لعدن وما تعداها جنوباً بعد متغيرات نصر يوليو 2015م! وقد تفاوتت تلك التصريحات ما بين المباشرة وغير المباشرة وإن كانت في معظمها واضحة وصريحة ولا تحتاج إلى كثير جهد من التدقيق والتركيز في شيفرة إشاراتها التي نفذت إلى عقلية الوعي واللاوعي في ذاكرتنا الجنوبية المنهكة فعلياً بفعل أثار حرب مارس التي خلفت القتل والدمار .
فمن عز الدين الأصبحي الذي قلل من حجم ما تعرضت له عدن فور انتهاء الحرب زيفاً وكذباً إلى عبدالملك المخلافي الذي رسم الخط العام لسير المرحلة السياسية لما بعد الحرب مصرحاً بأن أولى أولويات حكومة الشرعية تفعيل مقررات الحوار الوطني فيما تم إقراره لشكل الدولة الاتحادية ذات الستة أقاليم!
إلى محمد عبدالمجيد قباطي وتصريحه بأن عدن ماضية نحو إعلانها دولة قريباً ! في حيث أنها عاصمة مؤقتة يا سيد قباطي ولا أعتقد أنها سقطة إنشائية منك وأنت رأس هرم سياسة إعلام الدولة! بيد أن ما يبعث على الاستياء والغضب العارم فيما قد يكون طبيعياً من وجهة نظر الطرف الآخر نحن الجنوبيين أن لا حرف بل لا نبس ببنت شفة انطلق ليعقب على تصريحات وزراء الشرعية! وهنا أعني تعقيباً مسؤولاً يتحتم على سلطتنا التنفيذية ؟ لا تعقيباً نخبوياً من مثقفين وإعلاميين جنوبيين!
وقد تكمن الإجابة ومن وجهة نظر شخصية أراها ولا أطالب غيري بأن يقتنع بها! في أن ما يخول وزراء الشرعية أن يذهبوا إلى ما ذهبوا إليه بتصريحاتهم سياسة ممنهجة لها أطر وهياكل تنظيمية تتفق تماماً في حقيقة ما يريدون كشماليين فرضت عليهم المتغيرات السياسية أن يكونوا في معسكر الشرعية مع حفاظهم وتمسكهم السياسي المحترف بأجندتهم ومصالحهم وغاياتهم المشتركة وإن اختلفت أيديولجياتهم وفي المقابل وبمنهجية يمارسون السياسة اللعبة في تمريرهم مشروعاتهم فيما يراد لنا كجنوبيين! ولكن وفي المقابل ترى ماذا نريد نحن كجنوبيين؟ونحن إلى ما قبل حرب مارس نجترح إشكاليات متأزمة ومعقدة تكمن في غياب قيادة ومشروع!!بعد أكثر من 21 عام على فقداننا دولتنا!
ولكي نكون عقلانيين أيعقل أن يمر قرابة الربع قرن لشعب له قضية بلا قائد! أيعقل أن يمر قرابة الربع قرن لشعب لم تتفق نخبه ومثقفوه على مشروع وطني جامع! أيعقل أن ينتصر شعب على النظام الذي ناضل من أجل استعادة دولته زهاء العشر سنوات ولا يزال مغيب فاقد الوعي بمستقبله!
عن نفسي كل هذا لا يعقل من ناحية عقلية منطقية أبسط نتائجها حقيقة قد لا تعجب الكثيريين من الحالمين الغارقين في عسل خطابات الاستجداء ولفت انتباه دول التحالف بأن مصلحتهم معنا وعلى هذا الأساس يرى أولئك المراهقين الحمقى بأن دولة التحالف ستعيد لنا دولتنا على طبق من ذهب! وناحية عقلية ومنطقية الحقيقة تكمن وبكل أسف في أننا لا نعلم ولا نعي ماذا نريد إلى اليوم!
وفي مسيرة وتجربة أي شعب ناضل وله قضية مسارات من الاخفاق والفشل ولكن كمثلنا شعب له قرابة الربع قرن بلا قائد لا يوجد؟ وأعود وحتى إشعاراً آخر أعيد السؤال الآنف الذكر ترى ماذا نريد عله يأتي يوم تزول فيه عدمية ما نريد!!