تشهد عدن هذه الأيام اسوأ مراحل تاريخها القديم والمعاصر فهي تعيش هذه الأيام بين فكي كماشة لهذا فانها لن تقوم لها قائمة او دعونا نكون اقل تشاؤم ونقول بانها بحاجة الى وقت طويل لتستقر فيها الأوضاع او لتعود تدريجياً إلى طبيعتها التي عشناها وعهدناها في عهود سابقة ، فهي اليوم تعيش في ظل قيادة سلطة محلية حراكية جنوبية تدعو إلى استعادة دولة الجنوب لما قبل 22مايو 1990م (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وهناك من يذهب إلى ابعد من ذلك وهواقامة دولة الجنوب العربي . وبين من يحملون لواء الشرعية المتمثلة في مؤ سستي الرئاسة والحكومة والذين يحملون أجندة تتمثل في الدعوة إلى قيام الدولة الإتحادية ذات الأقاليم الستة وذلك وفقاً لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي شهدته البلاد في عام 2013 م، وهناك بون وتناقض كبيرين بين ما يحمله هذين (الفكين )إن جاز التعبير من اجندات متناقضة ومختلفة ،هذا ناهيك عن وجود قيادات متعددة الاتجاهات والرؤى تدّعي انتمائها للمقاومة الجنوبية،،،فهنا يوجد ابو فلان وهناك يوجد أبو علان وفي جانب آخر أبو زعطان وكل لديه اتجاه وفكر وانتماء يختلف عن الآخر وكل لديه ادواته العسكرية ومليشياته المسلحة من اتباعه ،،، وكل منهم يدعي الزعامة ويمن على عدن بما تحقق لها من نصر في طرد مليشيات الحوثي وعفاش وانه لولاه وقواته لما تحررت عدن متناسين ان أبناء عدن البواسل قدموا ارواحهم رخيصة في سبيل تحرير عدن وأستشهد وجرح منهم المئات ...وأصبحنا نشاهد في عدن اليوم ان كل من يمتلك عدد من قطع السلاح وطقم عسكري وعدد من المسلحين من اتباعه وسيارة شاص أو صالون يعمل من نفسه قائد وزعيم ولايتحرك إلا في ظل حماية عسكرية وأمنية مشددة حتى إذا ذهب إلى صالون الحلاقة أو إ لى دورة مياة عامة أو إلى سوق القات تجد الحراسات منتشرة وعلى أهبة الإستعداد وأيدهم على الزناد وكأنهم داخلين ميدان معركة ويطوقون الشارع الذي يوجد به والشوارع المجاورة...كل هذه المظاهر نشاهدها اليوم في عدن...عدن المسالمة عدن التمدن عدن الحضارة . والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو مالذي أوصل عدن إلى هذه الحالة التي تعيشها وهي حالة الانفلات الأخلاقي وانا اقول الاخلاقي قبل الأمني لأن الاخلاق اذا ذهبت تدمر كل شيء وصدق اميرالشعراء أحمد شوقي حين قال (وإنما الأمم الأخلاق مابقيت ...فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ) ثم يأتي الانفلات الامني والمعيشي حيث أصبحت حياة المواطن مهددة بالخطر حتى وهو في منزله وبين أفراد عائلته من الرصاص الراجع الذي الذي يطلق بشكل عشوائي من كل حدب وصوب والدلائل على ذلك كثيرة حيث ازهقت ارواح عدد من الأبرياء شيوخ واطفال رجال ونساء وهم بين افراد اسرهم كل هذا يحدث في عدن اليوم في ظل صمت الجهات الأمنية ... إذ لابد لكل ابناء ومحبي عدن الوقوف امام هذا السؤال المهم والتعامل الايجابي معه والعمل على ايجاد الحلول والمعالجات والمخارج المناسبة للخروج من هذه الحالة المأساويه التي تعيشها عدن وسكانها الطيبين لأن ماتشهده عدن من فوضى في شتى المجالات لم تشهده من قبل على مدى تاريخها الطويل فلقد شهدت عدن ثورة مسلحة ضد الوجود البريطاني في ستينيات القرن الماضي حتى تمكن الثوار والوطنيون الاحرار وبمساندة شعبية واسعة تمكنوا من طرد الانجليز وتحقيق الاستقلال الوطني المجيد في 30 نوفمبر 1967م ولكن لم تشهد عدن ماتشهده اليوم من الانفلات على جميع المستويات . انني اناشد الجميع من قيادات الشرعية وقيادات السلطة المحلية و الحراك الجنوبي ومقاومة وقيادات المليشيات المسلحة ان يتقوا الله في عدن وان يضعوا مصلحة عدن وابنائها المسالمين الطيبين فوق كل الاعتبارات وان يتوحدوا ويتكاتف الجميع ويحرص الكل على وضع آلية لاخراج عدن من الوضع المأسوي الذي تعيشه،،، فعدن اصبحت اليوم تفتقر الى كل موقومات الحياة من كهرباء وماء ومحروقات وصرف صحي وطرقات وشبكات اتصالات سريعة وحديثة ومتطورة وتعاني ايضاً من تعثر حركة سير العمل في مطارها الدولي حيث اصبح المطار مثل معبر رفح يفتح اسبوع ويغلق شهر وحصر حركة الطيران على طيران اليمنية فقط الأمر الذي يتسبب في تزاحم حركة المسافرين وعدم مراعات المعايير الدولية في ذلك ،الامر الذي اصبح يشكل خطورة كبيرة على حياة المسافرين هذا ناهيك عن الأسعار المبالغ فيها لتذاكر السفر وأصبحت السوق السوداء تتحكم في كثير من الامور الحياتية ...كما ان مسألة إعادة اعمار ماتدمر خلال الحرب لم يتم البدء بها على الرغم من مرور مايقارب العامين منذ التحرير . كما انه من الحلول والمعالجات التي ينبغي وضعها وهذا شي مهم في تقديري هو اعادة الاعتبار للمواطن حيث ان المواطن وصل الى حالة من الاذلال في وطنه مما اوصلته الى حالة يرثى لها من خلال تأخير صرف مرتبات الموظفين ومعاشات المتقاعدين وتقليص فرص العمل ومصادر الرزق مما اضطر الكثير من الناس الى الغرق في الديون بل والدفع باعداد كبيرة من الاسر الى التسول و البعض الاخر وصل الى حالة الاحباط والانزوا والاعتكاف فكم من اقلام شريفة اختفت وتوارت وكم من مبدعين قواهم خارت وكم من عقول في امرها احتارت لذا فانني ارى انه آن الاوان ان نضع النقاط على الحروف و نحدد مكامن الخلل ونعمل جادين على وضع الحلول والمعالجات السريعة لها بعيدا عن المسكنات المؤقتة والوعود الزائفة والكاذبة.