فقدت الحياة في وطني أجمل مقوماتها عندما أصبحت.. السرقة شطارة والرشوة مباحه والكذب طريقه حياه!!" آه يا وطني من أوجاعك…وكيف لنا أن نعبر عن مآزقك ومأزقنا .. كيف نعبر عما يُكسر فيك وفينا ويحدث داخلك وينعكس علينا.. ما هذا الوطن بحق الله ؟! وماذا دهاه؟! كيف تحول الصديق إلى غريب؟! وكيف تحول الرفيق إلى عدو؟ فتجرد من كل المشاعر كزجاجة عطر فارغه متجردة من محتواها… كيف لنا أن نعبر عن مآزقنا… كيف نعبر عما يُجول في داخلنا في زمن الكذب فيه بات هو اللغة الرسمية والخيانة واقعيه ونذالة المليشيات الشعبية تصرفات طبيعية!! فمن منا يملك مهارة تحويل النحاس إلى ذهب؟! واستخراج الوجود من العدم...
آه يا وطني الجريح ...!! من أراد منا أن يقرأ عن الواقع ما يسره فليخلق لنا واقعا مختلفا ووطنا مستقلا.. كيف لنا أن نعبر عن مآزقنا ونعبر عما يكسر في داخلنا في هذه الأيام الرمادية وفي هذا الزمن الرديء الذي نتحير فيه... هل نكتب أم نصمت؟ فهناك ارتباط مشروع بين رغبتك في الكتابة والشعور بالجدوى والتجاوب.. فمن نكتب لهم وعنهم جلودهم اسمك من سور الصين العظيم وأعصابهم ابرد من صقيع أوهايو ووجوههم أبلد من مشاعرهم لا تهزهم الكلمات النبيلة ولا تؤرقهم الحقائق ولا تزعزع مقاعدهم الكوارث التي هم أولها وأكثرها وأطولها تحققا…!!
كيف لنا أن نعبر عن مآزقنا ونعبر عما يكسر في داخلنا والزعماء في وطني باتوا أسرى صراعهم في حروبهم اليوميه ضد هموم شعبهم الحياتية …فالمواطن المسكين مقوس الظهر يضربونه أكثر مايطعمونه افقدوه القدره على أن يذهب بأحلامه ابعد من السلع التموينية والحليب القليل والماء الشحيح رغم تلوثه والوقود المنعدم والكهرباء المنطفيه أو البحث عن فرصة عمل كريمة!! كيف نعبر عن مآزقنا..؟ في وطني اغتيلت الطبقة المثقفه وبات فيه الفقير معدما والمعدم جائعا والجائع معانيا نزاعا طويلا أليما يتركه جثة هامده في قبضة الموت فقرا وجوعا… كيف لنا أن نعبر عن مآزقنا وأملنا في الغد المتمثل في شبابنا الممتلئين حياة وذكاء ونشاط يموتون هم أيضا بلا رحمه لان البطاله والمحسوبيه وإغلاق كل الأبواب في وجوههم امتص منهم الحق في الحياة قليلا قليلا.. حتى تركهم جثثا حية وهم في ريعان الشباب والقوه والحيويه بعد أن تعذر عليهم العمل والزواج والحب وحرموا حتى من حقهم في الحلم بهذه الحقوق البسيطه…
آه يا وطني الجريح.... كيف لنا أن نعبر عن مآزقنا الحقيقي بعد أن اختلطت كل الخيوط.. فلا أحد اصبح يعرف على وجه التحديد تعريفا لهذا المآزق..أهو الكبت السياسي فقط..أم الغضب المكتوم…أم الفساد والبطاله.. أم صبر أيوب.. أم افتراء المفتري… أم الفقر والعذاب والمرض أم هو الحرمان أم القسوة والظلم… أم هو التبلد أم هو كل هذه المتناقضات… في خليط مبتكر عجيب يجسد ما آلت إليه هذه الشخصيه من الكراهيه المستتره باليأس والأقدام الرضوخ والتمرد الضعف والقوه؟!!
كيف لنا أن نعبر عن مآزقنا ونعبر عما يكسر في داخلنا … أن القبح يطلب منا ألانضحك ..ألانبكي..ألاننطق…ألانحب ألانلمس ارض الواقع… ألانرسل احتجاجا في خطاب…ألانملك سطرا في صحيفه أو كتاب.. إلا إذا كان يبجل القائد المفكر والزعيم البطل أو عن أحوال الرياضة وأسرار النساء!!
كيف لنا أن نعبر عن مآزقنا ونعبر عما يكسر في داخلنا… كيف أكون بسيطا وصريحا .. عندما اكتب… كيف استعمل لغة فيها نزوات الأطفال.. وأحاسيس البسطاء.. كيف أسافر ضد الرياح…وأشعل في البحر نيران..كيف تكون الكلمة سيفا.. كيف تكون الكلمة وعدا…كيف تكون الكلمة صدقا... كيف اكنس هذا القبح في زمن الرياء والنفاق.. سامحونا أن جننا… سامحونا أن صرخنا… سامحونا أن رفضنا كل شيء…وكسرنا كل قيد…فشدة المعاناة في وطني اخرجتنا عن المألوف.... وحب الوطن اصبح لعنة تطاردنا..