ماذا لو إن ألفاظ بيان المجلس الانتقالي وردت في صيغة أفضل مما هي عليه بأن على حكومة بن دغر الأحمرية وكل مسؤول شمالي مغادرة عدن في مدها أقصاها أسبوع مثلا ، ومطالبة (بدلا من كلمة وإمهال) الرئيس هادي بإقالة هذه الحكومة الأحمرية التي تعمل ضد الجنوب والتي فشلت في تطبيع الأمور وبالذات الخدمات وتعيين بدلا عنها حكومة كفاءات يشكل فيها الجنوبيون النصف ؛ أليس هذا أحسن؟ . لماذا ؟ أولا: لأن كلمة " إمهال هادي بإقالة الحكومة" التي تضمنها البيان فيها تحدٍ وفرض وإملاءات على الرئيس هادي وإن كان هو وفي قراره نفسه يريد إزاحة بن دغر وهذه فرصة ذهبية أتت له للتخلص من بن دغر وحكومته ولكن بتلك الصياغة الواردة ذات النبرة المتعالية في ذلكم البيان ، فإن الرئيس هادي العنيد الطباع لن يقبل بها ولن يخضع وهو الذي لم يخضع ولم يرض للقوى الزيدية وهو في صنعاء وهو في قبضتهم وفي وضع أضعف سياسيا وعسكريا ، فكيف سيقبل اليوم بمثل هكذا إملاءات وهو في عدن ولديه من القوة والشرعية ما لم يملكها في صنعاء ، مالكم كيف تحكمون ؟!. ثانيا: كلمة "مطالبة الرئيس هادي" خير وأفضل من كلمة "إمهال" فكلمة "مطالبة الرئيس" فيها اعتراف وإقرار بشرعية هادي وهي تقال من الأدنى إلى الأعلى وفيها صيغة الطلب لا الأمر ، بخلاف كلمة إمهال الواردة في البيان فهي تقال من النظير أو الند ومن الأعلى للأدنى وفيها صيغة الأمر لا الطلب . لذا أقول: إن داخل المجلس الانتقالي لوبي يعمل جاهدا لتدمير العلاقة بين المجلس والرئيس هادي ويسعى إلى جر المجلس إلى المنحدر وإلى توريطه دائما ؛ فالحذر الحذر . وعلى من صاغ ذلكم البيان أن يدرك جيدا (وأنا على يقين تام أنه يدرك ذلك) بأن شرعية الرئيس هادي هي المظلة والغطاء للمجلس الانتقالي التي يحتمي بظلها وإن فقدانها يجعل المجلس الانتقالي عرضة لكل السهام داخليا وخارجيا ويسهل تصنيفه كمليشيات متمردة تعمل خارج إطار الشرعية ومعرقلة لأهداف التحالف وهذا أمر يستطيع هادي القيام به بكلمة أو بجرة قلم لو أراد ولكنه بحنكته وحكمته لن يفعل ذلك ، لأنه لا يريد أن يخسر نفسه ويخسر أهله الجنوبيين ، وبالمقابل فإن الرئيس هادي سيتحامل على نفسه وسيفوت مثل هكذا هفوات بمزيد من الصبر والحكمة والنفس الطويل فهو مستفيد من المجلس الانتقالي ومن بقائه دون شك كورقة ضغط في مواجهة ضغط اللوبي الشمالي لا تقل عن استفادة المجلس الانتقالي من شرعية وبقاء الرئيس هادي ، أي أن العلاقة بين المجلس الانتقالي والرئيس هادي هي علاقة تكاملية يكمل كل منهما الآخر ويقويه ويعضده ويجب أن تبقى هذه العلاقة وتستمر وإن تأرجحت بين الحين والآخر ، لأن تدمير هذه العلاقة التكاملية معناه خسارة وإضعاف للرئيس هادي وللمجلس الانتقالي معا وفيه تمزيق للنسيج واللُحمة الجنوبية وينذر بحرب أهلية سيكون الخاسر الوحيد فيها هو الجنوب وقضيته والمستفيد الاكبر هو قوى الشمال المتربصة بهادي وبالمجلس الانتقالي وبالجنوب عموما . ولتفويت الفرصة وإزالة التوتر والاحتقاق يجب علينا كجنوبيين أن نضغط شعبيا على حكومة بن دغر الفاسدة وقوى النفوذ الأحمرية الإصلاحية ومحاصرتهم وترحيلهم كمطلب شعبي وذلك من خلال المسيرات والتظاهرات السلمية المطالبة بتغييرها بحكومة كفاءات يشارك فيها الجنوبيون بالنصف ، ويراقب أعمالها المجلس الانتقالي كرقيب سياسي وشعبي . كما ينبغي علينا أن نفرق بين شرعية حكومة بن دغر التي تمثل القوى الإصلاحية والأحمرية ومدعومة من اللوبي الشمالي وبين شرعية الرئيس هادي التي يجب أن نتمسك بها ولا نتخلى عنها وأن ندافع عنها وندعمها كجنوبيين ضد قوى اللوبي الشمالي الذي يتربص بالرئيس هادي وينتظر الفرصة المناسبة للتخلص منه ومن شرعيته كي يستفرد هو بالمشهد اليمني كله ، وحينها سنفقد كجنوبيين الغطاء الشرعي الذي كان يحمينا إقليميا ودوليا والمتمثل بالرئيس هادي . فهل نتعظ ؟!!