الهبة الشعبية التي يقوم بها أبناء وبنات عدن هذه الأيام لحماية آخر متنفساتهم من أعمال البلطجة والعبث والتي طالت دولة بأكملها, قلب كل ذلك في نفسي مواجع دفينة اعتقدت في لحظات أنني بارعة في إخمادها من وقت لأخر, لكن ها هي اليوم تطفو على سطح أحلامي المتعبة فبينما عدن "الحبيبة" " المنهوبة..المسلوب منها كل شيء عدا توقها للحرية". هذه المدينة المدهشة والخرافية - حتى في بؤسها- تجد شبابها, شيوخها, نسائها, رجالها, كبارها وصغارها يهبون لنجدتها ملبيين نداء الواجب الوطني كلما صدح صدى صرختها. فتجد لها في آذان أحرارها وحرائرها وقعٌ قوي يحطم كل قيود السلبية فيشرق الواقع..متى أتقدت دون انطفاء شموع الوطنية الصادقة في النفوس. لحج..منهوبة أيضا صوتها قد صدح منذ زمن بعيد لكن لا من مجيب..في حين الألم هنا أعمق وأشد . لحج " التاريخ, الفن, التراث, الحسيني," هي لحج" القمندان, هادي سبيت, مسرور مبروك,حمود نعمان,حمدون, حسن عطا, فيصل علوي وعبود خواجه"..هي لحج الثورة , هي ردفان بجبالها الشامخة , هي لحج تحضر وبقوة فتنحني أمامها كل الأقلام اعتزازاً وفخراً في حين أن الواقع ينبض بؤساً وشقاء . لكن ألم يحن الوقت لتضوع أركانها برائحة فلها وكاذيها..من جديد ..بثورة وتضحيات رجالها, بعذوبة وبساطة قاطنيها..بطيبة وكفاح مزارعيها وفلاحيها. هي لحج قدموا لها لتزهر بين جنباتكم حباً ووفاء,"فالمجد يكتب لمن يعطي لا لمن يأخذ" وهي منهوبة "مئة بالمائة" ومسلوب فيها حق الحرية والكرامة, هي لحج والتي اسكنها وتسكنني منذ زمن طويل فبيني وبينها قصة حب "عصية على الفشل أو الانتهاء" يتلاشى الأمل في قلبي أحياناً كثيرة فأقرأ عنها واسمع من كبارها وأكتب عن أحلام صغارها, أمشي بين حوافيها, أتمرغ بهموم مواطنيها, استمع لأغانيها فيعود ارتفاع منسوب الأمل من جديد. هنا في "حوطتي" الغالية..خط صمت نقبع كلنا تحته مرتهنين لأحقاب الفساد والظلام ونظام برع في مسح كل القيم الجمالية حتى من نفوس البشر وليس على أرض الواقع وحسب. هنا أراضي شاسعة, مزارع, مباني أثرية, قصور للسلطنة العبدلية, مباني مختلفة , متنفسات كانت ملاذاً للجميع من داخل المحافظة ومن خارجها واليوم نحن سكان الحوطة نسمع عنها وفقط كأننا غرباء كأننا نستمع وفقط لأساطير وخرافات وحكايات الجدات تلك التي يخدرونا بها لننام حين كنا أطفالاً واليوم الواقع"أقوى مخدر" ونحن حقاً غرباء ومغتربون لا بل ونازحون داخل مدننا.
هنا نقف جميعا بشراً وممتلكات بين كماشة وسندان السلب والنهب "المنظم- العشوائي" من قبل بلاطجة ومسؤليين متورطين مدفوعي الأجر مسبقاً وجماعات معروفة للجميع تمضي دون رقيب ولا حسيب لإبقاء لحج صفراً صغيراً في أقصى اليسار , مخطط كان قذراً ولا زال ايضاً في نشره للظلام والجهل والرعب بين العامة لأن العلم نور والنور يعني فجر وحرية وشجاعة. ألا تستحق لحج هبة شعبية على الأقل "أضعف الأيمان" وقفة احتجاجية على سنوات مريرة من العبودية والتهميش , على الدماء التي تسيل بين الحين والأخر وبدم بارد في زمن أصبح فيه قتل النفس أسهل بكثير من شرب كأس الماء. لحج يتنكر لها أبنائها ويقسون عليها وبشدة رغم أنها المحافظة التي احتضنت الجميع بصدر رحب من فنانين وشعراء وتربويين وقادة وسياسين وبؤساء كادحين لكن وللأسف الشديد يخذلها الكل حين نلوذ بالصمت ليكتب يوم جديد يرمي بها نحو هاوية الخراب أكثر وأكثر. تحية تحمل أقدس الود والاحترام أبعثها من القلب لروعة تلك الأرواح "من كل الأطياف والانتماءات" التي شاركت وتشارك في تجسيد حب عدن على أرض الواقع فتقدم مجاناً وللجميع دروساً قيمة في حب الوطنية الحقيقية. تحية أقدس أبعثها لأحرار وحرائر لحج الذين يتألمون لواقعهم لكنهم لا يدرون ما العمل!! فحين تحتل السلبية النفوس يبقى الصمت واللامبالاة هما جواب الجميع, لذا دعوة صادقة أبعثها من هنا لأعضاء المجلس الأهلي بالحوطة, لكل المثقفين , للمتنورين,للصحفين ,للشعراء,للبسطاء الذين يحلمون بالحياة,لأصحاب الأحلام المتعثرة أو للمقبلين على الحلم, للوطنيين حقا, لأصحاب المبادئ الغير متجزأه ولأصحاب الضمائر الحية الغير مشتراه,,للشباب على وجه الخصوص. دعوة مني للتواصل , للتفكير, للعمل الجاد وبأبسط الإمكانيات من أجل تفتيت صخور الصمت المرعب في نفوسنا , وتحطيم أغلال السلبية والتي أن الأوان للقضاء عليها . دعوة مني للاحتجاج على وضعنا المزري,,للوقوف ولو حتى صمتاً , للصراخ حتى إن أمكن ,لنصتف في يوم نتفق في تفاصيله نتوحد فيه جميعا من أجل لحج,,أنقذوا لحج رجاء ..أنقذوا إنسانيتكم التي يبددها الصمت الطويل , أنقذوا أنفسكم..حتى لا تخسروا الحياة التي نستحقها جميعاً , أنقذوا لحج..أنقذوا ما يمكن إنقاذه !!!