سأفعل ما بوسعي لنشر الامل في تعز، لكن من الصعب أن نحتفل عندما تكون مدينتنا مدمّرة. قبل أربع سنواتٍ كانت تعز مكاناً ينطبق عليه معاني الجمال، إلا أن الجميع عانى من الحرب المدمرة. الأغنياء رحلوا،والطبقات الوسطى أصبحت فقيرة، والفقراء أصبحوا أشباه الموتى خمسة وسبعين في المائة من الأشخاصٍ لا عمل لديهم. عندما أجوب الشوارع أشعر بالفقر يهاجمني، وأرى منظر المرضى والمتعبين اليائسين الذين فقدوا الأمل بالمستقبل. حالياً، تعز مقسومةٌ إلى قسمين؛ في كثيرٍ من المناطق يمكن للمرء أن يقنع نفسه أن الحياة مستمرّةٌ كالمعتاد -أناسٌ يذهبون إلى العمل والمساجد، وأطفالٌ يداومون على المدارس، وطلابٌ يرتادون الجامعة- لكنك لا تعرف أبداً أين سيسقط الصاروخ التالي و مناطق أخرى، كالمدينة والأسواق ، دّمرها القتال. هنا في تعز الطقس شديد البرودة هذا الشتاء، مع انعدام المواد الاساسية والمتطلبات التي نحتاجه. عندما آوي إلى فراشي، غالباً ما يكون الطقس بارداً إلى درجة أني أقاوم لأستطيع النوم. لكن، حتى عندما أستلقي مضطجعاً وأنا أرتجف تحت أغطيتي، أتذكّر كم أنا محظوظٌ مقارنةً بأخوتي وأخواتي الذين ليس لديهم مكانٌ آمنٌ يستريحون فيه، وكثيرٌ منهم في حاجةٍ ماسّةٍ إلى الطعام والرعاية الصحية. إنه أمرٌ مفهومٌ أن كثيراً من أولئك الذين يستطيعون تحمّل أعباء الرحيل قد رحلوا. وفي اغلب المناطق حوالي نصف السكان الذين كانوا يعيشونه فرّوا، معظمهم إلى مناطق مجاورة وآخرون الى مدن بعيده. لن نحتفل بمرور السنه الجديده عند منتصف الليل، كما اعتدنا أن نفعل من قبل. فمن الخطر الشديد أن يقوم الناس بلاحتفال وتعزيق الزينه وفتح المهرجانات كمَ اعتدنا دائماً في الأعياد لأن المدينه اصبحت مليئة بلقناصين والأشخاص المتمردون. لكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك الآن. ومن الصعب أن نعبّر عن الفرح وسط هذه المعاناة الشديدة غير أننا، نعمل بجدٍّ للاستعداد لولادة المسيح الذي ننتظره ليخرجنا من الصراع الذي نحن فيه. وبالرغم من الخوف والعنف نعتقد أن السلام ممكن رغم ان الجميع متعبون، لكنهم يعملون ما بوسعهم ليعيشوا. وهم يبحثون عن النور القادم من السماء، لا من الأرض. ومهما كانت المصاعب التي نواجهها بتعز هي موطني، وفيها ولدت وترعرت. وسأحاول ان احمل لها الحب والامل رغم الدمار حتى ترجع وردة المدائن الى ما كانت عليه.