لست متحمسا كثيرا لزيارة وفد أوروبي مؤخرا الى عدن حتى ان وصفها كما جاء في بعض المواقع الاخبارية ب"المفاجئة" يعكس خلفية الزيارة الصورية هذه وآثرها باستثناء ربما التعبير مجددا عن رغبة الاوروبيين بضرورة تطبيق اتفاق الرياض وحسب؛ عدا ذلك الامر لاشيئ يبدو بمقدور الخارجية الاوروبية تقديمه بخصوص الازمة اليمنية .. من زاوية اخرى يمكن اعتبار تلك الزيارة عملا اوروبيا استباقيا ومقصودا يعكس المخاوف بالفعل من تحقق التوقعات بقرب التدخل الروسي الوشيك في الملف اليمني وهو الامر الذي طالما حاول الامريكان والرباعية عامة منع حدوثه طيلة اعوام الازمة الخمسة الماضية .. فغالبا ما تنشط الخارجية الاوروبية وخاصة الدول الحليفة منها للولايات المتحدة الاميركية في هذه التوقيت تحديدا اي العام الاخير من الفترة الرئاسية الاميركية عام الانتخابات والحملات المشتعلة هناك ومرجع ذلك ربما لانشغال الادارة الاميركية الحاكمة وقتها في تعزيز فرص نجاحها عبر تحقيق انجازات ملموسة وكذا التقليل قدر المستطاع من ارتكاب سياساتها الخارجية لعدد من الاخطاء المؤثرة او الذهاب الى خلق مزيدا من بؤر التوتر وهي قطعا منغصات ليست في صالح اي مرشح رئاسي أميركي وادارته امام الرأي العام هناك. يبدو ان النقطة الاهم بالنسبة لادارة ترامب بهذا الخصوص قد تمت فعلا وهي توجيه الصفعة الاقوى للنظام الايراني هذا العام والاكتفاء فقط بمشاهدة تداعياتها وهذا بالمناسبة مااكده اليوم الوزير بومبيو حين قال متباهيا: ( إيران لم تعد كالسابق) في اشارة الى العمل الاميركي الاخير تجاه التهديدات الايرانية المستمرة..ولولا مخاوف اميركية حقيقية من تنامي الدور الروسي بالمنطقة لاستمرت ادارة ترامب بالمشاهدة والمراقبة فقط لجميع ازمات المنطقة حتى انقضاء العام الانتخابي الاميركي .. الديبلوماسية الروسية استطاعت بالفعل اختراق الملف الليبي علنيا اليوم وباتت عينها تطرف صوب ازمات اخرى .. وهذا لربما ما يفسر النشاط المفاجئ للديبلوماسية الاوروبية ومحاولة فرض نفسها كلاعب اخر في ازمات المنطقة او على الاقل كلاعب بديل يملئ بعضا من الفراغ الاميركي حتى نهاية العام الحالي ليعود بعدها الى دوره الاعتيادي اي الدور الثانوي والبديل الذي يبدو انه فعلا اقصى مايمكن ان يقدمه الاوروبيون اليوم..