* *بقلم: د.علوي عمر بن فريد* تعقيبا على مقال أخي أحمد عمر بن فريد بعنوان "لا أبحث عن دم أبي .. إنما أبحث عن وطن للجميع" كنت أود أن لا أرد عليه لحساسية الحدث ولكنني لم أجد بدا من ذلك حتى تظهر الحقيقة كاملة للناس التي قفز على أحداثها أو ربما حاول اختزالها ، عندما تعرض لحادثة اغتيال أبي الشيخ عمر بن أحمد آل فريد فأبي رجل عروبي حر وشاعر فذ وله مواقف مشهورة في رفض السلبيات التي كان يعارضها علنا في عهد اتحاد الجنوب العربي رغم أنه كان جزءا من نظام مشيخة العوالق العليا إحدى الولايات الست التي أسست الاتحاد !! وقد جبل أبي على عدم السكوت على الباطل أو مهادنة الضيم والتسلط وكان شعره شاهد عليه ،وكان يؤمن بأن الجنوب (الوطن ) ملك للجميع دون إقصاء ولا تهميش ومن حق كل المكونات السياسية أن تشارك في بنائه بكل أطيافها ..وقد حاول إخوتنا آل محسن بن فريد أمراء العوالق إقناعه بالخروج معهم إلى المملكة العربية السعودية خوفا على حياته بعد أن تبين لهم أن بريطانيا قد بدأت بتسليم إمارات الجنوب العربي للجبهة القومية ضمن صفقة مشبوهة لإقصاء كل أنواع الطيف السياسي الجنوبي !! ولكنه رفض الخروج من الوطن و فضل البقاء فيه للمجاهرة علنا برفض ممارسات الجبهة القومية في السبعينات من القرن الماضي التي بدأت منذ الاستقلال وهي تمارس القمع والإرهاب ضد المواطنين البسطاء من أبناء الجنوب حتى طالت التصفيات الجسدية الكثير من المواطنين الأبرياء الذين لا يعرفون ألف باء السياسة أو المعارضة، وقد تبنت الجبهة القومية خطة سرية جهنمية لتصفية أكثر من ستين شخصية من رجال شبوة أطلقت عليهم مسمى (فرسان القبائل) وكان والدي في رأس تلك القائمة وأذكر أن بعض المواطنين المحبين له قد أخبروه بتلك القائمة وأن أسمه فيها ونصحوه بمغادرة البلاد خوفاً على حياته، إلا أنه كان يرفض دائماً مغادرة الوطن وأصَر على خروجي إلى المملكة العربية السعودية وفي يناير 1970م غادرت الوطن وعندما وصلت إلى الطائف أبلغني الأمير عبدالله بن محسن بن فريد باغتيال والدي، وقد كان متأثراً ومصدوماً أكثر مني، وتقبل آل فريد العزاء في والدي بمدينة الطائف. في الوقت الذي كان فيه الشيخ الشجاع فريد بن محسن بن فريد وابنه الشيخ محمد فريد يحضران قوة قبلية من قبائل العوالق للخروج إلى كور العوالق مكونة من ثلاث مئة مقاتل في شهر فبراير عام 1970م وكان لي شرف مرافقة تلك الحملة التي بقيت تقاتل في كور العوالق طوال عام كامل بقيادة الشيخ صالح فريد بن محسن والمقدم أحمد صالح بن لحمر والشيخ عوض حسين بن عشيم والشيخ مبخوت بن سالم الربيزي، وعندما علم النظام في عدن بدخولنا كور العوالق قام بترحيل عائلات كل الثوار إلى نجران، وقد تعرضت في ذلك الحين لضغط شديد من القيادة العولقية بضرورة العودة إلى نجران للالتحاق بإذاعة صوت الجنوب الحر، ولم يمر عام كامل على اغتيال والدي حتى وصلتنا برقية من كور العوالق بقتل قاتل أبي الضابط علي علوي بن هيفا في جبال مرخة!! وصدق من قال: " بشَر القاتلين بالقتل ولو بعد حين" والحمد لله أن دم أبي لم يذهب هدراً، وما ضاع حق وراءه مُطالب، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى إن التركة الثقيلة التي خلفها لنا الحزب الاشتراكي اليمني والتي دمرت الجنوب وأضاعت استقلاله وسيادته وخسر فيها خيرة رجاله وأوردنا المهالك وساق شعب الجنوب إلى باب اليمن في وحدة قسرية غير متكافئة لازلنا ندفع ثمنها من دمائنا وكرامتنا وثرواتنا وحريتنا حتى اليوم!! ومع الأسف الشديد لازال البعض من أبناء الجنوب يصغون إلى شراذم تلك القيادات الاشتراكية التي أضاعت الجنوب ويرون فيها طوق النجاة للجنوب !! والمثل العربي يقول :(لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ) ولا يجرب المجرب. والشاهد على تلك القيادات الاشتراكية لا زال ماثل أمامنا فهم من دمر الجنوب في الماضي والحاضر ولم يتطهروا من أحقادهم بل وما زالوا يخططون في المستقبل للوصول إلى الحكم ولو على جثث الجنوبيين أو حتى على برذعة حمار!! ولا زال البعض من رموزهم يتآمرن ويتحالفون مع شياطين الأنس والجان ولا ينفع معهم : التصالح والتسامح !! والدليل على ذلك أن بقايا قيادات الاشتراكي أو أبنائهم لا زالت تحتل مواقع في المجلس الانتقالي الجنوبي ويمارسون نفس السياسات التعسفية لأسلافهم ومنها محاولة إقصاء وتهميش قائد المقاومة في شبوة شيخ الأحرار صالح بن فريد العولقي الذي نجا من الموت عشرات المرات واستشهد أمامه وبجواره في شبوة وحدها أكثر من ألف شهيد !! وأخيرا أقول لأخي الشاب النزيه أحمد عمر بن فريد أنني أشك أن نستعيد الجنوب الوطن السليب بالتحالف مع الذين أضاعوا الجنوب من قبل لأنهم قد رددوا خلف صوتك وأقسموا بأغلظ الأيمان على التصالح والتسامح وهم كاذبون ومختلفون حتى مع بعضهم البعض ولا تصدقهم حتى لو تعلقوا بأستار الكعبة واغتسلوا عشر مرات بمياه زمزم !! د. علوي عمر بن فريد