فيروس كورونا كائن حي اجتماعي يتفاعل بشدة مع كافة التأثيرات البيولوجية والكيميائية والفيزيائية رغم صغر سنه. وقياسا بعمره الذي لا يتعدى الأشهر فإنه أبدى قدرات فائقة ليس على التكيف على الطبيعة بمختلف التي أتى إليها وحسب, ولكن أيضا على التأثير القوي والمباشر على النظم البيئية من خلال مهاجمته لرأس الهرم يفتك بقمة السلسلة ليهل عليه النزول إلى أسفل الهرم مفترسا القاعدة العريضة للسلسلة دون جهد وعناء ولا أية عراقيل قد تعيق تكاثره وحركة تطوره لبعض الوقت وليس كل الوقت. هذا هو التحدي أمام الإنسان في مواجهته لهذا المخلوق الذي يقابل التحدي بالتحدي والتصدي بالتصدي والصمود بالصمود. والإنسان تمكن من اكتشاف مدى تضاعف نشاط هذا الفيروس الذي لا يجري إلا في التجمعات يصيب العدد الأكبر إن لم يكن كل المتجمعين ما يؤكد سرعة تكاثره بأعداد جمة تنتشر بسرعة هائلة تملأ الهواء الجوي المحيط بالمتجمعين ثم ينتقل منهم إلى تجمعات أخرى. فهل العزل والحظر المفروض حد من تكاثر ونشاط وتفاعل الفيروس؟! كلا, وربما قلل الإصابة به والتي هي في حالة مستمرة رغم أنه, أي فيروس كورونا تمكن من جعل العالم كله خاويا خاليا من الحركة ومن مظاهر الحياة, وكأنه جمد الزمان عند ظاهرته وما يمتلكه من ميزة غير معروفة لتكاثره ولآلية تطوير جيناته منتجا أنواعا وأصنافا وسلالات جديدة مقاومة لكل ما يحاول الإنسان التخلص به من الفيروس بدءا بالمطهرات وانتهاءا بما يصنعه من أدوية ولقاحات حسب التدرج المتباطئ مقارنة بسرعة تفشي الفيروس.
أعداد لا حصر لها وكميات لا تعد ولا تحصى مع مرور الزمان الذي يتناسب طرديا مع مربع سرعة التفشي قد يلوث الغلاف الجوي للأرض بأكملها والتي لن تنجو من كورونا حتى ولو بقي فيروس واحد. فهل تستطيع البشرية أن تقضي عليه قضاء تاما وتطهر الأرض منه؟! حتى وإن أصبح الشغل الشاغل الدائم للإنسان أينما وجد هو مكافحة فيروس كورونا سواء بعزل نفسه وحظر التجول أو بما امتلك من مواد وأدوات ووسائل وسبل التي في تطورها يجب أن تسابق تكاثر وتكيف وتطور الفيروس. دوب كفاح ونضال دؤوب يجري الآن للإمساك ولو بطرف أو مفصل من مفاصل تساعد في القضاء التام على هذا العدو الشبح الغير مرئي, يجعل الوضع والحال يبدوان كمن يحاول أن يمسك الريح بيده.
المواطنون في بلادنا اليوم عليهم واجبات كما في سائر بلدان العالم أهمها البقاء في بيوتهم والالتزام بالمكوث بعيدا عن التجمعات حفاظا على حياتهم وحياة الآخرين, وفي نفس الوقت فإن لهم حقوق يجب توفيرها لهم وهي مسئولية تقع على عاتق السلطات والجهات المسئولة أهمها توصيل المساعدات – غذائية وقائية دوائية – إلى بيوتهم, وتوفير لهم الكهرباء والماء بشكل دائم ودون إطفاء ولا انقطاع. فالحر لا يطاق يدفع الناس إلى الخروج من البيوت إذا انطفأت الكهرباء والمصيبة لو انقطع الماء, لأن كل من يحمض لابد له أن يجد ماءا يغتسل. قدها حامضة من كورونا ومن قبل كورونا فلا تحمضوها أكثر بعد كورونا الذي لا قدر الله قد يجعل البشر تخم وترم في غرفهم.