لوحدها عدن واجهة مصيرها .. الغرباء والدخلاء والطارئون يأتون إليها ليأكلوها ويغنموها ولطالما تركوها لوحدها تلاقي حتفها .. لايكترثون لأمرها ، لايعبئون بها ، لايهمهم ماتلاقيه وهي كالعاده تدفع الثمن وهم كالعاده يتباكون عليها تقية ونفاقا . عدن لاتعترض القدر ، فأقدار الله عندها أرحم من كوارثهم .. ستون عاما من الكوارث ، ستون عاما من الصراعات والحروب التي دمرت عدن وأنهكتها .. ولقد سئمتهم عدن جميعهم ، لم تعد عدن ترغب بوجودهم على ترابها المثقل بهم وبفشلهم منذ ستون عاما .. حان الوقت ليحكمك أبناؤك ، حان الوقت ليحكم عدن أبناء عدن وعدن للعدنيين .. شاء من شاء وأبى من أبى ومن أبى فليشرب البحر .
الجميع بكى في مآتم العزاء التي تسابقت على شرف الكارثه ليسجلوا ويوظفوا مواقفهم المتصارعة وليجددوا عبثهم السياسي الفاشل ، ذرفوا الدموع ، بعثوا البرقيات وأعلنوا البيانات وأدلوا التصريحات وستنكروا وشجبوا وطالبوا وناشدوا ونقشعوا ونقشعة معهم أقنعة التقية وهم يسيرون في جنائز اللطم وشق الثياب والعدنيين يواجهون مصيرهم لوحدهم ..
خرج المنافقون والدجالون والأفاكون جميعهم يبكون على المذبوحة من الوريد إلى الوريد ليتوجوا عدن مدينة منكوبه .. ! ، لكن ما الجديد .. ؟ ، عدن منكوبه .. نعم منكوبه ، لستة عقود مضت والنكبات تتوالى عليها وهي تواجهها لوحدها .
لم نرى طائرة نفاثه واحده لأشقائنا تنتشل غريقا أو تجلي عائلة تحاصرها الفيضانات ، لم نلمح فريقا طبيا واحدا لحلفائنا يساعد في نقل العالقين وسط أمطار السيول ، لم نشاهد طقم عسكري واحد او مدرعه عابره خرجت لنجدة عدن وأهلها ولم نرى نفرة ونفيرا .. لم يستنفر أحد ولم نرى أحد وكانت لوحدها عدن .
لا حكومه ولا وزراء ولا محافظ ولا وكيل ولا وكيل مساعد ، ولا قائد ، ولا مدير ، ولا دفاع مدني ، ولا طوارى ولا سيارات إسعاف ولا حاملات للجند ، كان مشهد عدني مأساوي خالص وكالعاده كان العدنيون لوحدهم ولا أحد معهم .. خرج العدنيون لوحدهم لنجدة عدن ، نعم لم يخرج ألا العدنيون ، خرجوا يحملون أرواحهم بأكفهم من كل بيت وشارع وحاره عدنيه .
لوحدهم العدنيون خرجوا ، لم ينتظروا خروج أحد ولم يكونوا بحاجه لأحد ، خرج الصغير قبل الكبير ، كانت ملحمه عدنيه بأمتياز ، شباب عدنيون يقامرون بحياتهم لأنقاذ الأسر العالقة في البيوت التي طمرتها مياه الأمطار ولم تستطع الخروج ، فأمنوا تلك العائلات وأخرجوهم إلى بر الأمان وشباب عدنيون يهرعون بكل تضحية وفداء وهم ينقذون رجل مسن كاد ان يموت لولا شجاعتهم وبسالتهم .
شباب عدنيون يقومون بمساعدة أصحاب المحال التجارية لأنقاذ ما يمكن أنقاذه من غرق محلاتهم وبضائعهم بكل تعاون وإيثار لايصدق ، عدنيون أخرون يعترضون السيول الجارفة بغزاره لأنقاذ الأطفال الذين كانوا يلعبون عندما باغتتهم الفيضانات وجرفتهم ، كل ذلك كان يحدث والغرباء والدخلاء والطارئون ظلوا مكتوفي الأيدي وكتفوا بالمشاهده .
ثم يأتيك عنصري فاشل بكل عنجهيه وغطرسه يزاحم العدنيين على عدنهم وعدنيتهم وهو لم يقدم شيء لعدن .. عدن للعدنيين ولابد أن يدرك الجميع "الحقيقه العدنيه" .. العدنيين لن يتنازلوا عن عدن وعدنيتهم وقادرون ان يحموها ويحكموها ولابد أن يأتي ذلك اليوم !