تمطر السماء بغزارة في مثل هذا الفصل من العام .. فاترك كل مابيدي القلم والورق ولوح الكيبورد اخرج مسرعا من مكاني. القابع فيه بجولة كنتاكي منذ ظهيرة هذا اليوم المطير. المظلة تقيني ولاحايل لهذا القطرات زادت ريح تهب بين الفينة والأخرى لتبللني على الآخر. على الرغم من أن المسافة بين جولة كنتاكي والمكان الذي اهم الوصول إليه تقدر بانتظار فقط.. فها قد وصلت لعيادة الدكتور محمد الشرجبي. ببرج الأطباء بشارع الزبيري بقلب العاصمة صنعاء.. لكنها المسافة الطائلة ستبقى بلغة المطر. ماتذكره جيدا تابطي لملف يضم مسودة ديوان شعري الثاني المنضدة نصوصه المكتوبة بالقلم.. الجاهز للطبع من سنين ثلاث. ومن حسن حظي أن البلل لم يلحق به كما لحق بي. فهاهو العيد الكبير يقترب وتطوى أيامه .لم يبقى منها سوى أربعة أيام.. لاشيء يخول بيني وتقديم هذه الخدمة الإنسانية فمبتغاي الشرجبي الدكتور لحجز موعد وتسجيل عملية مايسمى بارنب الشفاة لطفلة أحد معاريفي هو الآخر صاحب مخبز أفلس تماما وفد تراكمت عليه الديوان ومبالغ الايجارات في ظل هذه الحرب اللعينة الجاثمة على صدور اليمنين من سنين خمس.. كنت بدوري نسقت لهذه الطفلة عن طريق إحدى الجمعيات أو المبادرات الإنسانية مع الدكتور. الذي يجري العمليات لمثلها حالات بالمجان واحيانا بنصف أو ربع التكلفة هذه الجمعبات الأخذ إعدادها بالتكاثر والقليل منها ذات جدوى حصدت رضى المحتاجين والداعمين على حد سواء. واللافت في عيادة الدكتور استجابتها السكرتيرة لطلبي وقد دونت اسم الطفلة بعد تحديد موعد الكشف عليها وموعد اخر صار لإجراء العملية الذي تم بالمجان ايضا.بعدتحدديها آنذاك باول شهر سبتمبر من العام الفارط.. اللافت في الأمر للمرة ا لون ديكور العيادة الهادىء المريح للزائر ولون ملابس مساعدي الدكتور من جراحين .. يعم المكان صمت مطبق إلا من همهمات لفتاتين يانعتين صنعانيتين من تحت اللثام الصنعاني ربما يتهامسن عن عملية تجميل ينظرن اليها بصفحات مجلة بيد احداهن. يجلس البعض الآخر منتظر عودة الدكتور في السادسة تماما تكتض العيادة بالذكور كمابالإناث. حدثني أحد الزائرين بأن الشرجبي يحظى بسمعة جيدة واقتدار في تخصصه النادر في اليمن المتمثل بكونه استشاري في التشوهات الخلقية وعمليات التجميل.. إلى هنا صار كل شيء كما اريد ولم أكن أعرف الشرجبي الطبيب إلا عبر صفحات الفيس الى اللحظة غادرت العيادة مسرورا لأحد والد الطفلة بعدها بأيام.. فاخبرني عن نجاح العملية تعتلي وجهه البريء بسمة لو قسمت على صنعاء لما كفتها.. اليوم وبنفس الموعد يصير أن احدد موعد آخر مع الطبيب الإنسان بيد أن الموعد لاهداءه نسخة من ديوان الشعر بعد تواصلات عديدة اكتشفت أن الطبيب يمتلك ذائقه شعرية غاية في الوصف بل وعلى اطلاع ثقافي شاسع في شتى أجناس الادب الى جانب إطلاعه في الجديد من تخصصه نموذجا لماهية الطبيب الاريب والإنسان لتكون ذات الزيارة ونفس اليوم المطير بالصدفة..لكن هذه المرة لاهداءه شخصيا ديواني الشعري المعنون "على ناصية الدهشة" طبعة دار كيوان دمسق 2017. ههنا نشير إلى حالته واللازم الإشارة إليها في في ظل شيوع لغةالدم والرصاص وتناميها كذلك لغة البغضاء والكراهية في بلادنا بين أفراد المدينة الواحدة والبيت الواحد وربما في الوطن العربي عموما. لاسيما وقد عرض على الطبيب مغادرة اليمن كما قيل ليمن أحد معاريفه. إلا أنه فضل البقى برغم كل الاغراءات. ففي هكذا سطورلعجالة انسانية الحروف والمضمون أجدها سانحة لاتتكرر ايضا لتقديم خالص امتناني للعربي اليوم فهي سبق وأن نشرت لي بعض النصوص البديعةالمنتقاة من ديواني الشعري الجديد المعنون ب"فيض وسناء" الماثل اليوم للطبع وذلك على صدر صفحاتها بين فترة واخرى عبر احدى الشاعرات العربيات. كما هو دابها ايضا مع الشعراء والشواعر العرب . اختتمها السطور حقا بالعودة لسيرة الدكتور والخاتمة القول إن من الاهمية بمكان إبراز هذه الحالة كسيرة تستحق الكثير لامجرد حروف عابرة..