كل شيء في الجنوب اليوم يدعوك للشك والتساؤل عن كل شيء غريب أصبح مألوفا وعن كل شيء محرم أصبح مباحا والعامل الثابت في الجنوب أن كل ما يحدث فيه يكون مبررا دائما عند من قرر أن يصبغ كل ما يحدث اليوم بصباغ اللون المحبب عند من يحب سماع ذلك!؟. الكل يدعي العمل من أجل المصلحة العامة ومن أجل الوطن لكن تبقى حقيقة ثابتة دائما في الجنوب مفادها أن كل ما حدث ويحدث من كل الأطراف حاليا يمزق الجنوب! وكل من يحاول صبغة ما يحدث اليوم في الجنوب من كوارث بصبغة اللون الوطني أكثر فهو بنظري من يمزق الجنوب أكثر؟!. وهنا يبقى الشك سيد الموقف في الجنوب دائما؛ فعندما ترى ذهاب الأمن وتسيّد الفوضى وغياب الدولة وغياب المسئول عن كل ذلك وتسمع الكلام عن الدفاع عن الجنوب أو الوطن! لا يبقى إلا أن تشك في كل ما يحدث؟ ولمصلحة من؟. وعندما تسمع أن كل الجزر وعلى رأسها أم الجزر جزيرة سقطرى لم تعد بيد أبنائها وتسمع الكلام الوطني وفلسفة تعريف ما يحدث بأنه من أجل علاقة الشراكة والمصالح المشتركة مع التحالف؟! فليس أمامك إلا أن تشك في كل شيء وطني؟!. عندما ترى الجنوب اليوم يتصارع مع نفسه ويختار المتصارعون بداية الصراع في شهر ينار المحرم! وهو شهر الذكرى المؤلمة بين الجنوبيين (13/ يناير/1986) ويستمر الصراع ونزيف الدم الجنوبي المحرم ثم تسمع أي طرف يبرر ذاك الصراع بأنه جاء نتاج الضرورة والمرحلة! فعليك أن تشك في كل شيء يستخدم فيه الدعاوى الوطنية من أي جهة كانت؟!. قصتين تألمت عند سماعي لهما أثناء محادثة في جلسة مع صديق الأولى دارت بيني وبين أخ من المجلس الانتقالي كنت أشرح له فيها أن ما يحدث اليوم من صراع يمزق الجنوب أكثر، فقال لي هي الضرورة نحن لم نبدأ الحرب بل جماعة الشرعية والرئيس فنحن قاتلنا مع الشرعية والرئيس لكن جماعة الشرعية والرئيس استأثروا بكل شيء بعد السيطرة على المحافظات الجنوبية وبرر أن هذا ما ذهب بالجنوب نحو ما نراه اليوم وقال إذا لم نقاتل سيضيع الوطن باللون الواحد؟!. قصة أخرى دارت بيني وبين صديق وأخ من الشرعية والذي دار بيني وبينه نفس الحديث أثناء جلسة خاصة حيث قال لي نحن لم نبدأ الحرب بل بدأها المجلس الانتقالي وطردونا من عدن ثم لحقوا وراءنا إلى أبين وشبوة يقاتلونا ويقتلونا واليوم يقاتلونا ونحن نقاتلهم دفاعا عن النفس فقط ثم قال نحن ذهبت بنا الضرورة نحو الصراع مع الانتقالي وإذا لم نقاتلهم فإنه سيتم إقصاؤنا ثم قتلنا من قبل الطرف الآخر وهذا لا يبني وطنا يسع كل أبنائه؟!. وهنا تساءلت من يمزق الجنوب أكثر الانتقالي أم الشرعية؟! فوصلت إلى إجابة مفادها أن من يمزق الجنوب أكثر هو الوطن نفسه! فهو المتهم الرئيس عند الطرفين فكل طرف يبرر ردة فعله تجاه الآخر بأنه كان من أجل الحفاظ على الوطن وحتى لا يقع الوطن في يد الطرف الآخر الذي يريد الوطن منزلا خاصا له ؟! وعليه فإن الأطراف المتصارعة اليوم في الجنوب بريئة ويحق لكل طرف قتال الطرف الآخر حتى يحصل كل طرف من الأطراف المتصارعة على الجنوب الذي يراه حسب مقاسه؟! وحتى يتعلم الجنوب المتهم والمجرم بأن الوطن لكل أبنائه؟!. د/ علي جارالله اليافعي