المكان ساحة الحرية الزمان مع إشراقه شمس صبيحة 21 مايو ، كنت قد ذهبت كغيري من ملايين الجنوبيين للمشاركة في احياء الذكرى ال (19) لإعلان فك الارتباط وحال وصولي الساحة بالتحديد قرب ألمنصة حيث لفت انتباهي وجود ثلاثة من الرجال يطعنون في العقد الثمانين من اعمارهم تقريباً كانوا يفترشون الارض ويلتحفون السماء تبين لي بعد تجاذب اطراف الحديث معهم انهم ضمن الوافدين من احد محافظات الجنوب في اليوم السابق للفعالية اكدوا لي مدى حرصهم على المشاركة في احياء الذكرى ..كان لذلك المشهد التراجيدي اثر كبير في نفسي ففي الوقت الذي سعدت عندما قرأت في وجوههم اراده جنوبية جامحة تنشد الحرية والاستقلال كأسمى مفاهيم عرفتها الانسانية. لكن تلك السعادة التي انتابتني سرعان ما تحولت الى حزن شديد حيث رثيتُ لحال اولئك الكهله الذين لم تثنيهم امكاناتهم الصحية والمادية عن المشاركة وزادني حزناً عندما وضعت مقارنة سريعة بين ما وجدته في ذلك المشهد وما يدور من خلافات وتباينات نتنة رخيصة عتيقة بين ساسة الجنوب..نعم انها تلك الخلافات التي تضع ذاتهم الشخصية الضيقة محل الذات الوطنية على حساب اولئك المقهورين وتبحث عن مستقبلهم الاناني في طيات ذلك الوطن ، وبعد تلك المقدمة الشبيهه الى حدٍ ما بالمقدمة الطللية وجب ان نضع ساستنا وقادتنا امام الحقائق التالية:
الحقيقة الاولى : ان السبب الرئيس والمعرقل الاول لنيل شعب الجنوب حريته واستقلاله يكمن بداخلكم نتيجة خلافاتكم الهدامة كما اصبحت تلك الخلافات مستمسك بل وذريعة يتغنى بها المحتل يؤكد بها دوماً عدم اهليتكم في ادارة دولتكم المزمع استعادتها. الحقيقة الثانية : ان شعب الجنوب لم يخرج بمليونياته لأجل مكون زيد او عمر بل لأجل الجنوب وللجنوب فقط ، فعلى الرغم من عدم وجود قيادة جنوبية موحدة إلا انه يوجد هناك شعب جنوبي موحد .
الحقيقة الثالثة: ان الثورة الجنوبية وعلى مدى سبع سنوات ونيف تسير في مسار افقي(محلك سر) بسبب تشتتكم ولن تحدث النقلة النوعية والانتقال الى المسار الرأسي إلا بتوحدكم ومن يراهن على غير ذلك فهو خاطئ .
الحقيقة الرابعة : اثبتت ادبيات السياسة بما لا يدع مجالاً للشك ان رئيس الدولة بما يمتلكه في موقع القرار من حزم قانونية ملزمة التنفيذ لقادر على رسم سياسات وتقديم رؤى دون الرجوع الى الشعب وعلى العكس منه نجد ان قائد الثورة يجب ان تكون رؤاه وسياساته تسير بشكل متناغم مع ما يطمح اليه شعبه لذا فان من يضع سياسات ورؤى لا تعانق طموح الشارع الجنوبي بالتأكيد سيفقد عصا القيادة .
الحقيقة الخامسة : ان المحيطين الاقليمي والدولي سيجبر على تغيير مواقفه من قضيتنا اذا ما وقفنا صفاً واحد بهدفاً واحد وقيادة موحدة .
الحقيقة السادسة: ان هناك فرصة تاريخية سانحة في الافق على الجنوبيين الاستفادة منها تتجلى بوجود تفهم كبير لعادلة قضيتنا لدى الكثير من ممثلي دول العالم في الاممالمتحدة واقتناص تلك الفرصة لن يتأتى إلا بتوحدكم ياساسة الجنوب(من حديث جمال بن عمر). الحقيقة السابعة : ان لم يكن هناك توظيف سياسي لمليونيات الجنوب ستبقى كغثاء السيل وتوظيفها يعني يجب ان يصغي لها العالم وهنا يأتي دوركم ياساسة الجنوب ولن يصغي لكم العالم إلا اذا تحدثتم بلسان واحدة اما تعدد الالسن فذلك يؤدي الى الضوضاء وعدم القدرة على السماع كما ان تعدد الالسن سوف يؤكد للعالم المقولة التي مفادها"وجود دولة فاشلة افضل من ايجاد دولتين فاشلتين" .