لا يمكن أن يكون مرور ذكرى ثورة 14 أكتوبر الخالدة حدثاً عابراً لا يشد أذهاننا ويستيقظ مداركنا ،بل يجب أن نمعن النظر في كل القيم والمعاني العظيمة التي أرستها تلك الثورة ورجالها الأبطال ،وذلك لأننا نعيش ثورة شبابية سلمية تعد امتداداً وتتويجاً لنضال الشرفاء ووفاءً لأهداف أكتوبر ومبادئها العظيمة . لقد حقق الجنوبيون وحدتهم العظيمة عشية الاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1967م وحرروا جنوب الوطن من سلطة الاستعمار البريطاني البغيض واستطاع شعب الجنوب أن يتوحد بعد أن جزأته السياسة الاستعمارية البغيضة إلى أكثر من (23) سلطنة ومشيخة . تم تبع هذه الانجازات العظيمة مرحلة من التآكل الجنوبي" زادت عن ربع قرن (25)عاماً هيمن فيها الحزب الواحد والرأي الواحد والصوت الواحد.. وأمم كافة نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ونتج عن ذلك مآسي تعرض لها شعب الجنوب ليس أقلها الانفراد بقرارات الجنوب المصيرية كإدخاله في الوحدة مع الشمال ومحاولة إخراجه منها قسراً وما ترتب عن ذلك من حرب عام 94م التي وضعت تلك التصرفات الانفرادية شعب الجنوب مكشوفاً أمام آلة الحرب الدموية ونوايا علي صالح الخبيثة في الجنوب ليحقق أطماعه في نهبه واستنزاف ثرواته والعبث بأرضه وتاريخه . والجنوبيون اليوم وهم يشاركون شباب اليمن عموماً في ثورتهم الشعبية السلمية لإسقاط نظام (علي صالح) فإنهم بدون أدنى شك يناضلون في سبيل قضيتهم الجوهرية وهي القضية الجنوبية العادلة وإعادة الاعتبار للإنسان الجنوبي كونه صاحب الحق في وضع المعالجات الصحيحة لقضيته بعيداً عن القرارات الفجائية المفروضة بالقوة أو لغة الواقع كالانفصال أو الاحتفاظ بالجنوب قسراً في وحدة بعيداًٍ عن الشراكة الحقيقية والوحدة المفترضة.. إننا اليوم كجنوبيين معنيين أكثر من أي وقت مضى أن نلتقي جميعاً على كلمة سواء مضمونها الرئيسي الاصطفاف جميعاً في خندق واحد مع تلك الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي تضرب أطنابها في ربوع الوطن اليمني شمالاً وجنوباً لإسقاط هذا النظام -الاستبدادي القمعي الظالم- كهدف رئيسي يفتح بتحققه الطريق واسعاً أمام الجنوبيين في الجلوس إلى بعضهم بمختلف أنتمائاتهم وكياناتهم في حوار جنوبي جنوبي واسع لا يستثنى منه إلا من أبى - وذلك بعد مصالحة جنوبية شاملة تتجاوز كل الأحداث المؤلمة في تاريخنا السياسي الجنوبي - للتحاور والنقاش بروح مسئولة بعيدة عن هوس الانتقام أو التسلط وفي منأى عن الوصاية والارتهان ولغة التخوين والاتهام. ولنتفق جميعاً على ميثاق شرف جنوبي يلتزم به أبناء الجنوب يستند إلى سلمية النضال الجنوبي وحضاريته والقائم على قاعدة أن القضية الجنوبية قضية سياسية وطنية وأن الشعب الجنوبي بمختلف مشاربه وانتماءاته هو من يقرر وضع المستقبل السياسي لعقد الشراكة الوطنية منطلقاً من أن الجنوبيين جميعاً أخوة ومتساوون في الحقوق والواجبات محرم بينهم الدم والعرض والمال وإشاعة الكراهية والبغضاء دون إقصاء لأي تنظيم سياسي أو اجتماعي أو ثقافي أو طغيان قبلي أو مناطقي أو جهوي . أن ذكرى أكتوبر المجيدة فرصة سانحة لتكاتف الجهود وتعاضدها والتسامي فوق المصالح الضيقة والنظر إلى المستقبل نظرة ايجابية كوننا من يرسم ملامحه بعيداً عن تأثير الماضي وتجاذب أطرافه وبمنأى عن الإقصاء وثقافة الإلغاء وليترك للشباب دوراً ريادياً لقيادة المستقبل بعيداً عن الوصاية ولا يستغني عن النصيحة والخبرة .