تعز .. اسم لا يكاد يذكر إلا وتقفز إلى مخلية المرء تلك المدنية الجملية الطيبة الأثر العريقة الوجدان في كل زمان ومكان ,, هي مدينة العز كما أطلق عليها في عصور ولت فيما ذهب آخرون إلى تسميتها بمدنية النجوم أو المدنية الحالمة , هي منهال الخير وأرضالعطاء التي تربعت على عرش المدن اليمنية كمقر سياسي أول فكانت عاصمة لدولة بني رسول الأولى لمدة تزيد عن مائتي سنة , تعز الحضارة والأرض والإنسان والثقافة عبر التاريخ لم تعد اليوم كذلك بعدما جيرها الزمان وقوقعها في خانة الذل والنسيان وهي تئن تحت وطأة الفساد الذي استشرى فيها كما النار في الهشيم وهي تحرق الحرث والنسل وتأتي على كل ما نبض في الحياة لتحوله إلى رماد تذروه الرياح في أي جهة شأت.. هو تساؤل يطرحه كل من فقد حبيب أو قريب ما الذي كانت ستفعله الجهات المسئولة بالمحافظة أن أصيب أي منهم أو من أفراد أسرهم بحمى الظنك , هل ستقف كما المتفرج عليه أم أن طريق التأشيرة على الجواز أقرب إليها من حبل الوريد , قرابة 4 أشهر والمحافظة ترزح تحت وطأة والمرض والجهات الصحية مع المسئولين عليها في فلك يسبحون وبإجازة العيد يتنزهون .. منذ ظهور أول حالة للمرض للعام الجاري أواخر شهر رمضان المنصرم وحتى اليوم لم تجد الجهات المسئولة بالمدنية الموبوءة أي حلول شافية من شأنها القضاء على الوباء أو العمل على الحد من انتشاره الذي أتى على مئات الأرواح في حرب فيروسية قد تفوق في عدد ضحاياها ما خلفته الحرب الجارية في صعدة . ففي حين تقدر الجهات الرسمية أن نسبة المصابين بالمرض يقتربون من 1000 حالة تؤكد جهات مطلعة أن عدد الحالات المصابة تجاوزت 2000 حالة من ضمنها 50 حالة وفاة حسب إحصائيات 3 مستشفيات خاصة تعمل في المحافظة التي تفتقر فيها المستشفيات العامة إلى أبسط المعدات والتجهيزات لمواجهة المرض.. قد لا تجد محافظة تعز من وزارة الصحة إلا اسمها الذي كاد يخرق الآذان وهي تصول وتجول بالتحذير من مرض أنفلونزا الخنازير الذي استطاعت أن تخلق منه حالة من الرعب لدى المواطنين من خلال مؤتمرات عقدت وندوات انطلقت لتوعية الناس بمخاطره وما تقدمه من جهود وتنفقه من أموال بغية الحد من انتشاره وذلك حفاظاً على صحة مواطنيها الذين تفتك بهم حمى الظنك يوماً عن آخر بوباء قضى عليه في الكثير من الدول منذ عشرات السنين وهي مفارقات عجيبة توقف المتفكر فيها واجما لزمن وهو يحاول فك شفرتها .. على عاتق من تقع المسئولية ومن هو المسئول أمام الله عن هذه الأرواح التي أزهقت دون ذنب اقترفتها , هل هي وزارة الصحة التي لم تتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الوباء , أم المحافظة التي لم تقوم بواجبها من توفير المياه لسكان المحافظة , أم مكتب الصحة الذي لم يوفر الأجهزة والمختبرات والأدوية للمرضى , أم مكتب الأشغال العامة الذي حول معظم شوارع وأزقة المدنية النائمة إلى بحيرات من المجاري وبرك من الأوبئة , أم هو المواطن نفسه الذي وقف عاجزاً أمام المرض لقصر ذات اليد والتسليم بالأمر لرب العباد .. محافظ المحافظة وأمينها العام ووكلاؤها ورؤساء المجالس المحلية وأمناؤها وأعضاؤها وإدارة الصحة بالمحافظة ومدراء المكاتب الصحية بالمديريات ومدراء المكاتب التنفيذية ومن له مسؤولية بذات المجال يدركون المشكلة كلها , ليبقى التساؤل ما الذي قدمته على أرض الواقع , لجنة برلمانية مشكلة من مجلس النواب تطلع على الأوضاع في المحافظة الموبوءة وتقرر بضرورة وسرعة حصر المرض ولكن ما الذي طبق هو الأخر على أرض الواقع .. عشرات الاجتماعات عقدت ومئات الأفكار تمت مناقشتها والنتيجة حلول ومقترحات على ورق وإن تعدى الأمر لا يتجاوز فرق من الرش بسيارات تحمل رقم حكومي وقد تندر في بعض الأحيان وهات يا ملايين .. الاجتماعات الطارئة التي تعقدها قيادات المحافظة لمناقشة حمى الظنك أشبه بصوت الجعجعة ولكن دون طحين , قرابة أربعة أشهر على ظهور الوباء والمحافظة تفتقر إلى جهاز فحص الصفائح الدموية والذي يكاد ينعدم باستثناء أحد المستشفيات الخاصة بالرغم من التزام المحافظة بتوفيره خلال مدة قصيرة في إحدى اجتماعاتها الروتينية السابقة .. ما يجري في محافظة تعز من استهتار بأرواح الموطنين تعد جريمة تقع لكل من يحمل ذرة من مسئولية في هذه المدنية التي لا يدرك آلامها إلا من ذاق ويلاتها ومرارة فقدان الأحبة في مرض لا يكلف القضاء عليه سوى إرادة حقيقية تشعر بروح المسئولية وهي تعمل على تذليل كل المنغصات التي تعمل وتساعد على انتشار هذا الوباء وأهمها ردم برك المجاري والمستنقعات المنتشرة في المدنية بإيجاد حلول طويلة الأمد من شأنها أن تعييد للحالمة جزءاً من رونقها وجمالها التاريخي والحضاري علاوة على ذلك الإسراع في توفير مياه صالحة للشرب للمحافظة من خلال البدء في مشروع محطة التحلية من مياه البحر في المخاء وهو المشروع الذي يعقد عليه المواطنون بكثير من الأمل بما يسهم من انتشالهم من أزمة المياه وليالي الانتظار التي قد تطول لأشهر خاصة وأن في المشروع مساهمة كبيرة من قبل مجموعة رائدة في النجاح لكل المشاريع التي تديرها , هي أمالا يعقدها المواطن على هذه المجموعة وخاصة في ظل تناقل بعض من وسائل الإعلام عن رفض بيت هائل سعيد بناء محطات لتحلية المياه في ميناء المخا لتزويد محافظة تعز بالمياه الصالحة للشرب لعدم التزام الحكومة بإيجاد البنية التحتية لهذا المشروع .. لم يبقِ أمام سكان مدنية النجوم إلا أن يوجهوا نداء استغاثة لكل مدن العالم بإنقاذ أرواحهم من مرض حمى الظنك الذي بات يتهددهم وأطفالهم.