يمكن تلخيص تاريخ مصر المعاصر في الصراع المتواصل بين الشعب المصري وبين أعداءه داخليا وخارجيا، يأخذ هذا الصراع شكل معركة تحرر وطني تارة، ويأخذ شكل صراع هوية تارة، ويأخذ شكل صراع على السلطة تارة أخرى. ركز أعداء مصر دائما على أدوات تزييف الوعي من تخريب للتعليم، وتغريب للثقافة والفن، والسيطرة على خطاب الأوقاف، والتحكم الكامل في الإعلام، فتحول الصراع إلى صراع وعي وفكر ومعلومات في المقام الأول. ثورة 25 يناير هي صفحة من صفحات هذا الصراع، تسببت في حدوث انتخابات حرة نزيهة، والتي أتاحت بدورها معرفة الاختيار الشعبي الحر، وهذا الاختيار جاء بمن يعادي أعداء مصر الحقيقيين، من محتل خارجي، ومن متآمر داخلي. قد نختلف أو نتفق على مدى نجاح من اختارهم الشعب، ولكن لعلنا نتفق أن أداءهم الفني في إدارة الدولة لم يكن هو المحك الحقيقي، ولكن الانتماء للمرجعية الإسلامية، وعدم التنازل عن قضايا محورية يبدو وكأنه جريمتهم الحقيقية. لما لم يمكن احتواء الرئيس المنتخب وحزبه المكتسح للانتخابات، لم يكن هناك مفر من تدخل الجيش بانقلاب عسكري يتحجج بمظاهرات قام هو بحشدها، ثم اتضحت أبعاد المؤامرة، وتوالت جرائمها ومذابحها، والهدف إقصاء الممثل الحقيقي لإرادة الشعب الحرة. في مصر اليوم ثورة ضد الحكم العسكري، مستمرة بشكل متواصل منذ ثلاثة أشهر، وقدمت آلاف الشهداء، وعشرات الآلاف من المصابين والمعتقلين، ينتمي لهذه الثورة ملايين من أبناء مصر، وهي امتداد حقيقي لشرارة 25 يناير، وهي وريث شرعي لثورات عرابي و1919 و1935، وهي الممثل الحقيقي للشعب الذي انتصر على الصهاينة في 1973. ولن ينته هذا الصراع ببساطة في يوم أو شهر أو سنة، لأنه صراع وعي قبل أن يكون صراع سياسي.