اليمن وطن وشعب حباهم الله بمميزات قل نظيرها في الأوطان والشعوب الأخرى ميزهم الله في القرآن والسنة فأنزل فيهم آيات محكمات وخصهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأحاديث لم يخص بها غيرهم فوصفهم بالحكمة والإيمان ورقة القلوب وأهل المدد منهم الأنصار وفاتحين الأمصار. لهم في كل البلدان مناقب ولو كتبت في وصف أهل اليمن لن يكفي مجلد بل مجلدات. وفوق هذا وهبهم الله موقع استراتيجي يحسدون عليه وجعل في هذا البلد من الثروات ما يكفينا ويزيد بترول وغاز ومعادن وسياحة وثروة سمكية لو استثمر أي قطاع منها بأمانة لكفانا شر العوز والحاجة للغير. لكن ابتلينا بالفسادين فأهلكوا الحرث والنسل وأرجعوا اليمن قرون للخلف. لن أطيل في الوصف والشرح فكلنا يعلم ما هي اليمن ومنهم أهل اليمن وطن وشعب عظيم وعلى قول المثل جوهرة في يد فحام. ابتلي اليمن وأهلها بنخب سياسية فاسدة رهنته للخارج أو بوصف أدق من ذلك رهنت نفسها فأصبحت كل جماعة من هذه النخب تنفذ أجنده خارجية وتسعى لجني المصالح الشخصية على حساب الوطن والشعب. ولن نستدعي التاريخ لأنه مليئ بالشواهد التي تثبت الارتهان للأجنبي البعيد أو الإقليمي القريب وتنفيذ ما يطلب منها والواقع يقول أن من يمولك أو يدعمك لابد أن يطلب منك شيئ مقابل ذلك، فالدول ليست جمعيات خيرية ولا طالبة أجر من الله بل طلاب مصالح وأصحاب استراتيجيات وأهداف تدفع لمن يخدمها بقدر ما تستفيد منه. اليمن وطن الجميع ولن يتبرع لنا أحد بوطن آخر فلماذا يسعى البعض لتمزيقه لخدمة طرفاً ما ويقوم البعض بتفتيته اجتماعياً من أجل جني مكسب شخصي أو فئوي وهنالك من يرضى ببيعه من أجل مكسب قبلي إلا بعداً لمشاريعكم وبعداً لتلك النخب التي جعلت اليمن وأبناءه آخر ما تفكر فيه. يتصارعون في الداخل ويجعلوا جماجم اليمنيين وقود لهم ويتفقون لدى أسيادهم فتراهم مطئطئي الرؤوس منتظرين ما يجود به رئيس دولة أو مليكها عليهم. يخدمون تلك الدول ويوالونها أكثر من ولائهم لوطنهم الذي لن يجدوا من يؤيهم غيره. يستلمون ثمن الدماء بالدولار أو الريال وتراهم يدعون الوطنية ويتغنون بها في تناقض عجيب لا يفعله إلا أراذل القوم. لعمري ما رأيت مثل نخبنا السياسية في العالم يتملقون الخارج ويخدمونه على حساب وطنهم يريدوا أن يفهم الشعب بأن العالم أحرص على وطنا منا. وهذا هو الافك العظيم فما يهم أميركا هو محاربة القاعدة وخنق روسيا والصين بسيطرتها على باب المندب وجزيرة سقطرى. وما يهم إيران هو التوسع والنفوذ ونشر المذهب. وما يهم السعودية هو بقاء اليمن في حالة مراوحة لأن قوة اليمن يعني سحب البساط من تحت الجارة في الإقليم. لذا ترى الكل يسعى لتحقيق مصالحه فقط عن طريق تلك النخب التي يعرفها أبناء اليمن قاطبة والتي أصبحت تجاهر بارتهانها للخارج بطريقة وقحة تنم عن التفكير بالذات وليس بالوطن. وترى من يمثل تلك النخب يدافع على أصحاب نعمته أكثر من دفاعه عن وطنه فلا يسمح أن يقال بحق إيران أو السعودية أو أميركا كلمة واحدة لكن يلزم الصمت إذا ما قيل أي شئ بحق وطنه وشعبه وكأن الأمر لا يعنيه وهو فعلاً لا يعنيه لأنه مجرد متحتدث باسم فصيل يمول من تلك الدولة. مصيبة اليمن في من يمثلوه من النخب السياسية والقبلية والفكرية وغيرها وليس الكل لكي نكون منصفين فهنالك ثلة يهمهم الوطن أكثر من أنفسهم يقدمون الغالي والنفيس في سبيل عزته لكن هؤلاء قليل في وسط كم هائل من المرتهنين للخارج. لذا ومن باب إن اليمن السفينة التي نبحر عليها جميعاً نخب وشعب أرجوا من أولئك الذين يتاجرون باليمن وبدماء أبنائه أن يعودوا إلى رشدهم ويعلموا أن الوضع الآن تغير والشعب صحى ولم يعد نائما ولن يسمح لهم بالاستمرار بالمتاجرة من أجل مصالحهم الشخصية أو الحزبية أو القبلية. وعليهم أن يتركوا لعب دور المنفذ المأجور لدول أجنبية من مصلحتها تدمير اليمن وليس بناءه، وليعلموا أن اليمن قوي خير لهم من أن يضل ضعيف تتلاطم به الأمواج ما أن يخرج من صدمة موجه حتى ترتطم به موجة أخرى، كانوا سبب رئيسي في إدخاله ذلك البحر المتلاطم الأمواج. * المملكة العربية السعودية [email protected]