الإثنين , 12 يونيو 2006 م تمنيت لو كنت أسلحة دمار شامل، تنازلت عن الحلم قليلاً لأتمنى لو كنت أحد التفاصيل: صاروخاً نووياً.. عبوة ناسفة.. أو حتى رصاصة؛ ثم أنفجر بكل حقدي وقهري في جسدها الحقير، فتذروه الريح واللعنة. لا أمتلك معلومات كافية عن الخصم، لكنني قرأت ذات مرة ما مفاده أنَّ أقصى عمر افتراضي يمكن أن يعيشه البعوض لا يربو عن «3» أيام، لست متأكداً من لياليها، وأنَّ أنثى البعوض هي من تلسع وتغنّي بصوتها الناحل ما يثقب طبلة الأذن وصناجتها، وهي من ينقل الملاريا التي تبيد أرواحاً بالجملة والتفرقة.. كثيراً ما أجد الملاريا تعشعش في البيان الطبي لأي فحوصات مخبرية لي، على قلة زياراتي للمختبرات. حسب معلوماتي المتواضعة، فالذكر من البعوض اللدود قد يلسع لكنه لا ينقل العدوى ولا يغنّي، لكنه كأنثاه في العمر الافتراضي الأمنية العنيفة التي راودتني - افتتاحية هذا المقال - قد أتراجع عنها بعض الوقت وبعض الحقد، كلما تذكرت أن الخصم يموت طبيعياً في الثالث من عمره، فلماذا الحرب والأمنية؟!. قبل عام تقريباً، كنت موتوراً من أشياء كثيرة ليس منها البعوض، اسرائيل مثلاً والمستشفيات الخاصة ولجنة إقرار الإصدارات في وزارة الثقافة، وعيد الفطر الذي دهمني وأنا حافي الكفين. كان الخصوم على وزن وحجم أو بمعنى أقرب: من الوزن الثقيل، انسحبوا فجأة من القائمة، وحطّت على رأسها بعوضة مجهولة سرقت على حين غفلة مِنَّا لترات دم من معصم طفلنا الصغير «حمد» وهو لم يسلخ بعد الشهر السادس من عمره المبارك، وليس فيه سوى بضعة سي، سي من دمه البريء الطاهر. على حين غرة.. غفلة من عيوننا اقترفت تلك البعوضة اللعينة جُرماً لا أبشع منه ولا أشنع، ومن يمناه الشريفة ملأت معدتها بدمه السليب.. ما أقسى قلب البعوضة وما أبعده عن تاء التأنيث. مَرَّت الدقائق دهوراً ونحن ندعو الله ونرتقب لحظة الشفاء على أصابع أقدام ترتعش كزلزال، كان بإمكان البعوضة اللعينة أن تضع أمامنا خيارات أخرى؛ كأن نتفاوض سلمياً أو ندفع إليها دم كلينا «الأب والأم» وتعويضات مالية مغرية لتكف عن لسعة معصم طفلنا الحبيب الذي مازال رطباً وغير مستطيع، ولكنفّ نحن عن العداء واستخدام المبيدات الحشرية، كان بالإمكان ذلك لكنها لم تفعل، فجاءت اللسعة طعنة غادرة في قلبينا الحنونين.. لم تطرح من خيار سوى الملاريا واللعنة الأبدية على كل بعوضة فاجرة، ومن هذا المنطلق مازالت أمنية المفتتح قائمة في الختام وما بعد، قد يرى فيها الآخرون مبالغة وغباء، لكنَّ الأحلام السينمائية غالباً ما تكون بهذا النمط، كما يحدث في أفلام الرعب والهند. أنا متفرغ الآن تماماً للحقد على البعوض من ذكر وأنثى، حتى وإن ذهبت الملاريا عن «حمد» وها هو يطفئ شمعة عيد ميلاده الأولى رغم أنف البعوض!. Alhattami [email protected]