« اليمني رخيص ما حد يسأل عنه» و«المواطن لا يعطى اهتماما إلا إذا كان المخطوف من أصحاب رؤوس الأموال» . الأولى قالها خاطف والثانية توصيف على لسان شيخ منطقة في إطار ملف رائع نشرته مجلة «أبواب» في عددها الأخير حول الاختطافات مع التركيز على نموذج واحد لمديرية استحوذت على نسبة كبيرة من عمليات الاختطافات التي شهدتها اليمن خلال نحو عقدين من الزمن. الملف الذي جاء بعنوان “ بني ظبيان , خاطفون ومخطوفون” أشار إلى أن من بين 11 عملية اختطاف قامت بها قبائل خلال الأشهر الأربعة المنصرمة , فإن 7 منها قام بها أفراد من بني ظبيان. وتناول جذور الظاهرة مفرزا أسبابها إلى احتجاجات على غياب العدالة في البدايات الأولى قبل أن تصبح الظاهرة مجالا خصبا للمغامرات ووسيلة سهلة للإثراء والربح السريع. والحديث عن فلتان الأمن وضعف القضاء كأبرز العوامل التي ساعدت على ظاهرة الاختطاف إضافة إلى عوامل الجهل والرهان على ثقافة العنف لحماية الحقوق إضافة إلى البطالة المنتشرة في صفوف الشباب , لا يعفي مرتكبي هذه العمليات من الجرم , لكنه يكشف عن ثغرات وأخطاء ينبغي معالجتها حتى يتم التصدي لهذه العناصر التي أصبح بعضها يفاخر بعملياته واصطياده لرؤوس يكون ثمن فديتها كبيرا وهؤلاء هم إما من جنسيات أجنبية تضطر الدولة إلى القبول بشروط الخاطفين للخروج من دائرة الحرج أمام البلدان الصديقة , أو من أقارب رجال أعمال يجدون أنفسهم مجبرين على دفع تلك المبالغ الكبيرة. وعندما تشير الوقائع إلى أن الأجهزة المختصة لم تحبط كثير من عمليات الاختطاف , ولم يتم إدانة أي خاطف حتى الآن بشكل قانوني ولا حتى أحيل إلى القضاء , بل إن خاطفين حظوا بمصالح بعد عملية منها وفقا للمصادر, فإن الدور التوعوي الذي نقوم به كإعلاميين وكتاب صحفيين نحو المجتمع بشأن هذه الظاهرة ومساوئها تصبح مثل الأطرش في الزفة . ففي ظاهرة الاختطافات , مع تقديرنا لمبررات البطالة والافتقاد للخدمات والمشاريع وللقصور في القضاء وفي الجوانب الأمنية وهذه لا تخلو منها مديرية أو منطقة يمنية فالحال من بعضه , فإن أكبر خطأ أدى إلى بروز هذه الظاهرة هو الاستجابة لمطالب الخاطفين وإبتزازاتهم في حالة الرؤوس الكبيرة والأجانب والصمت وعدم فعل شيء عندما يكون المخطوف مواطنا بسيطا لا مال له ولا ظهر , ولولا ذلك ما تجرأ هؤلاء الغجر على الاستهانة بأبناء شعبهم والقول بأن اليمني رخيص وما أحد يسأل عنه . كما أن هذه العبارة «اليمني رخيص وما حد يسأل عنه» تحتاج إلى وقفة ليس لكونها تتعلق بموضوع الاختطافات وحسب , بل إننا سمعناها مرارا وتكرار في حالة يمنيين في المهجر تعرضوا في هذا البلد أو ذاك للمهانة والتعسف لأسباب تافهة , وعندما كانوا يلجؤون إلى من يفترض أنهم مسئولون عن رعاية شؤونهم , كانوا للأسف الشديد يصطدمون بلامبالاة وتجاهل أصابهم بالإحباط والحسرة. ولا بد أن نؤكد جميعا على أن اليمني ليس رخيصا ولم يكن في أي وقت مضى كذلك ولن يكون.. بل إن الرخيص هو كل من لا يحرك ساكنا تجاه مظلمة أو تعسف تعرض له مواطن يمني سواء في داخل البلد أوخارجها , يجب أن يكون الجميع عند مستوى المسئولية وعند مستوى ثقة القيادة السياسية وتمثيلها خير تمثيل في كافة المواقع. [email protected]