بدأ رمضان شهر المحبة والسلام.. شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار..، شهر التقرب إلى الله بالمزيد من الطاعات التي نرتجي من ورائها التكفير عن سيئات أعمالنا التي ظللنا نقترفها طيلة أيامنا الماضية بقلوب سوداء وعقول غافلة عن ذكر الله ورحمته وعفوه.. بدأ رمضان وهناك من سارع وأعلن الجهاد المقدس ضد إخوانه وأقربائه، وذهب يمتطي سيف غدره وحقده ويستعد لساعة الحسم التي سيفوز معها بخزائن الكراهية التي ستنسكب عليه كالمطر غير مأسوف عليه!.. بدأ رمضان وتصفدت معه شياطين الجن، ولكن بقيت شياطين الإنس يعيثون في الأرض فساداً ويستعدون للذهاب نحو معركة دامية يقولون عنها بأنها معركة التحرر والخلاص، والاجتثاث والإلغاء والنهاية الحتمية لجزء من هذا الشعب المنادين بالمحبة والإخاء وإعلاء قيم الحوار والتسامح، والرافضين للعنف والفوضى بكل صوره وأشكاله!.. لن نصوم بهدوء على ما يبدو، فالخنادق بدأت تُحفر، والمتارس وضعت وتم تجهيزها، والقلوب استعدت لقلب الواقع..، والمعركة التي بدأت في أبين ونهم وأرحب ستعمم على كل الأرض بأمر دعاة التغيير وأصحاب نظرية الاجتثاث والتصادم الذي لا بد منه!.. أيام مليئة بالصخب ننتظرها وتنتظرنا..، مليئة بالدماء والحرائق، هكذا يريدونها..، وما يقومون به من أفعال وأعمال دليل حي على سوء التوجه الذي اختاروه لليمن واليمنيين.. ورغم ما نشاهده ونلمسه على الواقع من وراء أفعالهم وأقوالهم إلا أننا نتمنى أن تكون أقوالنا تلك مجرد أضغاث أحلام ولا تعدو عن كونها أيضاً حكاوي وأساطير لا مكان لها على الواقع ولن يكون لها مكان.. ما نريده مع دخول أول أيام شهر رمضان المبارك أن نصوم بهدوء.. أن نشعر بأننا نعيش في أجواء وليالي رمضان المليئة بالحب والروحانية، وبالأذكار التي تقربنا إلى الله طلباً لعفوه ومغفرته ورحمته.. نريد أن يعيش أطفالنا في أجواء رمضانية هادئة، بعيدة عن صخب الساسة وقوارح الحقد والكراهية التي تفزعهم وهم نيام.. نريدهم أن يعيشوا نفس الأجواء المليئة بالبهجة التي كنا نعيشها في رمضان أيام طفولتنا..، سعداء بفوانيس رمضان وصوت المسحراتي البهي، وبترديد أذكاره المليئة بالفرح والباعثة في النفس سعادة لا توصف.. دعونا نصوم نحن وأطفالنا بهدوء.. فقد شبعنا ثرثرة وتهديدات، ومللنا حياة القلق والألم والأوجاع التي عشناها طيلة الستة الأشهر الماضية من أعمارنا.. وهنا ينبغي علينا التذكير ببعض أحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم وما قاله عن رمضان وقيمه وأخلاقه التي ينبغي أن تتعزز في النفوس.. يقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.. وقال عليه الصلاة والسلام “الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم”.. أسأل الله العلي القدير أن يؤلّف بين قلوبنا في هذا الشهر الكريم ويرفع عنا الهم والغم والبلاء..، ويعزز في نفوسنا وقلوبنا روح المحبة والأخوة والتسامح.. إنه على كل شيء قدير.. ورمضان كريم وكل عام ووطننا بألف خير.. [email protected]