تأسرني كثيراً فكرة الاقتراب من الواقع الاجتماعي والدخول إليه بكل تفاصيله الجميلة والدقيقة متجاهلاً كل ما يحدث في صنعاء سياسياً وأضرب به عرض الحائط لأكتب عن الحب بنكهة طالب جامعي. هذه الأيقونة المعقدة لدى الطالب الجامعي الذي تتجاهله الظروف وتضغطه الحياة بين كماشة “الملزمة والمصروف” وهو يقاوم كل دوافع الإحباط والشعور بأننا في الزمان الغلط. البعض منهم تجذبه فكرة زملائه أن يتناسى الواقع المليء بالقسوة ويبلل حياته ولو برائحة أنثى عابرة تساعده في التخفيف من آلام التوجع والشعور بالغربة الروحية. تكاليف الزواج الباهظة تجعل الطالب الجامعي يقبل بكونه مفلساً عاطفياً برتبة امتياز... وهذا ما يحدث غالباً... فجأة يتورط أكثر عندما يقرر أن يسلك طريق الحب ويأخذ عدته من قصائد نزار قباني والتعبيرات العاطفية ولا ينسى كذلك استصحاب جمل الحب المكتوبة على زجاج الباصات الخلفية وسيارات “الهايلوكس”. ذهنية مستعدة للحب ومحرومة من جسد امرأة وبدون مقدمات تقودك الظروف العمياء لتتعلق بقلب امرأة “صحراوي” لفت انتباهك إليها مفاتنها وقبابها المرتفعة... هو يريد أن يخرج من حالة التجمد والوحدة التي يعيشها في ليالي صنعاء وهي تبدأ معك أولى طقوسها في العلاقات الغرامية على أنها رومانسية بعض الشيء بطلب “رسل لي كرت تلفون”... لا أعرف وصفاً لائقاً لهذا النوع من الحب غير أننا سنضعه تحت يافطة “حب فون” على وزن سبأفون. ليس غريباً أن يقودهم الحرمان الأزلي إلى التلصص الدائم على جسد امرأة ممتلئة تراعي حقوق جسدها في الدهانات المرطبة ومساحيق التجميل. كان يظن أن حياته ببساطة ستتحول إلى مغامرات عاطفية ودموع فراق وسيدخل عالم اللحم الأبيض بمجرد أن يكمل محفوظاته من ديوان “قالت لي السمراء”. هذا الديوان الذي يمثل “حرز” الطالب الجامعي يصطحبه في أغلب خرجاته بجوار الملزمة... يحاول أن يتمثل حكايات قيس وليلى في زمن انعدام “مزيل العرق وكريم تفتيح البشرة” وتتسمر عيناه على جسد حبيبته وهي تعبر في ممرات الكلية ولا يستفيق إلا بصورة العميد ذي الشارب المفلطح... مع كل هذا تبدو إخفاقات الطالب الجامعي أكثر بكثير في جيل محموم ب“جل الشعر” وبالطو من نوع “فك لي شاطير” كذلك الإخفاق الدائم في “دهاليز” الفيس بوك ومنعطفات “تويتر” وضياع فرصة العثور على مغامرات عاطفية كمغامرات عمر بن أبي ربيعة. كثير منهم يجهلون أن الحب يختلف وأن القلوب تتصحر أكثر بالمرور تدريجياً من زمن “قفا نبك” إلى زمن “زيديني عشقاً” التي تنسجم إيقاعاتها مع عصر الوجبات السريعة. إنهم بريئون وأوفياء... بعد سنوات من الجامعة لا زال منهم من يحتفظ بأشيائها الأكثر خصوصية ويرى أنها تذكار هام لبقايا أنثى عبرت من هنا يوازي تماما قداسة “أبي الهول” في نفوس المصريين. [email protected]