يمر المؤتمر الشعبي العام الآن بأزمة سياسية عاصفة داخل أروقته التنظيمية قد تنذر بانقسامه وتفتيته بل وتفككه؛ نتيجة انغلاقه حول نفسه وتقوقعه في مستنقع الماضي في تفكيره العتيق الذي لا يخدم الواقع ومتغيراته السياسية، حيث مازال يدار بعقلية الناسك الذي لم ينجح في تطوير الحياة السياسية على مر عقود ماضية كانت هي الأسوأ في عهد اليمن.. وبرغم الواقع الصعب الذي عاشه هذا الحزب الكبير خلال عام 2011م ومقاومته للأزمة السياسية لكنه لم يستفد مما حدث، بل إنه مازال مصراً على نهجه السياسي على مستوى تنظيمه وتعاملاته كحزب جماهيري يمتلك قاعدة شعبية لا بأس بها، فقد بات مهدداً بالتفريخ والانقسام، وهذا ما يحدث الآن بالفعل داخل هذا الحزب.. فهناك تباينات وتجاذبات تحدث في اللجنة العامة للمؤتمر حول مستقبل المؤتمر، وذلك في تطوير الرؤى الوطنية لديه وإحداث نوع من التغيير التنظيمي داخل كيانه الحزبي، لاسيما وأن القيادات الحالية لم تعد تستطع تقديم أي جديد يمكن أن يخدم مصلحة الحزب إن لم يكن اليمن برمته. وبالتالي فإن المؤتمر قد أصيب بحالة أشبه ما تكون بالركود الديمقراطي والفكري وابتعاده عن نقاط ميثاقه الوطني الذي إذا اتبعها أجزم أنه سيكون حزباً رائداً يحظى بقبول شعبي طاغٍ لا مثيل له، لكن لطالما وأن المؤتمر مقيد في تحركاته بين رأسين فلا فائدة لأن يشب عن الطوق؛ إذ سيبقى أسير الدوران في حلقة مفرغة ينتظر الأوامر العليا لكي ينشط في الحقل السياسي.. والحقيقة أن المؤتمر يعتبر الحزب الوحيد من بين الأحزاب السياسية الأخرى الذي يتميز بمرونته السياسية مقارنة بالمنهجيات والأيديولوجيات التي تقيد جل الأحزاب المناوئة له المضي وفق رؤى معينة لا يمكن تجاوزها، وهو الأمر الذي ينتج عنه تقوقع وتمترس وراء أفكارها غير المتجددة والمواكبة للأحداث والتحولات الجارية حولها.. لكن إذا لم يستغل المؤتمر تلك الميزة التي يحظى بها قد يكون لها انعكاسات سلبية ستؤثر على واقعه السياسي والتنظيمي.. إن أخطر المراحل السياسية التي يمر بها المؤتمر الآن هي أنه أصبح مشرفاً على التقسيم والتفريخ، وذلك إلى ثلاثة تيارات داخل الحزب؛ فهناك تيار الرئيس عبدربه منصور هادي، وتيار الرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام، وتيار نجل الأخير العميد أحمد علي، وهذا ما يحدث بالفعل حيث صار كل تيار يعمل على أساس أن كل واحد من أولئك الثلاثة هو زعيمه، لكن بمقدور تلك التيارات المتصارعة أن يتجاوزوا هذه العقدة الحزبية المتنافرة بحيث يبقى المؤتمر لحمة واحدة من خلال التنازلات التي سيقدمها عتاولة الحزب في عقد مؤتمر عاجل لانتخاب قيادة جديدة شابة تقود زمام الحزب بمفهوم سياسي متقدم بعيداً عن الشخصنة الحزبية التي بلا شك قد تكون قاسمة للحزب.. ولكي لا يكون المؤتمر عدو نفسه وعديم الصواب عليه أن لا يخضع لتأثيرات الفردية وأن لا يعتمد في سياسته على فتاوى وتقييمات المنضمين إليه من أحزاب أخرى لأغراض مادية بحتة لا يهمهم مصلحة المؤتمر وإنما مصالحهم الذاتية فقط..! رابط المقال على الفيس بوك