كنت – ولا أزال - أعلق آمالاً عراض على أعضاء مجلس النواب وعلى قيادات الأحزاب والنخب السياسية إنهاء حالة الانقسام الحاد داخل هذه المؤسسة البرلمانية وتقديم التنازلات لما فيه المصلحة العامة, وبما لا يتعارض مع تنفيذ مضامين المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة الهادفة – في الأول والأخير– إلى إخراج اليمن من شرنقة تداعيات الأزمة. أما بقاء الحال على ما هو عليه من الانقسام والتشرذم والمقاطعة والتلويح باتخاذ أكثر الخيارات مرارة وسلبية، فإن ذلك لا يخدم هذه القوى الممثلة داخل مجلس النواب، ولا يخدم كذلك مسيرة التسوية السياسية التي يعوّل عليها كل أبناء الوطن والمجتمع الإقليمي والدولي، وأن تكون خاتمة لمسلسل الأحزان اليمانية. وأعتقد أن القيادة السياسية بزعامة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي،لن تدخر جهداً في إعادة الروح إلى الجسد البرلماني، والعمل على إعادة أجواء التوافق وتأصيل روح الإيثار بين أعضاء هذه المؤسسة الوطنية، واستنباط وطرح جملة من المعالجات الموضوعية والذاتية والوطنية لتعطيل فتيل هذه الأزمة وعلى قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» خاصة أن استمرار هذه المؤسسة الوطنية على هذا الحال من الانقسام الحاد في وحدة بنيانها والتشكيك في مخرجات عملها هو بمثابة عامل محبط لأدائها التشريعي والرقابي؛ فضلاً عن أن هذا الوضع غير الطبيعي يخدش الصورة الزاهية التي يرسمها العالم حول تجربة الوفاق الراهنة بكل تجلياتها وعظمة إنجازاتها. ومن الغرابة بمكان أن تسير آليات مراحل التسوية السياسية في خط تصاعدي وإيجابي – كما هو الحال في مؤتمر الحوار الوطني – بينما تتنصل بعض المكوّنات الحزبية عن التزاماتها الدستورية ذات الصلة بأداء عديد المؤسسات ومنها المؤسسة التشريعية؛ وهو – بالتأكيد – لا يخدم عملية التسوية السياسية برمتها، ولا يخدم في نفس الوقت حالة التوافق الوطني والإجماع الأممي حول تسوية القضية اليمنية، بقدر ما يثير الإرباك وتعطيل كافة الجهود الداخلية والخارجية التي تنصب راهناً في استكمال التسوية العادلة والدائمة للمشكلات المعاصرة في هذا البلد. وإلى أن تعود روح المسؤولية الوطنية وخاصية الاستشعار بجسامة التحديات القائمة، فإن الأمل يحدونا على أن تتمثّل المكوّنات السياسية الممثلة داخل مجلس النواب روح هذه المسؤولية الوطنية الكبيرة، فضلاً عن باقي المكوّنات والقوى المجتمعية والسلطات المختلفة ضرورة تجاوز حالة الاستلاب وأجواء المماحكات التي تعيشها هذه المؤسسة وغيرها من مؤسسات الدولة المختلفة. وفي الوقت الذي كنّا نتطلّع فيه من أعضاء مجلس النواب بكتلهم المختلفة أن يكونوا أنموذجاً يُحتذى، لا أن تكون هذه «الانتللجنسيا» مجرد اسفنجة لامتصاص واقع الاختلافات والتباين واجترار سلبيات الماضي بكل مراراته وأحزانه، فقد وجدنا – مع الأسف – الصورة مهشمة وتوحي أن ثمة خطراً يحدق بنا، على أمل أن تسترجع ذاكرة النواب الموقرين فداحة ما قد تؤول إليه الأوضاع إذا ما استمرت حالة الانقسام الحاد داخل هذه المؤسسة على حاضر ومستقبل التجربة والوطن على حدٍ سواء. رابط المقال على الفيس بوك