بعد أن شهد العالم على ( حكمة ) اليمنيين بتجنيبهم البلد حربا أهلية وذلك عبر توقيعهم للمبادرة التي كان من ضمن مخرجاتها ( تحصين ) الجميع ممن تورطوا في إزهاق الأرواح ووقع على ذلك اللقاء المشترك الواجهة السياسية للثورة الشبابية والمحرك الفعلي لها على أرض الواقع.. وبعد أن رفعت الساحات وجفت الشعارات التي كانت تنادي بمحاكمة ( السفاح) ولم نعد نسمع ( لا حصانة لا ضمانة يتحاكم صالح وأعوانه) ..إذا بنا نعود خلال هذا الأسبوع إلى مربع المحاكمة وسقوط الحصانة , كل ذلك بسبب مخرجات لجنة الحكم الرشيد بمؤتمر الحوار التي ناقشت ( العزل السياسي) مؤخراً.. ليس هذا موضوعنا المتشعب.. فقط الاستغلال السيئ لدماء الشهداء واستحضار أجسادهم في كل مناسبة تتأزم فيها أساطين السياسة أو قراراتهم ..كم هو سقوط وتدني الأطراف التي لا تملك سوى هذا الاستغلال الغير قيمي وإنساني في إلجام الخصم ولي ذراعه. دماء الشهداء غالية لكنها ترخص وتهان حينما يتاجر بها سياسيا أو تقحم في صراع سلطوي. الدماء ليست لافتة ابتزاز وتخويف , من يستغلها يسقط من أعيننا ويكشف عن قناعه الحقيقي ويتبدى تاجرا بأرواح الناس حية وميتة!. تصبح النفوس دنيئة عندما تتباكى على الأرواح والشهداء في مشهد درامي متكلف منزوع الإحساس والمشاعر في هذا الوقت بالتحديد بعد أن صمتت ما يقارب السنتين !, الجماهير التي خرجت تهتف وتلوح بجثث الشهداء كيف رضيت لنفسها أن تصبح كومبارس يؤدي دور المتباكي ؟ صحيح أن الهدف هو المطالبة بمحاكمة القتلة وقد يبدو المطلب لا يسقط بالتقادم لكن توقيته اليوم غير صحيح. كان ينبغي عدم مناقشة هذا الأمر أو التطرق إليه أقصد ( العزل السياسي) لأننا في حوار مع الجميع لإيجاد مخرج للبلد وليس للشهداء الذين قد ارتاحت أجسادهم. نحن في وقت إيجاد رؤية لبناء البلد وتجنيبنا مزيدا من الدمار لا وقت إعادة روح الانتقام والمحاكمة. وأين هو القضاء الذي سيتولى الفصل بالأمر وسيحاكم القتلة ؟! نحن في طور البحث عن هذا القضاء أولا نبحث عن شكل الدولة القوية التي ستضمن لنا ولأجيالنا العيش مستقبلا وتحفظ الأحياء من القتل اليومي بمختلف أنواعه وأدواته !. رابط المقال على الفيس بوك