وقفة.. الموت في وطني بات لعبةً تتناوبها أيادي المتصارعين بكل وقاحة, وفي النهاية القاتل مجهول!...فمِن قتل المسؤولين إلى اغتيال مشايخ القبائل إلى انتهاك أرواح الأبرياء دون ذنبٍ أو جريرة سوى أنهم يعيشون على أرض الوطن... فيارب ارحم الشهداء البريئين وألهم ذويهم الصبر والسلوان. كثيراً ما أفرُّ من الإجابة عن أسئلةٍ تلاحقني, وتصرُّ على أن تدفعني إلى الإجابة عنها, وكأنها غريقٌ يبحث عن حبل نجاةٍ لتستمر حياته, هكذا الأسئلة متى ما بحثنا لها عن إجاباتٍ بقيت حيةً واستمر بقاؤها وتواجدها على الأرض وتناسلها في العقول التي تعيش في أزمنةٍ وأمكنة مختلفة, لتستمر الحياة حين تتعدد الإجابات وتتنوع, أما إذا تركنا الأسئلة وأهملناها دون الإجابة عنها, دون منحها ترياق الحياة.. ماتت واندثرت في حينها, لتتوقف الحياة حين نختصرها في إجابةٍ محدّدة نُحرِّم بعدها السؤال والبحث والتنقيب. فالأسئلة هي سرّ بقاء الإنسانية وتقدمها , كلما طرحت سؤالاً وعثرت على إجابةٍ له, وَلدَّت الإجابة أسئلةً أخرى في سلسلةٍ لا تنتهي إلا بنهاية الدنيا, والعقل الإنساني دائم التعطّش والبحث والتساؤل, وارتواؤه أو توقفه عن السؤال يعني خمول هذا العقل وتوقفه عن النمو ما ينعكس على الحياة بشكلٍ مباشر, لأن كل تطوّرٍ في المجتمعات منشأه العقل الإنساني, فإن كان خاملاً بات المجتمع متخلفاً, فالحياة تتغير وتتطور بينما هو يقف في نقطةٍ زمنية واحدة لا يودُّ التزحزح عنها, بينما إذا كان العقل متحركاً نشطاً بات المجتمع متطوراً يسير مع الزمن والحياة أو يسبقها أحياناً, الزمان بالنسبة له مجرد محطات لابد من تجاوزها نحو المستقبل نحو الأفضل، وهذا هو الفرق بين المجتمعات المتخلفة والمجتمعات المتقدمة. والأسئلة التي يطرحها العقل البشري منها أسئلة فلسفية تتعلّق بأصل الأشياء وجوهرها وبداية الخلق وطبيعة الكون وقوانينه, وأخرى دينية تتصل بالدين الذي يؤسس لعلاقة الإنسان بخالقه وعلاقته بالكون وبالبشر من حوله, وأخرى مادية تتصل بكل ما يحيط الإنسان من موادٍ مختلفة ومن طبيعة, ومنها إنسانية تتعلق بذات الإنسان أحاديثه الداخلية هويته مشاعره وأحاسيسه قيمه وأخلاقه وعلاقته بالآخرين, وغيرها من الأسئلة التي لا نهاية لها.. ولكل نوعٍ من هذه الأسئلة مجاله وتخصصه, ولكن الشخص الطبيعي أثناء رحلته الحياتية التكوينية تدور في ذهنه عدة أسئلة في مجالاتٍ متنوعة, منها ما يحصل على إجابتها من بيئته المحيطة ومنها ما تعجز بيئته عن الإجابة عنها فتموت وتنتهي, وقد يجيب عنها من تلقاء ذاته من خلال تأمّله ونظره الخاص, وقد تظل معلّقةً في ذاكرته يبحث لها عن إجابةٍ في الكتب ولدى من حوله من أشخاص, وهنا تكمن الخطورة خاصةً فيما يتعلق بالإجابة عن الأسئلة الدينية, وهنا أتحدث عن الدين الإسلامي على وجه التحديد, حيث قد يجد الإجابات جاهزة تختصر عليه طول العناء والبحث, إجاباتٍ عن أسئلةٍ طُرحت منذ قرون في زمان ومكان ومجتمع معين، وبفعل القدم أصبحت لها سلطةً مقدًسة على المجتمع وعلى النصوص الدينية الثابتة, فيقع في الفخ حيث يتلقّف الإجابة كما هي, ويبدأ في صراعٍ مع الزمن ومع المجتمع ومع ذاته بل ومع الحياة بأسرها, ليصبح تابعاً لجماعاتٍ دينية متطرّفة أو متشدّدة تدعِّي احتكار فهم النصّ الديني من كتاب وسنة, وأن فهمها لهذه النصوص هو الصحيح دون سواها, فيقع فريسةً لجهله الذي حرمه من البحث الحرّ وجهل المجتمع المتخلّف الذي يكره الأسئلة ويقمع صاحبها, ويهوى الإجابات الناقصة المنقوصة الغير مقنعة, أو الإجابات الواحدة المكرّرة التي تعطّل التفكير وتوقف العقل وتكبح جماح كل سؤالٍ مباح.. رسالة إلى كل مرب لا تمنع من تربيهم عن السؤال, وخذ بأيديهم نحو الإجابات الصحيحة, وإن طرحوا عليك سؤالاً جديداً بالنسبة إليك فشاركهم البحث عن الإجابة.