ليس بجديد إن قال شخص ما أن ثمة إنطفاءات كهربائية متكررة في اليمن تصل إلى ثلاث وأربع بل وحتى عشر ساعات في اليوم الواحد في الوقت الذي يعيش فيه العالم في القرن الحادي والعشرين وتحتفل بعض الدول بمرور مائة عام على عدم انطفاء الكهرباء حتى ولو لدقيقة واحدة، كل ذلك صاراً أمراً اعتيادياً يتقبّله أبناء الشعب اليمني الصبور جداً. لكن الجديد في الأمر أن تصل فترة الإنطفاءات إلى أكثر من 24ساعة، وأحياناً إلى 48ساعة في بعض المدن اليمنية.. لاشك أن الأمر قد زاد عن حدّه بكثير وبات من الضروري أن تبحث القيادة السياسية عن بدائل عاجلة وناجعة لمعالجة أزمة كان ومازال بمقدور مسئولي الكهرباء التخلّص منها بأبسط الحلول وبأقل التكاليف بدلاً من إنفاق تلك الأموال الطائلة في سبيل شراء طاقة أو تجديد محولات كهربائية شبه منتهية.. أو الإنفاق في إصلاح ما يفسده أشباح قاطعي الكيبلات!! إن وضع حلول جذرية وبذل أموال لمعالجة هذه الأزمة “الانطفاءات الكهربائية” أفضل من إهدار خزينة الدولة واستنزافها في إبرام عقود وصفقات هنا وهناك “وبدون جدوى” ولن أذهب هنا للحديث عن تلك الصفقات المشبوهة التي يُقال أن المستفيد الوحيد منها هم مسئولو هذا القطاع الخدمي.. فالجميع يدرك ذلك ولكني سأكتفي بالإشارة إلى ضرورة مراجعة تقرير البرلمان بهذا الشأن، وكذا تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الصادرين مؤخراً فيما يتعلق بالكهرباء وصرفيتها. إننا أمام مشكلة حقيقية لطالما تكلّم عنها الكثير من الناس ولست أول من يكتب، ولن أكون آخر من ينبّه إليها، لكن الطامة الأكبر هي أن يظل التجاهل قائماً في وقت يوجد فيه من ضعفاء النفوس من يتاجر بمادتي الديزل والبترول ما يزيد من الأعباء على كاهل المواطن، وما يفاقم الأزمة خصوصاً لدى المستشفيات، وبمعنى أدق إن حياة بعض الناس صارت مهددة ومرهونة بعدم تكرار الإنطفاءات، وهنا لابد أن نذكّر بمرضى الفشل الكلوي ونظرائهم من المرضى الذين أصبح طول الإنطفاءات الكهربائية ينذر بالخطر على حياتهم. وهنا وانطلاقاً من مسئولية وأمانة الكلمة الملقاة على عاتقنا فإننا نحمّل قيادة مؤسسة الكهرباء والأجهزة المعنية كامل المسئولية عن كل الأضرار والخسائر المادية والبشرية التي تلحق بالمواطنين وليس ضرباً من الخيال إن قلنا: إنه يحق لكل مواطن “وبحسب القانون” أن يرفع دعوى قضائية ضد وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة للكهرباء، وشخصياً ومن هذا المنطلق وباعتباري مواطناً فإنني أتقدم ببلاغ إلى النائب العام وهيئة مكافحة الفساد لمحاسبة قيادة ومسئولي الكهرباء، وإيقاف مهزلة الانطفاءات، بل ومعاقبتهم على إنفاق المليارات في صفقات لم تأتِ بالجدوى الاقتصادية الحقيقية منها.. وإن كانت الحكومة عاجزة عن الإرهاب الذي يُمارس في حق الشعب من ضبط المخربين والمتسابقين على ضرب أبراج الكهرباء فإنها حتماً لن تعجز عن إيجاد بدائل مناسبة وسريعة لتلافي أزمات “مكررة” قد تودي بحياة الناس. لنترك الحزبية جانباً وإلى إين ينتمي هذا المسئول؟ ولا ندافع عنه لأنه من كذا و... و..الخ من المهاترات، كل هذا لا يعنينا في شيء بل العكس هو ما أدخل بعض مرافق الدولة في دهاليز الفساد. ولنضع الآن صوب أعيننا وكل جهودنا في اتجاه شيء واحد ومشكلة كبرى لا تقل عن مسألة الإرهاب ألا وهي مشكلة الكهرباء! صدقوني إذا وُجدت النوايا الصادقة المصحوبة بالأفعال المخلصة لتخطى البلد أزمة “طفّي، لصّي”. أخيراً: يجب أن تنظر الدولة بجدية ومسئولية أكثر لما يعانيه المواطن في جانب خدمي ومهم مثل الكهرباء، وبالأخص مع قدوم فصل الصيف الذي يتزامن مع شهر رمضان المبارك، ولتضرب بيد من حديد على كل من يفكّر أو يشرع في قطع خطوط الكهرباء وعلى كل من يعبث داخل هذا القطاع الحيوي المهم. “اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد”.