صراعات حزبية في الشمال والجنوب وصلت إلى حد المواجهات المسلحة وبكل أنواع الأسلحة المادية والمعنوية, البعض من هذه الصراعات تم زج الجيش فيها ليتم التخلص منها ولكن مضت سنوات وبلادنا ماتزال تكافح الإرهاب المتمثل في القاعدة, والتي صارت تنشر مخلفة وراءها قتلي ودماراً.. كل هذه الصراعات المذهبية صراعات في بلد يدين بدين واحد هو الإسلام, ومع ذلك هذه الصراعات والمواجهات تستخدم فيها القوة من أجل حصول طرف على حساب الطرف الآخر على سيطرة أوسع وسلطة أكبر للوصول إلى كرسي الحكم وظهرت جلية بعد أحداث العام 2011 عندما انفرط العقد وبدأ كل حزب شاخ وتقليدي على وشك الانقراض بدأ يحاول من جديد التمسك أكثر بأحقيته في السلطة. طبعاً ليست كل الأحزاب السياسية الموجودة في المعترك السياسي في البلاد بل تلك التي استطاعت مع مرور الزمن من تأسيس مليشيات مسلحة لها مستفيدة من أوضاع البلاد منذ 33 سنة وحتى اليوم.. هذه حقائق يدركها الجميع, لكن الأمر المثير للرعب والحزن والذي تتمادي فيه هذه الأطراف المتناحرة يوماً بعد يوم أنها تحاول غرس صورة محددة في عقول وفكر الناس أن من يقتل من أفرادها أو قادتها في هذه المواجهات فهو شهيد ..والسؤال: كيف يكون شهيداً وهو يقتل شخصاً آخر في مواجهات داخل البلاد يدين بنفس دينه والاثنان ينطقان شهادة لا إله إلا الله وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، وهل هذا يعني أن من يقتل في فلسطين بطلقة يهودية وهو الشهيد فعلاً يتساوى مع شهيد الصراعات الحزبية في بلادنا؟. وبالرغم من الشهيد في الدين الإسلامي معروف بشهيد الدنيا والآخرة ومن هو شهيد الدنيا, فمن إذن يمنح صك الشهادة ولمن؟ ولماذا الإعلام وخاصة الإعلام الأهلي الحزبي يردد هذا الصك. وفي الحقيقة أشعر بغرابة أكثر عندما أسمع في كل يوم عن شهيد جديد قتل في معركة عمران أو في الجوف أو صعدة سرعان ما يعتبر شهيداً. والسؤال هنا: أليست هذه الأحزاب خاصة الشريكة في حكم الأمس, كانت المبادئ التي على أساسها تأسست هي الحرية والسلام والمحبة والدعوة إلى البناء والتنمية ونبذ التفرقة والعصبية بين الناس فلماذا اليوم تستخدم القوة للسيطرة على مقاليد الحكم ولنشر أفكارها بالقوة في المجتمع؟ لماذا ميليشياتها المسلحة تقتل المعارضين لها والداخلين معها في صراعات مسلحة بوحشية وعنف وكراهية تؤدي كل يوم إلى زرع الفتن بين الناس المواطنين العاديين والجيش الذي يدين بولاءات لقيادات عسكرية وقبلية بفعل تكوينه في النظام السابق, الذين اكتووا ولايزالون بنيران هذه النزاعات المسلحة التي لم تبق على الأخضر واليابس، في بلد مسلم دينه الرسمي الإسلام ولغته العربية، دينه دين المحبة والسلام دين العقل والفكر. إن اطلاق لقب الشهادة لكل من يقتل من هذا الطرف وذاك أمر في غاية الخطورة، لأن ذلك يشجع الآخرين لمزيد من العنف والقتل والكراهية والتفرقة، وهذا يعني أيضاً استغلال ذلك من قبل الأطراف المتناحرة لتحقيق أهدافها المستترة من هذه الصراعات على حساب شعب فقير أمي ومتخلف وأصبح منذ العام 2011 وحتى اليوم أكثر تخلفاً عن بقية دول العالم من حيث التنمية وخاصة في مجال التعليم والبنى الخدمية الأساسية التحتية من مياه وطرقات وكهرباء... إلخ ذلك... فهل هذه الصراعات الحزبية والمماحكات السياسية في البلد الواحد تعزز فكرة الربيع العربي الذي يتردد هنا وهناك في الإعلام في الندوات في ورش العمل الخ ذلك, وباعتبار بلادنا واحدة ممن يقال إنها من دول الربيع العربي بينما هناك قوى دولية عالمية هي الوحيدة المستفيدة من هذه الأوضاع التي آلت إليه دول الربيع العربي والتي ساعدت على إجهاض ثورات الربيع في بداياتها الأولى وغذت هذه الصراعات. واختم بسؤال: من هو الشهيد الذي يطلق عليه لفظ الشهادة في الحروب؟ وليست في كل الحروب؟ كلمات: كراهية، عنف، قتل ،دماء صور باتت جزءاً من حاضر يتآكل وتتآكل معه أمة عرفت بالحكمة ورقة القلوب إلى متى سنظل ننشد الأمن والحياة نتوارى في بيوتنا خوفاً مما هو آت ٍ أما يكفي ما دفعنا من أثمان حتى يصبح اليوم قتلانا شهداء؟