من أفسد الوطن؟ يتبادر إلى خاطري هذا السؤال مراراً, وتكراراً , كلما سمعت مرسوم تعازٍ على قناة تلفزيونية سواء أكانت رسمية , أم خاصة حيث تجزم جميعها أن ذاك الذي مات, ودُفن , جيبه نظيف, وقد عاش جلّ عمره في خدمة الوطن , والثورة , والوحدة, ويصورونه أنموذجاً للنزاهة ,الشرف , جميعهم كذلك حين يرحلون فمن يا ترى قد أفسد الوطن؟. كيف يمكن أن يكونوا جميعاً أوفياء وهذا حال البلد؟ كيف يمكن أن يكونوا جميعاً شرفاء وهذا حال البلد؟ كيف يمكن أن يكونوا جميعاً معصومين من الخطأ , منزهين عن الطمع , وللأسف هذا هو حال البلد , كيف يمكن أن يكون جل أهل البلد تحت مستوى خط الفقر , ولا نجد لصاً يحاكمه فقراء هذا البلد , ولو حتى بعد موته, ولو لمجرد معرفة الحقيقة فقط, كيف يمكن أن لا نجد في بلد الفساد , فاسداً واحداً, يحاكمه خائبو الفرص في البلد , كيف يعقل أن نكون في مرمى الرصاص , والخوف , وتحت رحمة تخبط العملاء , والمصالح الشخصية , ولا نجد خائناً واحداً يحاكمه خوف, وروع البلد؟ , كيف يمكن لبلد أصبح أرض معارك بالنيابة, ولا نجد ولو عميلاً واحداً نحملهُ ضياع البلد؟, كيف يمكن أن تكون وحدها بلاد العرب بلاد الشرفاء, والأوفياء, وأنهار الدماء فيها لا تتوقف؟, وصرخات اللاجئين فيها لا تتوقف, ودموع المظلومين لا تتوقف, كيف, وكيف؟. أظن لأنها وحدها بلاد العرب هي من تمجّد الكراسي , وتتناسى الشعوب , إلا أوقات الموت الرخيص وما أكثرها, وفيها فقط يكون كل شرفاء وسائل الإعلام أول الفارين لحظات حصاد الخيانة, والدمار , لندرك حينها فقط كم كانوا شرفاء , ومخلصين , وكم كنا مخدوعون , فوحدها الشعوب هي من تبني أوطان العز, والشرف, وهي وحدها من تحصد الموت, والدمار, لا شرفاء الأوطان البديلة, ووحدهم المنتصرون في كل هذه الفوضى هم من يتبعون بوصلة الوطن, لا بوصلة الأفراد المهووسين. رسالة.. لكلّ أبواق الموت, ولكلّ تجّار الحروب, لكلّ من له قدم اليوم هنا, وأخرى تستعد الهرب, لكلّ من أعد منذ زمنِ.. وطناً بديل, إذا ما اشتعل اللهب.. نحن باقون هنا باقون وللأبد.