تكاد المطبّات هي التغيير الوحيد الذي يستشعره كل أهل هذا البلد مع كل صباح, فهي هواية الكثير اليوم ابتدأ ببائعي القات, وحزم الكراث, وليس انتهاء بأصغر مسلّح يقف في وسط الطريق بجميل (لكم وليست عليكم) وهي أيضاً لعبة الصغار إلى جانب لعبة الكلاشنكوف والاقتحامات, والاشتباكات, بل تكاد أن تكون هي المنجز اليومي الوحيد المتجدد في هذا البلد, فمع بداية الدوام تفاجئ بمطب مستحدث لم يكن موجوداً بالأمس فقط عند عودتك في المساء, وتقريباً أصبح كل من لديه كيس أسمنت فائض من بناء صنع منه مطباً كنوع من الجميل الذي يستوجب الشكر, والعرفان. أتساءل: أي عشاق معاناة نحن، أفلا تكفينا معاناة المطبات الاقتصادية, والسياسية, والأمنية، التي نعيشها , لنضيف على أنفسنا معاناة المطبات الإسمنتية ومن مختلف الأنواع، والأشكال, والأحجام؟, اليوم مثلاً واجهت مطباً غاية في الاستهتار بأرواح, وممتلكات الآخرين, المطب كان عبارة عن أكياس رمل كانت بالأمس فقط متارس, لكن ببراءة اختراع كائنات تظن في نفسها بديلاً عن رجال الأمن, والمرور, تحولت تلك الأكياس لمطب , مطب جعل كثيرين يغيرون وجهتهم كون مركباتهم المنخفضة عاجزة عن تخطي ذاك المطب الهمجي. مطب آخر استغربته كان لأحد المتسولين في واحد من شوارع العاصمة الرئيسية, مطب قد يودي بحياة المتسوّل نفسه للأسف, ويعود بكارثة على أي شخص قادته الظروف إلى عبور ذلك الشارع وبسرعة, حيث استُحدث المطب بوسط الشارع, وبطريقة لا يمكن تخيّلها , واستيعابها, وعلى المطب وضع كرسي متحرك يحمل ذلك المتسوّل الذي لربما أراد من استحداث له ذاك المطب وتركه عليه التخلص منه, لكن بطريقة لا تقود أحداً لقاتله. حتى طرق السفر السريعة غير مستثناة من ذلك التشويه, فطريق صنعاء , تعز , كمثال ورغم إنه طريق سفر سريع, إلا أنه وفي السنوات الأخيرة تكاثرت به المطبات وبشكل مؤذٍ, وخطر على حياة المسافرين أولاً ,وعلى مركباتهم ثانياً, فكل من لدية سلة لسلعة ما صنع مطباً, والأدهى والأمَر اليوم هو أن الأمر أصبح كما لو أن هناك تنافساً ما، فكل مطب يفوق ما قبله ارتفاعاً, وسماكة , وآخر تقرير عن تلك الطريق كشف عن وجود ما يقارب ال 200 مطب , وال 500 حفر ة, كل ذلك الخطر وللأسف في طريق سفر سريع, تجعل من السفر مخاطرة حقيقية, وعناء ومكابدة أكثر , حتى أن ذلك الطريق أصبح أعجوبة وسبق مطبات من الممكن أن يدخلنا موسوعة غينيس للأرقام القياسية. المطبات أصبحت ظاهرة مزعجة, وسلوكاً يومياً مدمراً لوقتنا, وممتلكاتنا, وعبئاً جديداً يرهق كاهل مواطن كل ذنبه وللأسف هو أن قدر العيش في اليمن السعيد كان أكبر مطب اجتازه في حياته الشقية, فهل من التفاتة من الجهات المعنية لتخلصينا فقط من معاناة المطبات الإسمنتية؟. أخيراً لصنّاع المطبات: مطباتكم أذىً، وجريمة, أين أنتم من قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: (الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً, فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ, وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ).