عبدالواحد محمد البكيلي، شاب في الرابعة والعشرين من العمر، ولد صحيحاً معافى، إلا ان علاجاً أعطي له عن طريق الخطأ كان سبباً في تغيير مسار حياته في عامه الأول. ظل جسمه ينمو طبيعياً، لكن ضمرت قدماه ولم يعد قادراً على استخدامهما على الإطلاق، بل أصبحت عبئاً يجره خلفه كحمل زائد.. وصارت يداه هما وسيلته في جر جسمه، وكل تحركاته.. لذلك نجده مفتول العضلات، قوي الذراعين!. ومرت السنون والأعوام، ودخل عبدالواحد البكيلي المدرسة بمساعدة أسرته، وظل يكافح، وينتظم في دراسته حتى اجتاز محطاتها: الابتدائية ثم الإعدادية ثم الثانوية. وبعد ما حققه من انتصارات على إعاقته في مجال تعليمه ظل يعاني صعوبات الحياة في ظل عدد كبير من الإخوة والأخوات يزيد عددهم عن العشرة - جميعهم أصحاء - ولم يكن عبدالواحد مقتنعاً بالكرسي المتحرك الذي حصل عليه بعد عناء شديد لأنه أحس بأنه زاد من قيوده، فصار يحلم بأن يصبح شخصاً يعتمد على نفسه في كل شيء.. ويحلم بتكوين أسرة، بل كان - حسب ما قال ل"نبأ نيوز"- يحلم أحياناً بأن يصبح له محل تجاري ولو كان صغيراً..!. وضع عبدالواحد تلك الأحلام هدفاً نصب عينيه، وبدأ بتجميع كل ما يحصل عليه من أموال مهما صغرت حتى استطاع فتح محل صغير لبيع اكسسوارات أجهزة الهاتف النقال.. وشاءت إرادة الله ان يكون هذا المحل مفتاح رزق لعبدالواحد، فسارت الأمور على ما يرام. ذات يوم قرر عبدالواحد الاستغناء عن الكرسي المتحرك، وسأل ماذا عساه أن يفعل، فقيل له ان هناك دراجات نارية ذات ثلاث عجلات خاصة بالمعاقين.. وفعلاً اشترى الدراجة النارية رغم سعرها المرتفع. حلم آخر راود عبدالواحد طويلاً وهو تكوين أسرة.. وفعلاً تقدم عبدالواحد بطلب يد ابنة خاله؛ ولأن عبدالواحد يحظى باحترام كل من يعرفه، ولأنه شاب مستقيم، قبل خاله طلبه.. وفي ليلة الخميس الماضية كانت عدسة "نبأ نيوز" تشهد حدث زواج عبدالواحد من ابنة خاله، بحضور جماهيري كبير اكتظت به الساحة المجاورة لمنزل أسرته. وبينما كان الجميع يعربون عن فرحهم، وينتظرون خروج العريس محمولاً من قبل أصحابه إلى مكان الزفة فاجأ عبدالواحد الجميع بخروجه راكباً دراجته التي كانت في يوم من الأيام حلماً يراوده كما كان الزواج حلماً أيضاً. هرع الجميع إلى العريس مهنئين، وأصر ان تستمر الزفة على دراجته الخاصة، فكان له ذلك.. وبين دموع الفرح وزغاريد العرس من قبل كل محبي عبدالواحد استقبل عبدالواحد رفيقة دربه وشريكة حياته ليبدأ بذلك صفحة جديدة من صفحات التحدي. عبدالواحد البكيلي لم ينتظر حتى يزوجه الأقارب.. ولم ينتظر حتى تعطف عليه الجمعيات الخيرية.. بل لقد قرر وفعل متحدياً الإعاقة، رافضاً نظرات الشفقة، مؤكداً للكثيرين من الشباب العاجز أنهم هم المعاقون، وأن الإرادة الإنسانية هي وحدها التي تقهر تحديات الحياة.