هل يستطيع الإنسان أن يتخيل شاباً يقتل طفلاً بالسكين ويذبحه ولايموت؟ لم تكن هذه الجريمة من القصص الدرامية ولا من نسيج الخيال، لكنها وقعت فعلاً بعدن.. بطلها شاب منحرف طائش وضحيتها طفل بريء، عاش مشهداً رهيباً ، ولولا لطف الله للفظ أنفاسه ومات.. فماذا حدث؟ وكيف وقعت الجريمة؟ وكيف نجا الطفل بأعجوبة؟ «ي ب» طفل صغير لايتجاوز عمره خمس سنوات ، كان يتردد على صالون الحلاقة في الطابق الأرضي من بيت أسرته ، وهو الصالون الذي يعمل فيه «خ ع» وهكذا توطدت العلاقة مع مرور الأيام بين «ي ب» و«خ ع» وكان كلاهما يرتاح للآخر ويجد فيه الأنيس اللطيف ، بل أن «ع ب» كان ينادي «خ ع» دوماً ب«أخي» ويحاول خدمته كلما دعت الضرورة إلى ذلك ، وكان اشبه مايكون بخادمه الصغير ويسعى ببراءته لارضائه. في ذلك المساء الحزين نادى «خ ع» وهو المجرم على «ع ب» كعادته ليكلفه بشراء بعض الحاجيات من دكان مجاور ، وببراءة تناول الصغير النقود من «خ ع» وذهب إلى دكان قريب ،لكن فجأة لحق به المجرم وحمله بين يديه بدعوى شراء هذه الحاجيات من دكان آخر ، وحتى يتفادى عيون الآخرين ، كان يوهم المارة بمداعبة الطفل واللعب معه إلى أن ابتعدا عن العيون فهرول مسرعاً به إلى مكان خال إلا من النفايات. تعجب الطفل ولم يدرك أبداً أنه أصبح تحت رحمة مجرم كان يعتبره بمثابة أخيه دائماً ويسعى دوماً لارضائه ، ووجد الطفل نفسه في الخلاء ملقياً على الأرض ، صرخ وبكى وتوسل لكن لاحياة لمن تنادي ، فقد تجرد «خ ع» من كل انسانيته وغلبت عليه روحه الشريرة ورغباته الشيطانية لتنتهي باغتصاب الطفل ، ولم يقف بطش وجبروت المجرم عند هذا الحد ، بل قام بخنق الطفل ليخفي حقيقة هذه الجريمة الشنعاء ، واعتقد المجرم أن الطفل البريء لفظ أنفاسه ، لكنه ظل متخوفاً من أن تعود إليه الحياة، فساورته الشكوك وانتابته في نفس الوقت المخاوف ودارت من حوله الأرض، وفي لحظة مرتعشة وحتى يطمئن قلبه ، أخذ سكيناً من جيبه وبدأ في ذبح الطفل حتى يتخلص منه نهائياً ويرتاح وتطمس الجريمة. ورمى المجرم بالسكين بعيداً في هذا المكان المهجور ، واعتقد أن المشهد التراجيدي انتهى ، وانطلق مسرعاً نحو البيت أولاً لتغيير ملابسه ثم تحول فوراً إلى صالون الحلاقة ،حيث كان صاحب العمل ينتظره بلهفة بعد أن غاب عن الصالون وخرج بشكل مفاجئ ،وكان جواب المجرم أن تأخره كان اضطرارياً لقضاء بعض حاجياته. في هذه اللحظة كان «خ ع» مرتبكاً وهو يستعيد بين لحظة وأخرى مشهداً من سيناريو الاعتداء الشنيع وجريمته النكراء ، وهو يحاول اخفاء ذلك ودفنه بين ضلوعه واعماقه بغية التستر عن اعتدائه الوحشي..وحرك تأخر الطفل وجدان الأم المسكينة ، وراحت تبحث عنه في الصالون فأكد لها المجرم «خ ع» أنه لم يره منذ الأمس ، وازدادت الأم حيرة وسارعت تبحث عنه في كل مكان ، ولم تجد أمامها في الأخير سوى ابلاغ الشرطة باختفاء ابنها بعدما امضت الليلة كلها في البحث عنه ، وباتت متألمة ومنهارة وخائفة. في اليوم التالي وبينما كان المجرم «خ ع» يحلق رأس أحد الزبائن ومن باب التأكيد والاطمئنان عن فعلته سأل الزبون واستفسره عن الطريقة السليمة التي يذبح بها الإنسان ويلفظ بها انفاسه نهائياً ، وبكل تلقائية أكد له الزبون أن الذبح يجب أن يكون من العنق ومن تحت الذقن ، وليس من الخلف. ارتبك خالد وراودته الشكوك وأدرك أنه وقع في المصيد ، وبقي الحل الوحيد أمامه هو العودة إلى مكان وقوع الجريمة لذبح الطفل من جديد ، لكنه فوجئ بأن الطفل لم يبق في مكانه ، وبقي حائراً متسائلاً والكوابيس تطارده واحداث الجريمة تتلاحق بين عينيه. وكان من الطفل أنه في اليوم التالي للجريمة عثر بعض المارة على الطفل في هذا المكان المهجور ، فأخبروا الشرطة التي انتقلت فوراً إلى المكان لتعاين الجثة ، واتضح أنه رغم تعرضه للذبح مايزال حياً ، فنقل على وجه السرعة إلى المستشفى ،حيث أشرف على علاجه ثلاثة أطباء بكل عناية. وفي الوقت نفسه استدعت الشرطة الأم التي كانت قد أخبرت من جهتها رجال الأمن باختفاء ولدها. دخلت الأم إلى المستشفى للتأكد من هوية الطفل ،وبمجرد مارأته اغمي عليها واخبرتهم أنه هو ابنها البريء ، الذي لاعداوة له مع أحد ومحبوب من طرف الجميع ، ومن قدرة الله عز وجل أن الطفل حتى في الوقت الذي كان فيه تحت تأثير المخدر من جراء الفحوصات والعمليات الجراحية التي أجريت له كان يردد كلمة واحدة وهو اسم المجرم «خ ع» وكانت هذه الكلمة كافية لفتح التحقيق بمجرد التعرف على هذا الاسم من الأم التي أكدت أن «خ ع» يعمل في صالون حلاقة معروف ، اعتاد الطفل الجلوس فيه. وهكذا وبعد فتح التحقيق والبحث معه ومحاولة الانكار في البداية ، اعترف في النهاية بجريمته ، وبما نسب إليه من تهم وحكم عليه 51 سنة سجناً نافذاً ، أما الطفل البريء فقد شاءت قدرة الله تعالى أن يعيش رغم الذبح البشع الذي تعرض له من الوريد إلى الوريد وبلغ عمقه ثلاثة سنتيميترات ليظل بذلك حياً يرزق بمشيئة الله.