لم يكن يخطر على بال أحد أن تكون هذه الفتاة العازبة على هذا المستوى من الجرأة والعنف بحيث لم تتردد للحظة في إزهاق حياة شخص من أجل رزمة من المال لايسمن ولايغني من جوع. صحيح أن الجرائم على أنواعها تكاد تكون ملازمة لتاريخ الإنسان منذ بدء الخليقة لكن أن تقوم امرأة بجريمة بعينها فإن لها بالتأكيد وقع آخر في القلوب والأسماع باعتبار أن المرأة مخلوق جميل عاطفي فكيف ترضى لنفسها أن تتغلب على هذه الصفات التي جبلت عليها لتتحول إلى شيطان مريد لاتتورع في دخول عالم الجريمة من أوسع أبوابها في سبيل تحقيق مآرب تافهة وحقيرة ،هي في غنى عنها وهو الشيء الذي يمكن أن نلمسه في قضية نفيسة التي نفذت جريمة بشعة يندى لها الجبين وحاولت وبدم بارد إخفاء معالمها والقضاء على أي أثر في مسرح الجريمة يمكن أن يكشف عن هويتها. فقبل أيام فقط عثر على «صادق» مضرجاً بدمائه يصارع الموت في أحد زوايا مقطع الأحجار الواقع في محيط مدينة ذمار القريب من إحدى القرى فتم إبلاغ دورية شرطة النجدة القريبة نوعاً ما من المكان والتي سارعت إلى اسعافه إلى مستشفى ذمار العام وأثناء ذلك وفي الرمق الأخير ظل المجني عليه يردد اسم نفيسة بعدها بساعات وفي غرفة انعاش المستشفى لفظ «صادق» ذلك الشحاذ «المتسول» المسكين أنفاسه الأخيرة. وإنطلاقاً من هذا الاسم الأنثوي المجهول بذل رجال البحث الجنائي بمحافظة ذمار برئاسة الرائد سالم الحداد نائب مدير البحث وإشراف العقيد الركن محمد علي الحدي مدير إدارة البحث جهوداً كبيرة، لفك طلاسم الجريمة لتسفر إجراءات التحقيق عن نتيجة مدهشة وغير متوقعة فالقاتل «فتاة» بالفعل والأنكى من ذلك أنها أي «ن» طالبة جامعية ملتحقة في إحدى الكليات،وهي على مستوى لابأس به من الثقافة غير أن المفاجأة لاتقف عند هذا الحد إذا ما أردنا الإجابة على تساؤل منطقي مفاده: ماعلاقة هذه الطالبة بشخص قيل «والله أعلم أنه متسول، وحتى لانعقد الأمور نقول إن المتسول،هذا وشقيقاً له يمتلكان عمارة كبيرة في احدى ضواحي المدينة تتكون من عدة شقق مؤجرة إحدى هذه الشقق تسكنها الطالبة «ن» التي كانت على علم بمورده المالي الإضافي الذي يتحصل عليه من مهنة التسول. وعلى مايبدو أن الطمع والجشع اللامحدود أعمى بصرها وبصيرتها فأرادت في ساعة من الساعات حسم هدفها والحصول على تلك المبالغ أو جزء منها بأي شكل من الأشكال. وبحسب رواية المتهمة وبإتفاق مسبق مجهول التفاصيل الدقيقة تمكنت من استدراج «صادق» إلى مكان ناءٍ بالقرب من تلك القرية التي ادعت أن منزلهم هناك والذي سيمكنهم من أخذ قسط من الراحة قبل العودة ومن ثم يقوم «صادق» بتسليمها مابحوزته من نقود والتي بلغت ال مائة وخمسة عشر ألف ريال.. إلا أن الرجل كما قالت رفض أن يعطيها المبلغ المتفق عليه وحاول أن يدخلها عنوة البيت القريب من ذلك المكان وحاول أن يمد يده إلى مناطق حساسة في جسمها فتمنعت وقامت بإخراج «سكين مطبخ» أداة الجريمة وتوجيه 20 طعنة في الصدر والظهر ومناطق أخرى بعدها أخذت السكين مع المبلغ ووضعتهما في شنطتها الشخصية التي تعلق على الكتف إلا أن تقرير الادلة الجنائية بقيادة المقدم علي الديلمي أكد أن الطعنات لم تتجاوز ال 15 طعنة وهو عدد كبير شك معه فريق التحقيق في البداية أن يكون الجاني امرأة. وحين مداهمة الشرطة لشقة المتهمة لم يعثروا سوى على السكين و21 ألف ريال وبقية المبلغ تم تسليمه حسب اعترافات «ن» إلى «ه» زوجة شقيق المجني عليه التي تآمرت معها على قتل المجني عليه إلا أن «ن» لم تمتلك دليلاً واحداً على قولها بعد أن نفت «ه» كل مانسبت إليها من اتهامات.