تجرعنا المر على أيديهم فأرونا إياه أصنافاً مختلفة، لم يكن بهم أي معنى من الانسانية والرحمة التي غيروا معانيها، لم يرأفوا قط بنا ولم يتعاطفوا معنا حينما أحاطونا بالذل وقاموا بالسطو على الكرامة التي سلبوها منا، فلقد جعلوا ليالينا حالكة الظلام مخيفة لانرى فيها سوى الخوف والذل والظلم وكل ما كان له أثر فظيع في أنفسنا. لقد كنا نراهم حشوة جرمٍ يتقاذفون نحونا كما تتقاذف الصواريخ، لطالما أمدونا بجروج فلم يرتقوها، وإنما جعلوها تنزف بشدة فلا تلتئم لأنهم إن وجدوها تلتئم سرعان ما يرسلون إلينا جروحاً مضاعفة، ومهما كان الحدث فإننا لانملك بايدينا سوى مايزيد من ضعفنا، وهو أننا حقاً مارأيناه منهم لن يخطر على ذهن أحد ولن يصدقه عاقل، لأنه شيء من الصعب أن تتخيله فكل تاريخنا كان قاسياً جداً بسببهم وكأننا في مسرحية يخرجها الظلم ويمثلها الشر.. نفسها وضحيتها دائماً ما تكون النفوس الضعيفة البريئة، أجل أنه لشيء يحملنا على متن العجب والتساؤلات، أيمكن أن يوجد أناس بهذا الجرم؟! ولقد صدق المثل حين قال؛ من يزرع الشوك لايحصد سوى الشوك، فهاهم الناس الذين جعلونا أوهن من خيوط العنكبوت، والذين قتلوا الحب فينا يتقدمون إلينا والندم يلوح بأعينهم ليخبرونا أن الانسانية أخيراً قد أفاقت في قلوبهم وتسربت في دمائهم، وجاؤوا ليعتذروا مما سببوه لنا بكل كلمات الأسف رغبةً في الحصول على السماح، لقد ترجونا وتوسلوا إلينا أن نسترد منهم كرامتنا فندوس على عزتهم ونخدش كبرياءهم، لنرد إلينا اعتبارنا وننتقم مما فعلوه بنا فنوسعهم ضرباً حتى يرتاحوا. وحينما سمعنا منهم مغزى مجيئهم أصابنا التردد ولمستنا الحيرة وضمتنا أحضان التعجب والاستغراب، أيمكن لنا أن نرضى لهم بما لم نرضه لأنفسنا فنواجه الشر بالشر، لافمن المستحيل جداً أن نفعل ذلك عاودنا النظر إليهم ورأينا مدى إصرارهم على أن ينالوا منا مانلناه منهم ولكننا نطقنا أخيراً لنرفض كل مبادئ الظلم فإن كانوا هم قساة ظلمة فلن نكون مثلهم نعم نحن لسنا مثلهم.