بسلاسة مطلقة وبنظرة تفاؤلية لليمن الجديد استمعنا إلى أحد رجال الأعمال اليمنيين - رئيس مجلس إدارة مجموعة الشليف الدولية للتجارة والمقاولات والاستثمار، ورئيس جمعية منتجي ومصدري الرخام والجرانيت، في هذا الحوار الذي تحدث به إلينا عن قطاع المعادن في اليمن، والذي أسماه بالقطاع اليتيم؛ لأن له ثروات هائلة لم تستغل بعد، وقال: للأسف الشديد مازال قطاعاً يتيماً ومهملاً من قبل الدولة لم تؤسس شركة لاستغلاله، ولم تستطع توفير بنية تحتية تهيئ المجال أمام شركات الاستثمار وتدفق رؤوس الأموال للاستثمار في هذا القطاع الواعد.. فإلى الحوار.. قطاع واعد .. ماذا يعني لك قطاع المعادن في اليمن؟ وهل استغل هذا القطاع استغلالاً واسعاً؟ قطاع المعادن في اليمن هو القطاع الواعد وهو طوق النجاة لاقتصادنا المهدد، وهو ثروة لم تستغل، ويمكننا أن نسميه القطاع اليتيم؛ لأن ذلك هو حاله وجوداً وواقعاً؛ ثروة هائلة كثيفة التنوع وعالية القيمة ولكنها يتيمة منسية تشكو الإهمال والتجاهل. .. ولماذا؟ ما أوردناه آنفاً ليس ادعاءً أو مبالغة ولكنه الحقيقة الماثلة والواقع المعاش؛ حيث تؤكد الحقائق والمعطيات العلمية امتلاك اليمن ثروة معدنية هائلة، وتتميز جيولوجية اليمن بوحدتها وبتنوع صخري فريد يشمل كل أنواع الصخور الرسوبية والنارية والمتحولة والمنتشرة على أرجاء مختلفة من الوطن . .. هل بالإمكان تشير لنا بلغة الأرقام؛ لأن الاقتصاد عادة يتعامل بالأرقام؟ هناك عبارة شائعة ومتداولة تقول: لغة الأرقام لا تكذب. ولذلك سنشير هنا إلى بعض المعلومات والأرقام الواردة في تقارير المؤسسات الرسمية المعنية هي “هيئة المساحة الجيولوجية وشركة النفط اليمنية”؛ حيث تؤكد تلك التقارير الآتي: 21 مليار متر مكعب حجم الاحتياطي المكتشف من المعادن الصناعية التي يحتويها (197) موقعاً موزعة على عدد من المناطق في اليمن. 14مليار متر مكعب هو الحجم المكتشف من احتياطي مواد مهمة عالية النقاوة من معادن اللفت والبازلت والدولاميت تم اكتشافها في 130 موقعاً. - وجود أكثر من 40 موقعاً للذهب والفضة في اليمن، وباحتياطي مشجع ومغرٍ في الوقت نفسه وبنسب مرتفعة في كثير من المواقع المكتشفة. انتشار تمعدنات الزنك والرصاص بشكل واسع في اليمن خاصة في صنعاءوشبوةوحضرموت وبدرجات تركيز عالية. يزخر اليمن بتواجد الحديد والتيتانيوم والفناديون في منطقة بمحافظة مأرب بنسبة تركيز 94 % أكسيد حديد، ويقدر احتياطي الخام في منطقة مكيراس في البيضاء 860 مليون طن بدرجة تركيز 15.55 % حديد و46 مليون طن تيتانيوم بنسبة 5.3 أكسيد تيتانيون و150 ألف طن فناديوم بنسبة 0.02 % أكسيد فناديوم. - ألف طن احتياطي الخام في منطقة صعدة بنسبة تركيز 34 % حديد، وفي منطقة صباح البيضاء 800 ألف طن بنسبة 74 % أكسيد حديد، وفي منطقة مورا 53.8 مليون طن بنسبة تركيز 12 % حديد، و4.4 % أكسيد تيتانيوم وهي مناطق مفتوحة. معادن ثقيلة .. وهل توجد المعادن الثقيلة في الرمال؟ نعم توجد العديد من مواقع الرمال السوداء الحاوية للمعادن الثقيلة التي تدخل في العديد من الصناعات كصناعة هياكل الطائرات، وصناعة السيراميك والأدوات الصحية، والحراريات، ومواد الصنفرة، على طول ساحلي البحر العربي والبحر الأحمر، حيث يصل احتياطي الرمال السوداء الحاوية للمعادن الثقيلة إلى حوالي 500 مليون طن. وتعد مواقع الرمال السوداء من الفرص الاستثمارية الواعدة، نظراً لاحتوائها على نسبة مشجعة من المعادن الاقتصادية، وتواجدها بالقرب من الموانئ البحرية. .. وماذا عن المعادن الصناعية والإنشائية؟ للعلم إن عمليات المسح الجيولوجي والدراسات الميدانية الاستكشافية الخاصة بالمعادن الصناعية والإنشائية لم تشمل كل المساحة الجغرافية للجمهورية بل مازالت مقتصرة على مواقع ومناطق معينة في عددٍ من المحافظات.. لكننا نشير إلى الأمور الآتية: في مجال الصخور والمعادن الصناعية والإنشائية يمتلك اليمن فرصاً استثمارية واعدة، حيث أثبتت الدراسات الأولية التي نفذتها هيئة المساحة خلال العشرين سنة الماضية وجود هذه الخامات بكميات ونوعيات ممتازة، خاصة خامات صناعة الإسمنت التي تتصدر عوامل الجذب للاستثمارات المحلية والعربية والدولية، حيث يزخر اليمن باحتياطيات ضخمة من الحجر الجيري والدولوميت الذي يدخل بنسبة 70 بالمائة في صناعة الإسمنت ويتواجد بمحافظات: صنعاء، تعز، الحديدة، باجل، مأرب، أبين، عمران، المهرة حضرموت، لحجوشبوة، إب، ويقدر الاحتياطي الجيولوجي بحوالي 13.5 مليار متر مكعب، فضلاً عن امتلاك احتياطي هائل من مادة الطين والجبس والخبث البركاني الداخلة في هذه الصناعة. صناعة الزجاج والبصريات .. وماذا عن صناعة الزجاج والبصريات؟ تشير الدراسات إلى مستقبل واعد لصناعة الزجاج والبصريات في اليمن، نظراً لوفرة رمال السيليكا التي تعتبر المادة الخام الرئيسة في صناعة الزجاج وبمواصفات عالية باحتياطي يقدر بستة مليارات متر مكعب، بالإضافة إلى تواجد الملح الصخري باحتياطي يقدر ب 390 مليون متر مكعب. الرخام والجرانيت .. أنت رئيس جمعية منتجي ومصدري الرخام والجرانيت، هلا تطلعنا على أماكن تواجد الرخام والسيراميك والجبس والأسكوريا مع لغة الأرقام إن أمكن؟ يتواجد الجبس في محافظات: الحديدة، شبوةمأرب، ويقدر احتياطي اليمن من الجبس ب 4.6بليون طن، وبنقاوة بنسبة 97.5 %، وكذا يوجد الرخام بمحافظات تعز ، حجة، مأرب، أبين، وصنعاء باحتياطي مليار متر مكعب، إلى جانب 500 ألف متر مكعب احتياطي صخور الترافرتين في صنعاءوإب.. وتبين الدراسات توفر الخامات الأساسية لصناعة الخزف والسيراميك وبكميات كبيرة، حيث تتواجد معادن الفلدسبار في حجةوأبين باحتياطي أكثر من 23 مليون متر مكعب، وتنتشر الأطيان الصناعية في عدة محافظات باحتياطي أكثر من 120 مليون متر مكعب.. كما تشير الدراسات الاستكشافية إلى وجود أكثر من ستة مليارات احتياطي الرمال الزجاجية في عدة مناطق، واحتياطي أحجار الجرانيت والجابر و ب 1.6 مليار متر مكعب، واحتياطي يقدر ب13 مليون متر مكعب من الكوارتز، فضلاً عن 75 مليون متر مكعب احتياطي خام الزيولايت، فيما يصل احتياطي الصخور البازلتية أكثر من 121 مليون متر مكعب، و345 مليون متر مكعب احتياطي صخور الأجنمبرايت والتف.. وكشفت الدراسات وجود أكثر من 1.7 بليون متر مكعب احتياطي خام الخبث البركاني (أسكوريا) بمحافظات: صنعاء وذمار ومأربوأبينوعمرانوشبوة، إضافة إلى الكاؤلين باحتياطي أربعة ملايين متر مكعب، وأكثر من 335 مليون متر مكعب احتياطي صخور البرلايت ومليار متر مكعب للبيوميس. .. ماذا عن الرخام؟ اليمن يمتلك أكبر مخزون احتياطي من الرخام على مستوى الشرق الأوسط، وهو أجود أنواع الرخام على مستوى العالم، لميزتين اثنتين ينفرد بهما على الرخام الموجود في كل دول العالم وهما: القوة والصلابة، ووجوده في اليمن بألوان مختلفة ومتنوعة تتراوح ما بين (عشرة إلى خمسة عشر لوناً) . صناعة الإسمنت .. قلت سابقاً خامات صناعة الإسمنت تتصدر عوامل الجذب للاستثمارات المحلية والعربية والدولية.. كيف ذلك؟ ما تمتلكه اليمن من احتياطي المعادن الصناعية الخاصة لصناعة الإسمنت يؤهلها لتصبح الدولة الأولى في إنتاج وصناعة الإسمنت على مستوى الشرق الأوسط، ويختلف الإسمنت من منطقة إلى أخرى بحسب خاماته، وللعلم أي إسمنت مقاوم للرطوبة خاماته موجودة عندنا، وأهم المواد الموجودة: الحجر الجيري ويتواجد بنسبة 70 – 80%، والأسكوريا والطين والجبس والحديد. .. هل توجد مناطق مؤهلة لصناعة الإسمنت بعيدة عن السكان، حيث إن مصنع إسمنت عمران مثلاً قريب من التجمعات السكانية؟ نعم يوجد مناطق أخرى بعيدة عن التجمعات السكانية إذا وجد العزيمة في البحث والتنقيب، فمثلاً في مأرب توجد مواقع مؤهلة لصناعة الإسمنت وخالية من السكان، لكن لم ينظر إليها. صناعة الذهب .. قلت سابقاً: يوجد أكثر من 40 موقعاً للذهب والفضة في اليمن، هلا تطلعنا عن بعض هذه المواقع وبالأرقام إن أمكن؟ يتواجد الذهب بشكل رئيسي في وادي مدم في منطقة الشحربحضرموت بنسبة عالية في الطن الواحد 16جراماً من الذهب. كما يوجد أيضاً في الجوفومأربوحجةوالبيضاء، وللأسف قطاع المعادن لم يبحث عنه سوى 10 %. خطط ودراسات .. هل عملتم خططاً أو دراسات استكشافية لكل ذلك؟ بدافع الحرص منا على استكشاف ما تمتلكه اليمن من المعادن الصناعية، والرغبة في لفت الانتباه وتوجيه أنظار الجهات الرسمية والقطاع الخاص إلى هذه الثروة العظيمة والقيمة، وإبراز أهميتها في إنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق نهضة نوعية اقتصادية معتمدة على إنتاج المعادن والصناعات المعدنية التي تزخر بها اليمن، وبجهودنا الذاتية البحتة, قمنا في مجموعة الشليف بعدد من الدراسات الاستكشافية للمعادن الصناعية في عدد من المواقع، وكانت نتائج الدراسات مدهشة، من حيث المخزون وأماكن تواجده وجودته. فمثلاً يوجد موقع رخام يحتوي على احتياطي يبلع (800 مليون متر مكعب من الرخام) فوق سطع الأرض، نعم فوق سطح الأرض، في حين أن الشركات في إيطاليا وإسبانيا تستخرج الرخام من أعماق تصل إلى (400) متر تحت سطح الأرض، علّق خبير إيطالي عندما قمنا بجولة إلى هذا الجبل وشاهد هذا المخزون قائلاً: (لو أن الجبل في أوروبا لتسابق إليك مدراء البنوك أيهم يدعمك أولاً، هذه ليست صخور، هذه مليارات مطروحة على سطح الأرض) . .. كلمة أخيرة؟ هذا مجرد غيض من فيض حول قطاع المعادن في اليمن، والذي للأسف الشديد مازال قطاعاً يتيماً ومهملاً لم تؤسس شركة لاستغلاله، ولم تستطع توفير بنية تحتية تهيئ المجال أمام شركات الاستثمار وتدفق رؤوس الأموال للاستثمار في هذا القطاع الواعد. ولو تم استغلال هذه الثروة ووجد مناخ استثماري ملائم وبنية تحتية تتوافر فيها الخدمات الأساسية اللازمة للاستثمار ومنظومة قانونية وتشريعية وبيئة آمنة ومستقرة مطمئنة وضامنة لنا نحن في القطاع الخاص في الداخل والمستثمرين العرب والأجانب ستحدث نهضة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخ اليمن. إذ بمقدور قطاع المعادن أن يحقق للبلاد قفزة اقتصادية نوعية، متمثلة بإنشاء وإقامة صناعة تعد بنية تنعش الاقتصاد وترفد الخزينة العامة بمليارات الدولارات، وستوفر عشرات الآلاف من فرص العمل للأيدي العاملة، وسيصبح قطاع النفط مورداً ثانوياً بجانب قطاع المعادن، حينها لن نحتاج إلى المساعدات والقروض الخارجية، الذي للأسف الشديد الحكومات السابقة جميعها اعتمدت على (الشحت) وقامت على رجل واحدة هي النفط والغاز، وأنا كنت تكلمت سابقاً في أكثر من موطن: الإنسان الذي يستقيم على رجل واحدة يطيح على الأرض، فالأصل أن ننتج ولا نسأل الآخرين؛ لأننا أصحاب حضارة وتاريخ عريق. ونتمنى من حكومة الوفاق أن تنبذ أسلوب الشحت، كما أدعو الشعب اليمني أن ينسى مآسي الماضي ويفكر بالبناء، نبدأ نبني ويكون كلامنا بالأرقام.