ازدحم المجلس بالنساء في ليلة عرسها الشابات الصغيرات والكبيرات يصفقن لزفتها دخلت تمشي ببطء وترسل ضحكاتها البريئة للحاضرات وهن يبدين لها الابتسامات والزغاريد . جلست أخيرا على كرسيها ولكن قدميها ظلتا معلقتين لا تصلان إلى آخر الكرسي . كانت فرحة مبتهجة لأنها ترى صويحباتها الصغيرات من حولها يصفقن ويرقصن وهي كالأميرة بينهن ،تظن أنها تلعب معهن لعبة الأميرة والوصيفات كانت ترتدي فستانها الأبيض الناصع ، كم رأت من العرائس يرتدينه ، وكانت تحدق فيهن وتعجب بجمالهن ، وتمنت أن ترتدي هذا الفستان يوما ما لتكون عروسة، أخذت تحدث الصغيرات من حولها وتضحك معهن ضحكتها البريئة ووجهها الجميل يشع إشراقا وبهجة . تناثرت الهمسات إحدى النساء تمسح دموعا فرت رغما عنها وهي تقول : والله إنها صغيرة عادها بنت عشر تلعب كل يوم مع بنتي. الثانية : ما نفعل لأبيها أغراه الشيخ بالفلوس وما يقدر يقول للشيخ لو يشتي شيء؟ والثالثة : وما يشتي الشيخ بجاهله سع هذه وهو معاه ثلاث نسوان ودرزن عيال ؟ لكن قده حكم الشيخ . كانت الحفلة كبيرة والأغاني صاخبة ، وقبل انتهاء الحفلة أتى والدها ليأخذها مع رجال كثر إلى منزل زوجها “الشيخ “، احتضنتها أمها وأخذت تقبلها بدموع غزيرة وكأنها ستراها لآخر مرة أو كأنها سترسلها إلى قبرها ، كثير من النساء تأثرن بهذا المشهد وأخذن يمسحن دموعهن . مرت ساعات الليل طويلة على تلك الأم المتكومة في زاوية غرفتها وكأنها دهرا من عمرها ،لم يغفل لها جفن ،قلقة مترقبة وكأنها تنتظر عودتها إلى حجرها من جديد .طرقات على الباب .. لقد عادت نعم عادت ولكنها عادت وهي تلبس ثوبا أبيض آخر.