سليم الجلال الشعبوية ونقطة اللاعودة من وحي ما يحدث في مصر الكنانة وحالة الشعبوية المعتمدة والطاغية على سطح الاحداث، وما تخللها من تهييج وتعبئة الشعب وعملية الحشد والتجنيد السياسي،مما يدل ذلك على مؤشرات عديدة اهمها: 1-ان الخطاب الديماغوجي يهدف الى التحريض والاثارة ودغدغة العواطف،ومن ثم فانه يعتبر خطاب انفصامي مع الواقع،ويثير الضبابية ولايساعد على الرؤية المتعقلنة والمتبصرة بمجريات المشهد واحداثه،فضلاً عن حجبه لمآلاته،وعدم الاعتراف بوجودالازمة ابتداءً،علاوةًعلى نفي حق الاخر ونفي حقيقة التعدد والاختلاف والتنوع الخلاق،ومغادرة روح التسامح والتي تمثل بمجموعها اساس التأزم اليوم. 2-ضعف القوى السياسية والحزبية بمختلف الوان طيفها،فضلاً عن ضعف في بنية المجتمع الحديث ومنظماته المدنية،والاستعاضة عن هذا الضعف والتردي بخطاب ديماغوجي تحريضي يثير الاشمئزاز والتندر وحتى الشفقة،الامر الذي يؤدي الى استفزاز الضعف في الطرف المقابل وبالتالي التياط هذه القوى والاحزاب والمنظمات خلف هذا الضعف ومداراته بورقة توت لم ولن تصمد. 3-كما يؤشر ذلك الى غياب الرؤية وفقدان بوصلة التحرك ومساراته،وان لاهدف للكل سوى شهوة السلطة التي تعني في ابرز وجوهها سقوط تلك الحالة والخطاب الشعبوي من حيث لايدرون عند أول امتحان سلطوي ممارسةً،ناهيك عن غياب الرؤية والاطار النظري للتحرك يعني ان الاليات المتبعة تفضي الى تأزم مضاف. 4-استمرار ومدّ نظرية المباراة الصفرية بينبوع اضافي ومجاني وبالتالي فأنها بُعد مضاف لخسارة الجميع ووفق متوالية لامتناهية،لان كل طرف لا يريد خسارة الطرف المقابل بل وكسر ارادته والتسليم بذلك،ناهيك عن الانقسام الحاد رأسياً وافقياً والخوف من استمرار ذلك ان يصل الى الجيش ..عندها فعض اصبع الندم غير كافي. 5-الأخطر في حال استمرت الحالة على ماهي عليه اضافةً الى الهوّة القائمة فعلاً هو ابرازها واستفحال معالجتها،ووفقاً لحالة اللاثقة المترسخة على الارض السياسية والدائرة الوطنية ككل، وبالتالي فإن اخشى ما اخشاه هو الوصول الى نقطة اللاعودة المبارحة للا حل وخروج الاوضاع المجتمعية عن السيطرة وعندها..(ولّات حين مندّم)والانكى عندها تنصّل الجميع عن مسؤلياته والتي ستفضي وفقاً للمعطيات اعلاه الى (تصفية الثورة) من حيث لا يعلمون،،فهل نتحمل المسؤلية ونكون عند مستوى التحديات والآمال المعلّقة في الهواء الى اللحظة؟؟آمل ذلك،فلازال في القوس منزع. احمد علي عبداللطيف ظلت ارقام المصوتين في الانتخابات المصرية عقب الثورة في تراجع مستمر، كان المجتمع السياسي يتراجع، ويخصم من رصيد كل الاطراف.. كانت نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية هي الاعلى وتراجعت في الرئاسية ووصلت في الاستفتاء على الدستور الي اقل من الثلث لمن صوت بنعم او لا.. لقد انسحبت الجماهير عندما وجدت ان القنوات الرسمية للمشاركة لم تتغيير، وجدت الجماهير ان الحالة السياسية التي يحشرون داخلها لا تعكس قناعاتهم ولذلك فضلوا الانسحاب لفترة قصيرة.. المعطى السياسي لمصر ما بعد الثورة لم يتغيير، وهذا الخروج الكثيف للناس كان واحدا من التجليات التي حاولت حصر مصر في اغلبية اخوانية وهمية ومعارضة هزيلة.. ما نشهده هو ميلاد حالة سياسية جديدة، تعمل على اعادة بناء الجسد السياسي بصورة غير واعية.. نشاهد منذ ايام ما يجري في شوارع مصر، الجماهير في مواجهة بعضها البعض.. ولا حلول سياسية تقدم لتجنيب البلاد الانهيار، القوى السياسية لم تتقدم بحلول.. الموقع الرئاسي بدا محتلا بظلال المرشد والجماعة وعاجزا عن الخروج من وهم الاغلبية.. وحدهم العسكر تقدموا بحل سياسي.. قد يراه البعض اضرارا بالحالة الديمقراطية، لكن لا ديمقراطية دون استكمال شرطها واول شروطها حالة سياسية معافاة وادوات تمثيل قادرة على تحمل مضامين المجتمع.. وباعتقادي ما يزال الاخوان حتى مع عزل مرسي الاوفر حظا في الحالة السياسية اذا ما اعادوا قرأه تجربتهم وترتيب صفوفهم بدل الدفع نحو مزيد من التصدع الاجتماعي.. كما ان امام الجماهير التي امتلئت بها ساحات مصر ان تصيغ افق سياسي لحركتها لتتحول مطالبها الي مكاسب ثورية يستحيل التراجع عنها..