مجرد أن تضع أقدامك على أحد شوارع مدينة تعز قبلة المثقفين وروح الإنسان اليمني المفعم بإرادة الثورة والفكر والإبداع، سترتاب في البداية؛ وأول ما يقفز إلى ذهنك أنها ليست هذه تعز التي نسمع ونعرف عنها، الفوضى تحيط بك من كل جانب، انفلات أمني يبعث على الخوف والذعر، العشوائية سيدة الموقف وتنفش ريشها في كل مكان، حكايا مؤلمة تتناثر تفاصيلها في كل مكان، غُصنا فيها ونثرناها مختزلة في حنايا هذا الاستطلاع:البعوض يغزو المدينة مع توافد الآلاف من مختلف محافظات الجمهورية إلى تعز لقضاء إجازة العيد بين أهلم وذويهم، تفاجأ البعض بالانهيار الصحي والخدمي والواقع الحياتي الذي يعيشه أبناء هذه المدينة.. الصحفي رشاد الشرعبي القادم من صنعاء لقضاء إجازة العيد في تعز يروي عن طفلته الصغيرة والتي كانت ضحية ل «حمى الضنك» حيث قال: فجعني الطبيب المناوب في أحد المستشفيات الخاصة بأرقام مهولة للوافدين إلى المستشفى جراء «حمى الضنك» و «الملاريا» وأمراض أخرى, واشتكى لي من «غزوات النامس» إلى داخل المستشفى وغرف التمريض وأسِرة المرضى وعجزهم عن مقاومتها, لكون السبب خارجاً عن إرادتهم ويتعلق بالشارع والحي. مصادر في مكتب الصحة بالمحافظة كانت قد تحدثاً عن أرقام مفزعة خلال الشهر الجاري تتجاوز ما حصدته «حمى الضنك» خلال بقية أشهر السنة, والأمر لا يحتاج إلى أكثر من حملات لمكافحة البعوض ورفع أكوام القمامة، وأيضاً معالجة مشكلة المجاري الطافحة أولاً فأول, وهذه مهمة أجهزة الدولة ومن وظائف ومهام السلطة المحلية للمحافظة، ومعها حملات توعية للمواطنين وحشد المجتمع لأجل ذلك . مرتع للأمراض والأوبئة مياه الصرف الصحي أو المجاري وتكدس القمامة والمخلفات مشهد آخر يبعث على الخجل، مجرد أن تضع أقدامك على الشارع تصادف غرفة مياه صرف صحي نتيجة الإهمال قد انفتحت واختلطت بالقمامة والتفت حولها الحشرات والبعوض، ومن هنا يبدأ مسلسل انتقال الأوبئة والأمراض، وكل يوم يذهب العشرات والمئات من أبناء المحافظة ضحية هذا الإهمال دون أي تحرك للسلطات في اتخاذ المعالجات الفعلية. الأمن ضمير مستتر ما يحدث في تعز كل يوم يرجعه البعض إلى تواطؤ حقيقي من قبل الجميع وكأن هناك من يريد الانتقام من تعز التي دفعت ثمن مشاركتها في أحداث ثورة فبراير غالياً ولا تزال حتى اللحظة. الناشط والصحفي تيسير السامعي قال: بأن هناك مجموعة من الناس من أبناء وطننا الحبيب لديهم قناعة راسخة بذلك، ويعتقد انه لو استقرت الأوضاع في البلد ونجح الحوار وتحقق حلم اليمنيين في بناء الدولة التي يتطلعون إليها فإن هذا سوف يقضي على مصالحهم التي حصلوا عليها في المرحلة السابقة، لذلك هم الآن يعملون كل ما بوسعهم من أجل إيقاف عجلة التغيير وعدم وصول البلد إلى حالة الاستقرار من خلال نشر الفوضى وتهديد السلم الاجتماعي، هذا هو سبب الانفلات الأمني الذى يعانى منه الوطن لاسيما في المدن الرئيسية.. ويضيف السامعي أن هناك من يريدون إيصال رسالة إلى المواطنين لا سيما المؤيدين للثورة الذين خرجوا إلى الساحات مفادها : لقد كانت البلاد بخير تنعم بالأمن الاستقرار فجاءت الثورة تدمر كل شيء؛ انهم يهدفون إلى إطفاء شمعة الأمل التي توقدت في قلوب الناس لاسيما الشباب وأصابتهم باليأس والإحباط حتى يعزفون عن مواصلة الثورة، و يشغلون إنسان تعز المواطن العادي والشباب المفعم بالفكر والثورة بقوت يومه، بأمانه على روحه وعائلته وأولاده وسيارته وحتى على هاتفه المحمول، عن تحقيق التغيير المنشود حتى تبق مصالحهم. الكلاشنكوف لستر العورة!! كثيرة هي ظواهر الانفلات والتراخي الأمني التي بات يشكو منها أبناء المدينة ويعتبرونها دخيلة على مدنية حالمتهم، ربيع السامعي - أحد الناشطين الشباب في تعز يقول إن المدينة أصبحت مسرحاً للفوضى والعبثية وذلك بمعاونة وتواطؤ بعض أبناء المحافظة الذين مسخت كرامتهم وامتهنوا مهنة الارتهان لمحبي الفوضى والحاقدين على تعز، خصوصاً منذ ما بعد توقيع المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق، حينها كان يؤمل الناس أن يسود الاستقرار وتبدأ التنمية في المحافظة المنكوبة إلا انه زاد الطين بلة وأصبحت تعز ضحية لصراعات الطامعين وانتشرت الفوضى بشكل أوسع، ومن اخطر هذه الظواهر هي ظاهرة الانفلات الأمني حيث اصبح السلاح منتشراً بصورة كبيرة في أوساط المجتمع، واصبح حمل (الكلاشنكوف) وغيره من الأسلحة كأنه قطعة أساسية لستر العورة تراه حتى مع قاصري السن. يتابع الناشط ربيع السامعي حديثه بالقول: اصبحناً نسمع كل يوم عن جريمة قتل أو انفجار قنبلة في سوق، أو جريمة سطو على محلات ذهب ومحلات صرافة، أو مواجهات بين عصابات في أسواق عامة خصوصا سوق القات مما يؤدي إلى سلب أرواح الكثير من الأبرياء، كنا قد لاحظنا خطوة ممتازة من مدير الأمن السابق السعيدي حيث قام بحملة ملاحقة المسلحين في أحياء تعز واتخاذ إجراءات صارمة تجاههم بمصادرة قطع السلاح أو إتلافها، بعد تلك الحملة خفت هذه الظاهرة لكن فوجئنا بإقالته واختفت تلك الحملة وعادت المظاهر المسلحة وعاد الخوف والقتل مجدداً؛ وأخرها ما حدث من اغتيال للدكتور فيصل المخلافي، ووجود جثتين على طريق البرح.. وغيرها من الجرائم التي يندى لها الجبين. الحالمة.. في عيون شبابها عبد الوهاب العامر احد الشباب الجامعي يقول: احترت في تقديم حديثي عن تعز، مدينتي الحبيبة، التي يتحدث عنها الكثيرون بأنها الحالمة؛ ولكن الواقع يتحدث بان تعز لم تصل إلى حلمها وستظل تُنكب بمياه المجاري والمخلفات ورصاص العابثين بأمنها، نغيب عنها ونعود وهي بأسواء حالتها من رائحه نتنه وأكوام القمامة المنتشرة في كل أزقتها ومناظرها المقززة!! - الدكتورة الفت الدبعي «عضو مؤتمر الحوار الوطني»: دعت إلى إنصاف أبناء تعز وبالأخص أولئك الذين استقروا في المدينة التي قالت بانهم اصبحوا - تعزيون أكثر من كل التعزيين، حزبيين أكثر من كل الحزبيين، عقائديين أكثر من كل العقائديين، ناصريين أكثر من جمال عبد الناصر، اشتراكيين اكثر من كارل ماركس، إسلاميين اكثر من أسامة بن لادن، بعثييين اكثر من ميشيل عفلق، مؤتمريين أكثر من علي عبدالله صالح، حوثيين أكثر من بدر الدين الحوثي، ثوريين أكثر من جيفارا، قبليين أكثر من بني ضبيان!!. قتل المخلافي جرم «اسود» بشأن الحادثة الأكثر تشنجاً من مقطع الانفلات الأمني في تعز والتي تمثلت في مقتل د فيصل سعيد المخلافي، أوضح حمود المخلافي بأنه لا يمكن لأحد من أبناء تعز أن يكون بعيداً عن تبعات وعواقب ونتائج الانفلات الأمني الحاصل في المدينة خصوصاً بعد أن اقدمت مجموعة من القتلة قبل أيام على ارتكاب أبشع وأشنع جرم (أسود) تمثلت بشاعتها بقتل أخيه الدكتور فيصل والذي كان لا يحمل أي قطعة سلاح في الشهر الحُرم وفي يوم التروية وهو صائم و في طريقه لأداء عمله وتدريس العلوم السياسية بالجامعة حد تعبير المخلافي. - المخلافي أيضاً وجه رسالة إلى جميع الشرفاء من أبناء تعز حثهم على التعاون وإنقاذ مدينتهم، حيث تحدث بالقول: يجب أن تتضافر جهود الجميع بدءاً من السلطات المعنية في المحافظة والمكونات السياسية والحزبية والشخصيات الاجتماعية للعمل بجهد تشاركي بعيداً عن أي مماحكات أو مهاترات جانبية، منوهاً إلى أن نار الانفلات الأمني المتعمد ستصل تبعاتها وآلامها إلى الجميع دون استثناء. وبشان اللجنة الرئاسية التي شكلها الرئيس هادي للنظر والبحث في تداعيات الحادثة قال حمود المخلافي: نطالب من اللجنة الرئاسية تسليم القتلة إلى يد العدالة لينالوا جزاءهم الرادع، مؤكداً مطالبتهم بتطبيق شرع الله ومثول القتلة أمام القضاء درءاً للفتنه، فالقضاء هو الحكم كان لنا أو علينا, ونحن مسلمون بما سيحكم به القضاء، وقد أشار المخلافي إلى انه سبق وان قام قبل فترة عيد الأضحى المبارك بالمشاركة بتقديم ورقة عمل خلال حلقة نقاشية نظمتها منظمة السلم الاجتماعي والتوجه المدني على صالة مبنى محافظة تعز وتحدث فيها حول هذه المسألة، ودع الجميع إلى ضرورة الشراكة الاجتماعية بين الوجاهات والشخصيات الاجتماعية المؤثرة وبين الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية على مختلف مستوياتها . وقد أبدى المخلافي في ختام حديثه حرصه على العمل من أجل وضع الخطط وبلورة الرؤى والتصورات الكفيلة بالتوظيف التكاملي لجهود الجميع بما يلبي متطلبات المرحلة في تحقيق الأمن وبسط السكينة والاستقرار في عموم محافظة تعز لنكون بمثابة النموذج الذي يستوجب على الجميع الإشادة والاحتذاء به. يحدث في تعز!! يشكو مواطنو وسكان تعز من الانطفاء المتكرر لشبكة الكهرباء وانقطاع شبكة المياه اكثر من أي فترة سابقة، ويذكر بعضهم أن هذا العمل متعمد ومفتعل يقصد به عقاب الناس والمحافظة لمشاركتها في قيادة ثورة فبراير عام 2011م، ويستغرب البعض من توافر المياه في بعض الحارات وانقطاعه عن أخرى مدة اشهر كاملة دون معرفة ما هي الأسباب والتداعيات من وراء ذلك، حيث انهم قاموا بالشكوى إلى السلطات التنفيذية والمحلية للمحافظة ولكن دون أن يلقوا أي تجاوب أو معالجات حقيقية. - اصبح الناس العاديون في تعز يعيشون حالة من القلق والتوتر الفعلي جراء الانفلات الأمني والتراخي الذي تعيشه المحافظة، فمجرد أن تكون ماشياً في الشارع قد لا تأمن على جوالك المحمول وما تحوزه من امتعة خاصة، الدراجات النارية هي الأداة السهلة للجناة الذين يبثون الفوضى ويمارسون بعض أعمال النشل والسرقة للناس المارة ومطاردتهم، حقائب النساء اليدوية مستهدفة بدرجة أساسية، يذكر البعض بأن العملية الأخيرة حدثت مع اكثر من امرأة وفتاة تكون ماشية في الشارع يأتي سائق دراجة نارية وينتشل حقيبتها وما تحمل بداخلها من مجوهرات ونقود. - كما أن تعطيل عمل إدارة التربية في المحافظة وغلق جامعة تعز لفترة طويلة وغياب الكفاءات والمعامل التطبيقية، وتفشي ظاهرة الغش في المراحل الأساسية والثانوية وخاصة في الأرياف، إضافة إلى إقحام العملية التعليمية في المماحكات السياسية، كل هذه الخلفيات عملت على انهيار قواعد العملية التعليمية في المحافظة. - وقد لوحظ خلال الفترة الأخيرة ذهاب بعض جيل الشباب من أبناء تعز إلى تشكيل المجموعات والشلل، والتخطيط لبعض الممارسات غير الجيدة منها تعاطي الحبوب المخدرة، والتجمع في الشوارع والحارات خلال الليل؛ في ظل غياب وانشغال الأسر عنهم ولربما عجزها عن تعليمهم كون الأغلبية منهم رجع من الاغتراب وبدون دراسة ويعيش في تخبط تام وكامل. =