قالت له: كنت أعلم أنك لن تعي فيض حبّي، حتى صرت لا أعرف لم تدعون العاطفة المقيتة التي تقطن صدوركم بالرجولة، والرجال يتباينون. أجابها عند إذ: أنتِ لا تعين معنى رجولة لأنك ِامرأة، وأطبق شفتيه، أدارت له ظهرها لتحمل علبة الشطرنج قائله: بل المرأة تعي كل شيء، لأنها كل شيء.. ربما لن تعي ما أقوله ولكن دعنا نلعب الشطرنج، وهذا هو: البيدق وها هو الجندي شاب يندفع إلى أرض المعركة يحمل روحه طائر أخضر بين كفيه؛ مستعداً لدفع روحه فداء للقيم التي يؤمن بها، أعدّته أنثى، وربّته أنثى، وزرعت فيه العديد من القيم يصرخ: عاشت بلادي، والبلاد أنثى، الحصان فارس يمتطي خيله، يحمل سيفه، لا ينتظر أن يمد غيرة يد العون، ربما هو عنترة، أو أنطونيوس، وليس من المستحيل أن تكون أنت، هناك في أرض المعركة يتحدّى الجميع من أجل تلك التي أحبها: أرض، وكرامة، وأنثى. الفيل عليه الزينة، وعليه الحُلي، والحلل، وكيف لا وهو من سيهدم حصون العدو؛ باحثاً عن المحبّة خلف الأسوار؛ لأن المحبّة أنثى، ولا تسأل عن هذه القوة الهائلة في الفيل؛ يكفي أن تعرف أن القوة أنثى، القلعة بلادي وعنها أذود، وأمضي بها إلى الأمام، وفي ساحة الحرب عنّي تذود، وتحميك أنت يا عزيزي؛ لأنك رجل، الشاه وعلى مر العصور تحكم النساء لكن من وراء حجاب، والرجال راضون يبرمون شواربهم في مكانتهم العالية، ولو أن أحدهم وقف ونظر إلى مكانته تلك؛ لوجد أن الآلاف من الرجال قد نالوها قبله، لكن رغم ذلك لا يدرك أنهم مثله وصلوا على تلك المكانة بفضل الملكة، عزيزي لا تذهب بنظرك بعيداً فما ملكة غيرها، وحدها أوتيت من كل شيء، لم تختف خلف الستار وتحكم من خلفه، أو تنصب رجلاً ليضع ستاراً على الستار، بل استبدلت الستارة بعرش عظيم، وإن شئت أن تذهب بنظرك بعيداً فانظر إلى الملكة التي بين يديك كيف تذود عن ملكها، وحدها تضحّي ووحدها تعبر كل السبل على رقعة الحياة، لا تفسّر تردّدها أحياناً بالمزاجية؛ إنما هو غيرة على ملكها، ورفض لمفارقته، ولو ترى كيف سأطلق لها العنان فتتخلّل الجنود، وتعبر كل الأسوار مستغلة مرونة جسدها ورشاقت، أنظر، أنظر كيف تصل إلى معسكر الأعداء، وها قد أدلفت إلى خيمة ملكهم تقترب منه، تحاصره بموت تحملهُ لهُ بين يديها وتسأله: أين مليكتك..؟! فيجيبها أن قدمتها كبش فداء.. تستل خنجرها لا تطيق أن تراه حيّاً حتى وإن كان خائفاً. *** لم تبقَ إلا حركة واحدة وأقولها «كُش ملك» ولكنني يا عزيزي كجدتي، لن أُنهي اللعبة ولا أحبّذ هذه الفكرة، أتعرف لماذا؟!، لأنني لا أريد أن أراك خاسراً أمامي، ولا أريد أن أرى الملكة التي بين يديّ تقتل الشاه الذي «يمثلك» فخير لها أن يكون أسيراً بين يديها من أن تلوّث قدميها بدمه، في لعبة نهايتها لابد أن تكون “كُش ملك”.