شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    علي ناصر محمد يفجر مفاجأة مدوية: الحوثيون وافقوا على تسليم السلاح وقطع علاقتهم بإيران وحماية حدود السعودية! (فيديو)    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين وحدة القصيدة وواحدية الثورة والقدر والمصير
أدباء شباب: الشعراء أول من حملوا جذوة الوحدة وعانوا كثيراً في سبيل تحقيقها
نشر في الجمهورية يوم 23 - 05 - 2014

قدر اليمني أن يكون حالماً، ومن أكثر الأحلام التي حلم بها في القرن الماضي حلم الوحدة، ومن أكثر الشرائح التي عبرت عن حلمها هي شريحة الفنانين والشعراء، وهم الأرهف حساً, والأكثر إحساساً بحاجتنا للوحدة، كقيمة من القيم، وأدبية من أدبيات النضال الوطني، طالما عمل من أجلها الوطنيون, خصوصاً الأدباء منهم.. فلا نذكر الوحدة إلا ونستدعي أسماء طالما تغنت بالوحدة، وتنبأت بها أمثال الرائي عبدالله البردوني وعبدالله عبدالوهاب نعمان الفضول ومحمد سعيد جرادة ولطفي جعفر أمان وإدريس حنبلة وهادي سبيت وغيرهم الكثير..
يا ترى أدباء اليوم وشعراؤه هل هم حالمون..؟ كيف يقرأون الوحدة اليوم في ظل المتغيرات والأحداث والنذر التي تريد أن تقضي على كل معنى جميل, ما هي المآلات التي تنتظر اليمنيين بعد مؤتمر حوار وطني, ينتظر الجميع تحقيق مخرجاته واقعاً ملموساً بين الناس, فيتم إعادة الاعتبار للوحدة ومعانيها الخالدة في وجدان الإنسان اليمني التواق للعيش بسلام وأمان وطمأنينة..
شغف
البداية كانت مع القاص حامد الفقيه، والذي يرى بأن الوحدة اليمنية حلم شعبي وشغف، كان يرتجيه كل أبناء الشعب.. ومازالت برأيي حلماً إلى الآن، كون ما حدث كان شكلاً من أشكال الوحدة القسرية والإجهاد الاعتباطي .
أغنية
فكانت الوحدة اليمنية أغنية الأدب شعراً وسرداً كما يقرر الفقيه، وكان الإنسان يحلم بها كونها تلم شتات جسد واحد... وعندما جاء السياسي بمشاريعه الضيقة وأد الحلم بعطش الثروة، وأحرق أرض الحلم بشح مشاريعه فأمم واستأثر ووزع كهبات من حياة الآخرين... لذا ما عادت الوحدة بالصورة النمطية، التي قامت منذ أكثر من عشرين عاماً، هي الإطار الصحيح لوحدة مطلوبة، بل نحن نطمح اليوم للتطبيق الفعلي للوحدة اليمنية، التي تحترم الإنسان وتصون حقه، وتحفظ حق الشعب ولحمته القوية ومعالجة ما سببه اعوجاج الإدارة السابقة ونظامها السلطوي...
جامعة
الشاعر فخر العزب بدوره يرى بأن الوحدة ستبقى حلم كل عربي يستشعر انتماؤه إلى العروبة الجامعة لشعوب الأمة العربية, من المحيط إلى الخليج، والتي تجمعها عدد من الخصائص الثقافية كاللغة والدين والتراث الحضاري، ما يجعل من الوحدة واقعاً بانتظار أن يتحقق، ولذا لا غرابة أن نرى شعراء العروبة وفنانيها قد تغنوا بالوحدة ولا يزالون باعتبارها الحلم الأجمل.
خصوصية
وعن وحدتنا اليمنية يقول العزب: نحن في اليمن لنا خصوصية السبق إلى تحقيق الوحدة اليمنية التي وجدناها واقعاً في القلوب وفي أشعار الفضول وألحان أيوب قبل أن تنسج أشعتها من شمس الثاني والعشرين من مايو 90 ولذا فإن العيون ستبقى شاخصة الآن نحو الوطن الأكبر الممتد من الماء إلى الماء لنبني مجد هذه الأمة.
تثبيت
وعن ثورة فبراير والوحدة يقرر العزب بأنها فتح جديد, وقد عملت على تثبيت مداميك الوحدة من خلال أغلى ما يخطر على قلب بشر, حين شاهدنا ساحات الثورة في طول البلاد وعرضتها تعيش على ألم واحد وحلم واحد ، وفي الساحات اختلط الدم اليمني مع بعضه في أبدع صور التضحية والفداء ما عمل على تعميق وحدة القلوب التي هي بلا شك أهم من الوحدة الموقعة على ورق.
لكن ما تلا ثورة فبراير هو ما يبعث على القلق في ظل ظهور مشاريع التخريب إن صح الأمر والتي تقودها القوى الرجعية والمتآمرة على ثورة فبراير وعلى مطلب الشعب في بناء الدولة المدنية الحديثة, وهذا ما يضع على عاتق الشعراء مهمة جديدة وشاقة تتمثل بتوعية الجماهير بالحفاظ على مكاسب الثورة والوحدة.
وعد
الشاعر أحمد الجهمي أحد الشعراء الشباب يقول: لقد صدق وعد الوحدة، وصدق معها وعد الشعر، وخرج الشاعر الكبير لطفي جعفر أمان ليعلن للعالم، بأن بلاده صارت حرة، ولم يعد على أرضها الطيبة من يدنس طهارة التراب:
على أرضنا..
بعد طول الكفاح
تجلى الصباح..
لأول مرة
وطار الفضاء
طليقاً رحيباً
بأجنحة النور
ينساب مرة
وقبلت الشمس
سمر الجباه
وقد عقدوا النصر
من بعد ثورة...
لقد حمل الشعراءُ رسالة الوحدة من مهدها مهيئين الجماهير ومحملين خطابهم الشعري الثوري الوحدوي مفاهيم ومبادئ الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر الخالدة:
ولي وطن آليت ألا أبيعه
وألا أرى غيري له الدهر مالكا
فكانت هناك وحدة القصيدة وواحدية الثورة والقدر والمصير وهذا الذي لا بد أن نتنبه إليه..
أزلية
هناك أشياء تجمع اليمنيين وتوحد مصيرهم ومنها الوحدة التي يقول عنها الجهمي بأنها أزلية, والتاريخ خير شاهد على ذلك, وهو ما دعا الشاعر علي بن علي صبرة إلى استيقاف التاريخ واستجوابه في مطلع قصيدته, التي ألقاها في الذكرى الثانية لقيام الثورة عام 1964م والتي يقول فيها :
وفي الوحدة الكبرى مصير وغاية
لنا فإليها لم تعقنا الموانع
وحتمية التاريخ تفرض نفسها
إذا اعترضتها في الطريق المطامع
جذوة
الناقد والشاعر علي أحمد عبده, يعود إلى بدايات الحلم, وإلى مخيلة الأدباء والشعراء, الذين هم أول من حملوا جذوة الوحدة, وهم من عانوا كثيراً لتحقيق حلم الوحدة وقد افنوا فكرهم وسخروا أقلامهم لذلك, وما يحدث اليوم من تمزيق تحت أسماء وشعارات ما هو إلا خيانة لأحلام المفكرين والأدباء وحملة الفكر عموماً..
تاريخ
وعن ذلك التاريخ الجميل يقول علي: سوف أعرج على بعض ما دونه أولئك الأدباء والمفكرون. فهذ أستاذنا المقالح يقول:
جاءت إليك وأهدتك ورد لقاء
تأخر موعده وجبال العقيق
أماطت عن جبال الثرى
واصطفت لك منه النفيس
يباركك يا عدن المنتهى
يا توأم الاكتمال.
ويقول متحدثا عن مآسي التشطير:
وطن كان نصفين
والبحر كان نصفين
أزهقه الغرباء بأصواتهم
وخناجرهم
سقطت روحه للحبيب
وصارت حقيقته كالحبيبة
نصفين مشطورة
ومكللة بالسواد.
وهذا البردوني يتحدث عن التشطير بأنه أزمة هوية وآزمة خصوصية وشتات, يشبه الاغتراب الروحي :
يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن
جنوبيون في صنعاء شماليون في عدن
ويقول عبد الله عبد الوهاب نعمان:
وحدتي وحدتي يا نشيداً رائعاً يملأ نفسي
أنت عهد عالق في كل ذمة
ويقول القرشي عبد الرحيم سلام:
لا أحبك إن أتاك العاشقون بصورتين
وأنت ريح في الشمال إلى الجنوب
إن دمي معي فاستمطريه
واسكبيه سحابة
تأتي تؤلف بين أشطار الجنان.
ويقول محمد سعيد جرادة عن الوحدة إنها أصالة ضاربة في التاريخ, منذ عبد يغوث وغيره:
ومشى الربيع بحر فوق ربا
اليمن السعيد خضر أبراد
وسمعت عبد يغوث يوقظنا
من خلف أبعاد وأبعاد
نادى بتوحيد البلاد وقد
ربض الردى منه بمرصاد
هذا نزر من آلام المفكرين في الوحدة والناشدين لها منذ عقود كيف حلموا, وهل تحقق الحلم أم ما زال في طور التحقيق..
منجز
أما أحمد أبو النصر يؤكد أن الوحدة كانت الحدث الأبرز في تاريخ الشعب اليمني، والدولة اليمنية الواحدة, وقد ضرب اليمنيون أروع مثال في الوطن العربي في توحدهم عام 90 والوحدة لم ترتبط بأسماء أو أشخاص, فقد كانت منجزاً لشعب بأكمله، وليست منجز أفراد، أما بالنسبة لتغير النظرة، بعد الثورة والأحداث عندما أسيء استخدام مصطلح الوحدة من قبل البعض فأساؤوا إليها فتغيرت نظرة البعض إليها، وبدأوا ينفرون من الوحدة إلى أن جاءت ثورة الشباب خرج البعض عن صمته بسبب تلك التصرفات غير المسؤولة، وبدأوا يرفعون علم التشطير، وينادون بفك الارتباط، ولكن القضية الجنوبية أخذت نصيب الأسد في مؤتمر الحوار، وأعدت لها الحلول العادلة، وأعتقد أن مثل هذه الحلول المرضية، سوف تساعد على بقاء الوحدة أكثر فأكثر..
اتحاد
لكن يبقى الأمل فيرى أبو النصر أن ثورة فبراير عملت على ترسيخ مبادئ الثورة، وذلك من خلال توحد المطالبة بإسقاط النظام البائد في الشمال والجنوب واتحدت الآراء، والتقت عند هدف واحد، وهو رحيل رأس النظام، وهو من أساء استخدام الوحدة في نظره..
سجن
الشاعر محمد الحريبي يبدأ كلامه بسؤال وهو, هل بدأت الوحدة لتنتهي بالتأكيد لا.. لكن هل الوحدة في وضعها الصحيح الآن ببساطة هي ولدت من رحم الشعب, ولم يلدها الشعب لتموت لكنها سُجنت لفترة في زنازين تجار الحروب, وها هي تعود إلى الشعب مرةً أخرى, لا يجدر بنا الخوف على الوحدة, بل يجدر بنا بناء أُطر جديدة لا تقيدها وإنما تحميها..
إعادة
وعن نظرة الشباب اليوم للوحدة يقول الحريبي: والدي من تعز وقاتل ضد الاحتلال البريطاني, هل يعني هذا أن الوحدة بدأت في عام 90, كلا الوحدة أكبر من أن يلتهمها ضعاف النفوس, فقط يجدر بنا إعادة بناء العلاقة بين الشمال والجنوب لا بواسطة ناهبيّ الأراضي وناشريّ الموت, بل بأيدي البسطاء والصادقين وبالحب وحده تُبنى الأوطان فقط بالحب..
مخيلة
الشاعر حسن الخميسي يرى الوحدة اليوم كحبالٍ أرهقتها الشمس تكاد أن تتقطع وصالها ، ولا شك أن الوحدة الحلم الذي يأبى الزوال من مخيلة الكثير من الشعراء سواء في الجنوب أم في الشمال وما أجمل أن نظل لحمة واحدة شعباً واحداً, حتى وإن تخللت الكثير من المشاكل واختُلقت الزوبعات هنا وهناك, إلا أنها ستزول إن شاء الله, بالنسبة لثورة فبراير أعتقد لم تنجح في ترسيخ الوحدة, بل كان لها الدور السلبي في إعطاء دافع فك الارتباط لدى البعض من إخواننا.
قصيدتي
يعود بنا الشاعر أحمد عطاء إلى بدايات إعلان الوحدة بأنها عند بزوغها كانت كالمعجزة التي انتظرها الجميع... ولكن سرعان ما أفشلوها شياطين السياسة... فالوحدة هي قصيدتي التي أبحث عنها وأعجز عن كتابتها, هي تلك الغيمة التي تود الاقتراب ولكن أهل المدينة يرفضونها.. إنها آية مقدسة, شجرةٌ خضراء أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء, ولو نظرت إلى الشعراء الذين عاشوا فترة تحقيقها ونصوصهم التي تسيل لها الدموع شلالات:
( وحدويون ولافي مجتمعنا شاذ
ولا فينا انفصالي ...
وحدويون ولا هذا جنوبي عاد ولا هذا شمالي..)
فكانت بستاناً شعرياً لانهاية له, تمنيت أن أعيش لحظة ولادتها... لا لحظة احتضارها..
مظلة
الشاعرة منى سلمان تؤكد بأن الوحدة لا تزال الحضن الدافئ لكل اليمنيين.. رغم كل الأحداث التي مرت ببلادنا في الأربع السنوات الماضية, إلا أن الشباب ما زالوا يستظلون تحت مظلة الوحدة, وحلمهم أن يحققوا أهداف ثورتهم الشبابية دون خسرانها, ولو كلف ذلك أزمة اقتصادية وسياسية.. الشاب اليمني ينظر للوحدة كأم ثكلى, نذرت بدم ابنها الغالي للأرض والوطن, وبكل ما ستحمله الأيام المستقبلية القادمة من أحلام وأمنيات جميلة, يسعى إليها ستظل الوحدة أبدية..
حقيقة
الشاعر صدام المقطري يرى بأن الوحدة اليمنية لم تعد حلماً, بل حقيقة على أرض الواقع، لكن بالإمكان أن نقول عنها أنها حلم اليقظة, موجودة لكننا لا نسلم بها، وللأسف الشديد خاصة في السنوات الأخيرة الماضية الأسباب معروفة ولا تخفى على أحد .. أما عن كيف ننظر لها كشباب في الحقيقة هناك مخاوف كثيرة رغم كل التطمينات المصاحبة, مع مخرجات الحوار وأن الوحدة خط أحمر.. لكن من التجارب السابقة فقدنا الثقة في الحكومات، وأن كل هذا الحديث عن الوحدة بأنها لن تُمس ربما يكون محض كلام لا أكثر، ورغم هذا أملنا بالله ثم بالقوات المسلحة، وبالقيادة السياسية كبير جداً.
مخاوف
وعن القادم وما ينتظر الوحدة من أحداث يقول المقطري: هناك مخاوف أخرى من جراء التقسيم ، على الرغم أن التقسيم إداري ومالي محدود الصلاحيات, خاصة في ظل هشاشة الدولة.. فمن المعروف أن الوحدة تمت بين قيادتي الشطرين, وأن مع إعلان قيادة الشطر الجنوبي الانفصال في أحداث ماضية سابقة، هي بهذا قد نسفت كل جميل كان لها من أجل الوحدة... عكس الشمال في اعتقادي الشخصي من خلال الأحداث السابقة وصمود الشعب اليمني و القيادة في وجه كمية التحديات، التي واجهتها وكذلك كمية التنازلات التي اتخذتها هذا كله، يبين أنها مازالت تتربع حب اليمن، وأن كل إجراء اتخذته يصب في هذا الاتجاه ...
استياء
وعن تصحيح مسار الوحدة يؤكد صدام بأن هناك أخطاء حصلت بالتأكيد, وهذا هو سبب استياء الجنوبيين، و تكمن أغلب الأخطاء في القيادات القبلية وبعض القيادات العسكرية، التي استغلت موارد الجنوب مع عدم وجود رقابة ومحاسبة حقيقية لهؤلاء، وكان هذا تهديداً حقيقياً للوحدة اليمنية.. وبالطبع بالإمكان تصحيح الأخطاء ولهذا كان الحوار ونجاحه دليل على أن هناك وعي شعبي حقيقي على أهمية ترسيخ وتعزيز الثوابت الوطنية للشعب اليمني الواحد.
تعزيز
ويرى المقطري بأن ثورة فبراير قد سعت قوى سياسية انفصالية إلى استغلال الأحداث، بما يعزز الانفصال، وبالطبع كل محاولاتهم باءت بالفشل مع إعلان الحوار الوطني، ولا نستطيع أن نحكم الآن هل ساهمت في تعزيز الوحدة أم لا حتى تتجسد مخرجات الحوار في أرض الواقع، ويستتب الأمن في جميع الأراضي اليمنية، حيث لا يخفى على أحد أن بعض القيادات الجنوبية مازالت تدعو للانفصال، إضافة إلى التهديدات الأخرى والتي لا تتعلق بالقيادات الجنوبية مثل القاعدة وغيرها..
مكسب
قد يوافقه الرأي الشاعر محمد حسن القزحي, ويقول: إن ما يمر به الوطن من مشاكل وأزمات على كافة الأصعدة, جعل المواطن, وإن كان ومازال يرى الوحدة مكسباً لا يمكن التنازل عنه إلا انه نتيجة للأوضاع الاقتصادية والأمنية والخدمية, التي تمر بها اليمن يضع أولوية التفكير في حل مشكلاته اليومية, كالمطالبة بتوفير احتياجاته من الماء والكهرباء والغاز وغيرها, ومن الاحتياجات الهامة, ومتطلبات الحياة ولا يميل كثيراً للتفكير في قضية الوحدة والسيادة, رغم أنه لا يمكن التنازل عن تلك القضايا, التي يعتبرها ثابتة لا يمكن التنازل عنها..
ملفات
الشاعر إسماعيل القبلاني يرى بأن هناك مشكلات كثيرة, تمس الوحدة لا بد من إيجاد الحلول لها, فعن مسألة الديمومة نحو الانفصال, أو البقاء على قيد الوحدة بحاجة لتناقض مهم جدا.. فالانفصال بحاجة لأن تتوحد القوى في الجنوب، والبقاء على قيد الوحدة بحاجة إلى أن ننفصل في الشمال عن كل ملفات الماضي، ومن سببوها وهي نفسها الملفات، التي تسبب هذا الصراع الذي يعصف بالشمال والجنوب، وهي أن الوحدة كانت في طريقها لتصبح حقيقة على الواقع من قبل نظام صالح، الذي استغل كل مراحل التكوين التي سبق وشكلتها القوى الحرة في الشمال والجنوب مع الناس، والتحامهم بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر حينها واستغلال نظام صالح لذلك، هو ما خرقها في الماضي.
ضرر
فمن المشكلات التي كان لها التأثير على المسار الوطني ومنها الوحدة, يرى القبلاني بأن حرب 94 كضرر جانبي لعدم بقاء التكوين على القاعدة الأولى له.. اغتيال الحمدي واختفاء قادة الجنوب على رأسهم عبد الفتاح إسماعيل، وكل الاغتيالات, التي حدثت عملت على تشكيل جنين مشوه للوحدة، ومات في الحرب بين الشمال والجنوب، مما جعل الوحدة تستمر بانتصار الطرف المنتصر، وكأنها من مكتسبات الحرب، أما الحلم الجميل ومسألة بقائه كتعبير للوحدة، فهو باق ببقاء القادة العظماء، الذين شيدوا خطوات الوحدة الأولى، وسيبقى جميلاً كهمٍ، وكذلك ستبقى الوحدة..
تكوين
ويؤكد القبلاني بأن الوحدة يراها الشباب بطريقة أعمق, مما يراها الساسة اليوم مثلاً، ثورة الشباب قد عملت على إخراج التكوين الأول للوحدة، وانطلاق الثورة بالجنوب دليل على ذلك، كما أن ثورة الشباب جاءت بحل، ربما لم يكتشفه أحد, وهو أنها عملت على إسقاط النظام المركزي الفاسد، وحررت الوحدة من العلة، التي فرضتها بالقوة وقلوب الناس وتوحدهم بثورة الشباب أكبر دليل على ذلك، أيضاً قبل أن يتم تحريف القيم والمبادئ، فقد عملت على ذلك كثيراً، ولكن تصفية الحسابات وتحريض قوى الحراك، التي فرضت نفسها ولية على الجنوب وأحراره، أظهر بأن ثورة الشباب عملت عكس ذلك، وتجسد العكس للأسف في ذهنية الناس أكثر..
نضج
أسعد محسن يتحدث عن المواطن الذي طالما نشد الوحدة, وطلبها لكنه يرى بأن الشارع اليمني أصبح ناضجاً, ويعرف أن الذين حققوا الوحدة ليسوا رموزاً وطنية، بل على العكس أصبحوا رموزاً للفساد والفشل.. بالتالي لم تكن النية الوطنية للقيام بالوحدة إلا من طرف الشعب.
تلميع
وفي نظرة مغايرة الشاعر أحمد علوه يرى بأن في الواقع هناك الكثير من الروابط الشعبية, وتتغلب على منطق الانفصال, بينما لم تتم الوحدة من حينها على المصلحة الوطنية, فتلميعها كان أكبر من حجمها على الأرض.. التسامح الشعبي أكبر من ثورة الوحدة وهيلمانها الإعلامي السابق واللاحق, إلا أن المال والأجندة الخارجية, لها مآربها وستصل من خلال ضعفاء الوطنية, فاللعب على التضاد والتناقضات تخلق فرص كراهية, وهذا ما يحدث في الجنوب بأكمله بينما يقابله التسامح في الشمال.. وهذه هو ما يحدث للأسف الشديد.
مصير
الشاعر فتاح المقطري يرى بأن الوحدة ليست حلماً يراود خيال الشعراء, إنما الوحدة مصير ولا تخرج عن التغني بالوطن .. صحيح أن هناك من استغلوها واتخذوها مغنماً لتظهر الوحدة برداء بشع ..أيضاً الذين جعلوها ملكية خاصة... كل تلك شوهت من هذه الكلمة الجميلة بكل ما تحمل من معنى, أما عن ثورة فبراير يرى بأنها لم تعمل على ترسيخ مفهوم الوحدة بمعناها الصحيح..
قدر
خالد نصر يرى بأن الحديث عن الوحدة حديث ذو شجون, فهو بمثابة الحديث عن اليمن, هو حديث عن الروح, التي لا تقبل الانقسام, الوحدة اليوم أكثر حضوراً في الوجدان, ليس في أعماق الشعراء فقط, بل في أرواح اليمنيين النبلاء كلهم, هذا هو قدرنا الأبدي الذي لا مفر منه, إنه الاتساق, مصطنع الانسجام الرهيب لهذا البلد الحبيب, مقومات عظيمة عمقت التواشج, ورسخت الحب في الوجدان الجمعي لهذا الشعب الكريم, الوحدة ليست حلماً يراود المخيلة, لكنه واقع نعايشه, ولن يفارقنا إلى الأبد.
فهذه ثورة فبراير الشبابية النقية قد عملت على ترسيخ مفاهيم الوحدة, بل وجسدت أروع الصور في التلاحم البديع في شوارع وساحات الوطن, ويبقى الإشكال الوحيد التوتر السياسي الذي سوف ينتهي مع الوقت هكذا يقول التاريخ..
حب
وأخيراً الشاعر فاروق الصلوي يرى بأن من أكثر من تغنى بالوحدة وقيمها, هم الأدباء والشعراء, فقد خدموا وطنهم بحب صافٍ و مشاعر صادقة. وعبروا عن أن الوحدة راسخة في قلب كل يمني غيور و قد قلت فيها:
علاقتنا بوحدتنا عريقة
فوحدتنا هي الأغلى عشيقة
نبادلها من الأعماق حبا
تولّد من قلوب مستفيقة
هي المعنى الأخير لما نراه
يناسبنا لتأكيد الحقيقة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.