بمقارنة سريعة بين فكرة الإله في الأديان نلاحظ أن فكرة الله في الإسلام - كما يحكي القرآن - هي الأكثر تجريداً وتنزيهاً وبالتالي الأكثر كمالاً, فالإله في اليهودية - كما تحكي التوراة التي بين أيدينا - خاص باليهود فقط, والإله في المسيحية - كما تحكي الأناجيل التي بين أيدينا - اندمج بالإنسان في شخص عيسى, أما الإله في بقية الأديان فإنه يتمثّل في إحدى المخلوقات سواء في إنسان أو نجم أو نار أو غيرها من المحسوسات, وفي كل هذا ابتعاد عن التجريد “ليس كمثله شيء”.. ومن ناحية أخرى فإن فكرة الإله في الدين الإسلامي بسيطة وغير معقدة وخاصة إذا ما قورنت بالمسيحية, ولذا اعتبر هيجل أن بساطة المعتقد الإلهي في الإسلام أدى إلى ذيوع الإسلام بين شعوب مختلفة، ولو أن الإسلام في عصرنا وجد له فلاسفة كما حصل مع المسيحية لكان اليوم أكثر انتشاراً, فما عمله كانت من عقلنة للدين المسيحي, وما عمله هيجل من تديين للعقل الغربي كان لهما أثر كبير في نقل المسيحية إلى مستوى تعايش فيه العلم والحداثة.. أما أولئك الذين يكتفون برمي الدين في سلة المهملات كي ينطلقوا في نهضتهم بحسب زعمهم, فإنهم لم يدرسوا جيداً للأسف تاريخ صعود الحضارات وأسباب انحطاها , واكتفوا بمضغ بعض الأفكار دون أن تلوكها ألسنتهم جيداً, فابتلعوها كما هي فأصابتهم بعسر الهضم.